رقي المدارس وتقدمها عنوان تقدم الامة ورقيها ، ولهذا يسرني أن أشيد بما نالته مدرسة العلوم الشرعية فى أعوامها الماضية ، وهذا العام خاصة من تقدم محسوس ونجاح مطرد فى سبيل أداء مهمتها العلمية النبيلة ، بمناسبة ظهور أخبارها السنوي العام فذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بهمة مؤسسها الغيور السيد احمد الفيض آبادى الذى ما زال ولن يزال يجد ويصرف الأوقات الثمينة ، ويتعب نفسه فى ترقية هذه المدرسة ، راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يوفقه ليرفعها الى مستوى "جامعة اسلامية " كبيرة تضم بين احضانها آلاف المتعلمين ، وينتفع بها أبناء المسلمين عامة وأبناء هذه البلاد المقدسة خاصة ، وهذا الأمل فى ترقية المدرسة الى هذا المستوى يتغلغل بين جوانح المدير الغيور ، لأنه قد رأي أن غرسه الذى اعتنى به فى هذه المدرسة قد بدأ يثمر ، ورأى أن جهوده بدأت تقدر ، من قبل أهل هذه البلدة المطهرة ، والحق يقال أنهم أهل الفضل ، لأنه لا يعرف الفضل من الناس إلا ذووه .
ومما يسر أن أشيد به هنا ما لاقاه مدير المدرسة من مساعدات جمة من لدن جلالة الملك المعظم وحكومته السنية ورجالها الغر ، فزاد ذلك التشجيع والإحسان فى عزيمته وأخذ بناصره حتى أو صل هذه المدرسة إلى ما هى عليه الآن علما وصناعة وبنيانا ، وهو فى كل ذلك لا يرى أنه قام بعشر ما يجب عليه من الخدمة لهذه الأمة الكريمة . نرجو الله أن يوفقه لما فيه رضاه وأن يوصل هذه المؤسسة الى الدرجة العليا فى ظل جلالة الملك المفدى . هذا من الوجهة المعنوية ، أما من الوجهة النظامية
فقد قسمت المدرسة الى ثلاثة أقسام : ( القسم الاول ) : قسم العلوم العربية العالية ، وفيه أربعة فصول وهو ذو نوعين نظامي ، وغير نظامي فالقسم النظامي هو الذي يصل إليه الطلاب المتدرجون في صفوف المدرسة بعد أخذ الشهادة الابتدائية منها ، وغير النظامي هو الذي يدخله الطلاب الذين تحصلوا على مبادئ العلوم خارج المدرسة . ( والقسم الثاني ) هو الابتدانى وفيه ثلاثة فصول ابتدائية . ( والقسم الثالث ) : التحضيرى ، ويشتمل على شعبة القرآن الكريم التي تتألف من ثلاثة فصول أخرى . الفصل الأول من التحضيري فيه يتعلم التلاميذ الهجائية ، متدرجين فى أقسامه الأربعة الفرعية ، وهي قسم أ . ب . ج . د .
والى هنا أكتفي بالإدلاء عن خلاصة نظام المدرسة ، ويسرني أن أكرر بأنها ستخطو وتخطو دائما إن شاء الله تعالى إلى الأمام تحت رعاية حكومتنا السنية وإشراف مديرها الحازم باذلة قصارى جهدها لتعليم أبناء هذه البلدة المقدسة ما يفيدهم فى دينهم ودنياهم ، مترسمة خطى تربيتهم التربية الدينية الصحيحة ، جامعة فى خطواتها بين العلوم الدينية والأدبية والفنون الصناعية والعصرية ، بقدر ما تمس إليه الحاجة ، ويدعو إليه اللزوم .
وأما شعبتها الصناعية فإن الأمل معقود عليها بإحيائها الصنائع المختلفة المفيدة وكل من دخلها ، وشاهد الطلبة منهمكين فى أعمالهم بجد وعناية ودقة وتفنن ، تولد أفكارهم وتخرج أيديهم الصنائع النفيسة - كل من شاهد ذلك يبتهج ويتفاءل لهذه الشعبة بكل خير .
والخلاصة أن هذه المدرسة بما فيها شعبتها الصناعية لم يتقدما إلى هذا المستوى إلا بفضل الله سبحانه وتعالي ثم بعطف حضرة صاحب الجلالة مليكنا المقدى ، فكيف لا يشكر جلالته بكل لسان ، أطال الله عمر جلالته وأبقاه ذخرًا للإسلام والمسلمين . إنه سميع مجيب
المدينة المنورة
