بسم الله الرحمن الرحيم
عتقد أن قراء (( المنهل )) يلاحظون تطوره المطرد ، لا فى المظهر وحده ، ولكن فى المخبر أيضا .. فقد اتسعت بحوثه العلمية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية فتناولت شتى الآفاق ، ولم تبق (( موضعية )) كما كانت من قبل .. فالمعرفة الشاملة أساس تقدم الامم ، ومبعث نهوضها بالأعباء عن بصيرة وعن بينة من الأمر ، وليس يضر كالعلم الأبتر الناقص المحدود.
ونعتقد أن هذا التطور الشامل ، هو من فضل الله علينا أولا ، ثم انه مقتبس من تطور البلاد نفسها .. فى حقول العلم والاقتصاد والثقافة والادب وألوان الحياة .
كما نعتقد أيضا ونقرر أن للعون
المادى والتشجيع الأدبى اللذين يضفيهما المواطنون على منهلهم ،ليظل ثرا فياضا ، أثرا محمودا وملموسا فى هذا التطور الملموس . فالمنهل من هذه الناحية بمثابة المطر من البحر ..
فى قول الشاعر العربى :
كالبحر يمطره السحاب وماله
فضل عليه لأنه من مائه
واذا كان لنا أن نضيف كلمة الى ما سبق تبيانه ، فاننا نقرر لقراء المنهل انه بفضل الله قد اتبع نفس المبدأ الذى عاهد الله عليه مخلصا منذ أول عدد صدر منه .. فعمل على نشر ألوان طيبة من الثقافة العربية والاسلامية فى شتى أجزائه ، مطعما هذه البحوث القيمة الأصيلة بما يفيد ولا يضر من أفنان الثقافة الغربية
الحديثة ، ويلاحظ قراؤنا الأكارم ان المنهل قد اتخذ عامدا متعمدا من بحوث الدين التوجيهية اساسا من أسس موضوعاته التى يوليها عناية وحرصا ، ذلك لان الدين الصحيح هو المنارة الشامخة التى تضئ الآفاق المظلمة للسارين فى متاهات الحياة المتلاطمة ..
كما عمد المنهل فى سنواته القليلة الماضية إلى (( القصة )) فجعلها أحد أركان موضوعاته الاساسية ، فلا يخلو عدد من أعداده من قصة بل ومن قصتين ومن ثلاث احيانا . ذلك ان القصة هى الباب الواسع الذى منه تلج الأفكار والآداب الى النفوس المرهقة المكدودة بمطالب الحياة ومتاعبها ، بدون استئذان ..
و (( المنهل )) فى سبيل تطور جديد فى كل نواحى التطور .. انه يرقب ويسجل كل خطوات الصحافة المماثلة فى العالم العربى والغربى ليقدم لقرائه ، بحسب امكانياته ، كل ما يلذ ويفيد ويطيب ، مصفى مغربلا نقيا وخالصا من السموم والآفات والجراثيم ..
وبمناسبة ذكر (( الامكانيات )) ..
نقول : اننا نقصد بها الامكانيات المادية التى عليها معول (( الامكانيات )) الأدبية .. وليس بسر أن نقول ان امكانيات (( المنهل )) المادية لا تزال فى نطاق من المحدودية يكاد يطبق عليها، لولا معونة رتيبة من جلالة العاهل المفدى حامى العلم ونصير الثقافة (( الملك سعود )) المعظم .. أيده الله وحفظه ذخرا للعرب والاسلام .. ثم لولا مساعدات مادية كريمة من سمو ولى العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير (( فيصل )) المعظم ، حفظه الله وأيده .
وليس شأن المجلات الشهرية ، علمية وأدبية ، حتى فى العالم الخارجى مثل شأن الصحف اليومية والاسبوعية السيارة ، من ناحية (( الامكانيات )) المادية .. فمعلوم ان هذه واسعة الامكانيات المادية ، بسبب ما ينهال عليها يوميا واسبوعيا من الاعلانات والاشتراكات والشراء .. أما المجلات الشهرية فمحدودة الموارد فى كل بلد من بلدان العالم . ولذلك ولميزتها العلمية والادبية ولقيامها بمهمة (( التنوير )) و(( الانارة )) و(( التوجيه )) الراشد نرى كل من يعنيهم الأمر .
