الافغاني ينتقد قصتيه

Share

القصتان المطبوعتان اخيرا باسم " ما يعجز الشيطان عن منحه " و " الارقاء

طبعي أن أول ما يتبادر الى الذهن هذا السؤال : هل يستطيع الكاتب أن ينتقد عمله أم لا . . اما انا فأرى انه يستطيع لانه ابصر بمواطن اخطائه من غيره . . الا انه يعجز العجز كله لو انه أراد أن يستجلى الفكرة المرتسمة في اذهان قرائه عند قراءة عمله . . سواء اكان موقعها فى نفوسهم حسنا او سيئا . . ومن هنا بدأت أهمية العثور بالنسبة للكاتب

على ناقد يبصره بموضعه من الجادة المستقيمة . . كاهمية الدليل فى متاهات البيد سواء بسواء . . ويستلزم في هذا الدليل ان يكون له من خبرته العريقة وتمرسه بمهنته ما يشجع التائه على الاعتماد عليه . . والركون إلى قدرته . . فيما لو غطت الرمال مخارج السبل . . فلو كانت معرفته لعمله واخلاصه لصناعته موضع شك لفضل التائه ان يظل ضالا الى ابد الدهر على ان يجازف بالاهتداء الى الطريق القويم . .

وكما ان هذا الدليل يحتاج إلى حزم وبت مبادرين اذا ما وضح السبيل فكذلك الناقد . . اذا ما تبين له وجه

الحق عليه ان يطرح الجبن والتشجيع جانبا . . ليقول كلمة الحق فى نفاذ حد السيف . . وليغضب من شاء بعد ذلك ان يغضب اذا ما رضي الحق . .

ولاعد بعد هذه الجولة القصيرة الى نقد كتابي . . واول ما أواخذه على نفسي هو اني لم امهد للقصة الاولى بتفسير يحدد هدفها ويبين موضوعها من الفن القصصى . . فهى قصة رمزية وان اختلط مفهومها على معظم القراء فظنها البعض قصة واقعية وعلامات التعجب والاستنكار تعلو وجوههم لهذا الخروج على منطق الواقع . . . وظنها الآخرون اسطورة . . بينما الحقيقة كانت لا هذه ولا تلك فهي قصة رمزية . . وكل جملة فيها انما ترمز الى شئ خفي مستتر . .

وانا وان كنت لا ارى ان اكشف الغطاء عن جميع رموزها الا اني أود ان اضع في يد القارئ ، بعض المفاتيح لعله اذا ما عاد الى قراءتها مستمهلا ان يتمكن من فك بعض طلاسمها . . فالاستاذ على مثلا يرمز إلى هذا الشرق القوى بإخلاقه ومثله العليا والحصين بقناعته الراضية . . والعفيف مع

ذلك في كل ما يتعلق بالمادة . . بينما الشيطان فى هذه القصة يرمز الى اساليب الغرب الماهرة في سلخ هذا الشرق من شرقيته . . ليصبح لاشرقيا ولا غربيا . . والقصة على العموم هي قصة اليوم . . قصة هذا الصراع الناشب بين الشرق والغرب . .

ومما أؤاخذه على نفسي في هذه القصة أيضا . . اني لم اختر لها اسلوبا ملائما في التعبير . . فقد كان ينبغي ان اعمد الى الاسلوب المجنح في

هذه القصة . . لا تمكن من اشاعة الجو الرمزي فيها . . بدل ان اصوغها فى هذا القالب الجامد من الاسلوب الجاف

أما ما اؤاخذه على نفسي في القصة الطويلة . . " الارقاء فهو غلبة الكسل على فيما كتبت . . فقد كان ينبغى أن استطرد في بعض المواضع فلم افعل ذلك ايثارا للكسل والراحة . . على الجد والعمل . . كما اننى لم اعتن بالاسلوب احيانا طلبا للراحة والكسل فياله من كسل مقيت . .

اشترك في نشرتنا البريدية