الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "الفكر"

بيان حقيقة (جواب الاستاذ محسن بن حميدة)،

Share

لقد وجدنا انفسنا عند قراءة هذه الكلمة التي تريد ان تكون " نقدا نزيها " بين امرين اما ان نهملها واما ان ناتى ببعض التبيين والايضاح نقصد منهما افادة جميع القراء لا الرد على " نقد " المراسل لاننا جعلنا رائدنا الفكر فكان تقديرنا له وتقديسنا إياه اعظم من كل انانية او هزل وبذل جهودنا فى تحقيق القيم العليا وإيقاظ الوعى الانسانى اصلح واوكد .

فاعلم ايها القارىء ان النقد اعسر انواع الادب وان اعسر النقد نقد الشعر واعلم ان الشاعر الحقيقى ابعد الادباء عن نقد الشعر لاسيما الشعر العربي الحديث الذي هو قبل كل شىء نبذ مطلق لادب الموعظة وثورة جامحة على الاوضاع والاشكال والتقاليد وزبدة تجارب ذاتية خاصة تتحد فى مدلولها ومضمونها وغايتها مع القضايا الانسانية العامة .

فاذا كان هذا جوهر الشعر العربي الحديث اصبح فيه الاسلوب والتعبير عاملين اساسيين غايتهما الاولى النفاذ الى قلب القارئ ثم اثارة شعوره الواعى وتشريكة فى تجربة الشاعر التى هى فى الحقيقة متصلة قوى الاتصال بقضية انسانية .

ولقد خطونا بك ايها القارىء الخطوة الاولى اذ لا نشك فى اننا نفذنا الى قلبك والدليل على ذلك قولك : لا يسعنى الا ان اقول ان " الزميل " الشاعر قد وفق في اظهار الفظاعة والقسوة ...

ولو اعدت قراءة القصيدين مرة او مرتين لكنا اثرنا شعورك الواعى ووضعناك فى قلب الماساة الانسانية العامة التى الهمتنا اياهما .

ولو تصدنا لتعليل تلك الطمأنينة ( السكون فى " صيحة شهيد " ) وذلك الجليد ( فى " حبيب وحبيب " ) الذي ما كان ليعسر على " شاعر " مثلك ان يتبين منه برد اليقين لو تصدينا لتعليل ذلك وتحليله لادى بنا الامر الى تحليل القصيدين كما يكون ذلك فى دروس التحليل الادبي فى المعاهد الثانوية او كليات الادب بينما يجب على الشاعر ان يكون ابعد الناس عن تحليل شعره لان غاية الشعر هى الايحاء الفنى وتحليل الشاعر لشعره قتل لايحائه وتحديد لآفاقه و " فض لبكارته " كما يقول صديقنا الاستاذ الطاهر قيقة فى شيء من الدعابة اللطيفة وكثير من الجد .

اما الشكل فهو اسلوب تعبير فني لا غير لذلك وجب عليه ان يتماشى تماشيا دقيقا مع مضمون الشعر فأدى ذلك بالشاعر العربي الحديث الى كسر قيود الاوزان التقليدية ونبذ القافية الموحدة المألوفة فتحرر الشعر بذلك من العبودية كما تحرر منها الانسان .

ولا يسعنا هنا - لضيق المجال - ان نستقصى هذا الشكل ادناه واقصاه ظواهره وخفاياه لان ذلك يستدعي منا سعة الوقت والاطناب فى العرض ومنك عناء الانتباه ونزاهة الانقطاع وتيقظ الوعي ونحن نشفق اليوم عليك من هذا وعلينا من ذاك .

فدعنا ادن ودعك مما يتبناه الشعر العربي الحديث من الاوزان التقليدية وما سيحدثه الشاعر حتما من الاوزان الجديدة وما يستعمله وسيستعمله فى القصيد الواحد - بل فى البيت الواحد - من مختلف التفعيلات المألوفة منها والمبتكرة .

وسنوافى القراء يوما - نأمل ان يكون غير بعيد - بدراسة ضافية فى الشعر العربي الحديث مضامينه واشكاله حاضره ومستقبله .

اشترك في نشرتنا البريدية