ان الاسلام اذا نفض غبار التوانى والتقاعس ووحد صفوفه استطاع ان يصمد للعاصفة صمود الصنديد الثابت فتمر عليه بسلام ويبقى بعدها ثابت الاركان ويحيى حياة القوة والسؤدد .
العالم اليوم يقف على بركان ثائر من الاضطراب ، وتهب على انحائه زوابع قاسية من الفوضى وعدم الاستقرار . و" تمثال " الحضارة الغربية المسيطرة على الميدان ، فد صوبت اليه السهام الفتاكة ، وسدت عنه وجوه " الامل " فى الخلود . وابتسامه الساحر تبدل وجوما ، وشموخه الرهيب انقلب حسوما . ولقد شعر بحراجة الموقف ، واحس بدنو الساعة ، وانه ليخشى ان تحطمه هذه العواصف وان يقتلعه هذا البركان .
واذا فرض انهيار هذا " التمثال " العظيم الهائل ، فمن هو يا ترى يتقدم الى الميدان ، ليقيم على انقاضه حضارة " المستقبل " المنشودة ، المفعمة بروح النبل والطهر ، والتسامح والصفاء ، والروعة والخلود ؟
هذا هو سؤال الساعة !!
وللاجابة على هذا السؤال اجابة عملية ، لا قولية ، ارى انه يتحتم على الاسلام ان يستعد من الآن ، ليكون فارس " الميدان المجلي ، وهذا يكون إذا استيقظ بنوه من غفلتهم ، واطرحوا عن كواهلهم اعباء الكسل ، والقوا من ادمغتهم اردان الخمول والتواكل ، واذا عرفوا ان الفرصة سانحة لهم اليوم ، للنهضة المجيدة ، واذا فطنوا لأن عليهم اهتبال هذه الفرصة ، فاضاعتها شعار التدهور والغفلة الشائنة ، وما كل حين تواتى الفرص ، وما على الاسلام ان يتجرع كل
حين مرير الغصص . وانا زعيم بان الاسلام اذا نفض عنه غبار التوني والتقاعس واذا وحد صفوفه ، استطاع - والحالة هذه - ان يصمد للعاصفة ، صمود الصنديد الثابت ، فتمر عليه بسلام ، ويبقى بعدها ثابت الاركان ، ويحيى حياة القوة والسؤدد وانا كفيل بأنا اذا وزنا الموقف العالمي الحاضر بميزان الدقة والنظر الثقب اثار منا هذا الصنيع عوامل التحفز لنبث ما أقبره الهادمان : الجهل والجمود ، من تراث مدنية الاسلام ، وانا اذا نقبنا عن هذا التراث القيم واعملنا مطايا العزم الحديدى فى التهام ما أثلته هذه الحضارة الغربية القائمة اليوم قبل انهيارها من فنون ميكانيكية مستغربة ، وصناعات كهربائية مدهشة ، نتلقفها عنهم تلقف الجوعان المشغوف ، مستعينين في سيرنا الحثيث بوثبات الجد والطموح والاقدام والشغف والاهتمام التام - اذا فعلنا ذلك كله فسرعان ما نتملك ازمة الصناعة الحديثة ، وسرعان ما نستولى على " مفتاح " العلم الصناعي وسرعان ما نكتشف " سر " العلم الفنى . واذا تملكنا كل هذا ، واستمددنا فى تقدمنا المنشود من النورين : نور علمنا القديم " المختفى " وهذا النور الجديد الذي اوشك ان " ينطفى " - هناك نستطيع ان نكون بحق مشيدى يروح الحضارة القادمة
وهناك نتمكن من ان نصبح سادة العالم الهادين ، وقادته الراشدين ، كما كان اسلافنا الا ماجد ، بناة الحضارة الاسلامية الزاهيه وفى طليعة موكبهم المهيب الزاهر منقذ سفينة " البشرية " من تعاريح الضلال ، ومهاوى الانحطاط " سيدنا محمد " ابن عبد الله ، صلى الله عليه وسلم ، ومن ورائه اسود الاسلام وسيوفه ، ومجومه ومصابيحه يتقدمهم العمران والخالدان ( ١) والسعدان( ٢ ) ، ومن جاء بعدهم من الفاتحين البواسل كموسى بن نصير ، وطارق بن زياد ، بطلى الاندلس ، وكالمنصور بن ابى عامر وعبد الرحمن الغافقى ، بطلى الأرض الكبيرة(٣) وكصلاح الدين الايوبي والمعتصم
العباسى ، بعالمى الشرق الادني ؛ وسوى هؤلاء الفاتحين من رجال "الفتوحات " العلمية كجابر بن حيان والبيروني ، وابن سينا والفارابى ؛ وابن حوقل والبلخى وابن بطوطة وابن خلدون ، وابن ماجد وابن فرناس وغيرهم من رافعى علم الحضارة الاسلامية من كل ندب همام ، اوقف نفسه ، وارخص نفيسه فى سبيل رفع منار ملته ، ففاز بالحسنيين ، وكان من الخالدين . "كاتب " ٠