يقومون بمؤازرتها واسداء المعونات الرتيبة والدورية لها حتى تستديم فى النهوض بأعبائها الجلى .. وبمهماتها الكبرى ..
هذا وان (( المنهل )) فى تاريخ حياته حافل بتحليل الخطوات التطورية والتقدمية التى اجتازتها هذه البلاد، فى هذا العهد السعيد ، وهو حافل كذلك بتاريخ البلاد وتاريخ علومها وثقافتها ورجالاتها وأوضاعها المختلفة فى مختلف الحقب والاجيال الذاهبة .
فالمنهل اذن (( سجل )) ضخم من سجلات تاريخ هذه البلاد ، قديما وحديثا .. شأنه شأن أرقى المجلات الادبية والثقافية فى العالم المتحضر ، وهو بهذه النظرة حرى بالتشجيع المادى والأدبى من أثرياء الأمة وأدبائها وعلمائها ، لأنه منهم ولهم.
ولا نريد أن نعدد الكتب والصحف الخارجية الحديثة التى جعلت من موضوعات المنهل ومواده مرجعا من مراجعها عن حياة هذه البلاد وتاريخها وتطورها ..
وبمناسبة حديثنا عن (( الامكانيات )) المادية ، أروى أيضا هذه الحادثة الطريفة .. فالحديث ذو شجون كما يقولون .. فلقد زارنى فى العام
الماضى ، صديق قديم أديب ، زارنى فى ادارة المنهل بالسوق الصغير بمكة المكرمة ، فهاله أن وجد وضع الادارة كما تركه منذ ستة عشر عاما ..
فبادرنى بقوله : ما هذا ؟ كل شئ تطور عندكم .. ما عدا هذه الادارة . انى وجدتها كما تركتها فى كل شئ. لم تتسع ولم يظهر عليها أى مظهر من مظاهر التقدم فى المظهر .. قلت : ان الاناء بما فيه ينضح وبحسبنا ان نكافح حتى تصدر الاعداد تباعا كما ترى ..
على أن من واجبنا هنا أن نشيد بما نلاقيه من عون حميد اضافة الى ما سبق تبيانه .. فان لسمو وزير المعارف الامير (( فهد بن عبد العزيز )) ولسعادة وكيل وزارة المعارف فضيلة الشيخ (( عبد العزيز )) بن عبد الله بن حسن آل الشيخ ، فضلا مشكورا ، من الناحية المادية اذ لقد ساهمت وزارة المعارف بأمرهما الكريم باشتراكات عديدة ظلت وما زالت أحد أركان المنهل ..
كما أن لمعالى الشيخ محمد سرور الصبان وزير المالية والاقتصاد الوطنى فضل مساعدات مادية وأدبية تذكر لتشكر ..
ولسعادة الشيخ عبد الله السعد وكيل وزارة المواصلات الذى أبت أريحيته الا أن يؤازر المنهل باشتراك
تشجيعى سنوى مسدد كل عام . . هو الأول من نوعه فى البلاد . . .
اذ يبلغ ( ٥٠٠ ) ريال عربى سعودى كل عام .. علاوة على مسانداته الاخرى المشكورة .. ولسعادة الوجيه الشيخ ابراهيم شاكر يزجى الشكر ازاء اشتراكه التشجيعى السنوى المسدد كل عام وقدره ( ٢٠٠ ) ريال عربى ولوكلاء المنهل ومعتمديه فى أرجاء المملكة فضل مادى يذكر فيشكر . . ومن نافلة القول ان نذكر فى طليعتهم ((المؤازر الأول)) فضيلة الاستاذ السيد أحمد الخيارى مدير مدرسة التجويد والقراءات بالمدينة المنورة .. وحضرة الاستاذ الشاعر المحلق .. السيد محمد السنوسى بجازان .. وغيرهما وغيرهما ..
أما رجالات العلم والأدب فى البلاد .. فان لهم من الفضل الأدبى والمادى ما يستحق كل تقدير واشادة وبحسبهم أن المنهل انما يصدر بنتاجهم . . وانما ينشر على الناس آثار أقلامهم وثمار بيانهم . . فهم أولى بالمنهل من غيرهم .. حتى من مصدره ومحرره الذى ليس له الا الجمع والطبع ..
وبعد فان (( المنهل )) سيسير بحول الله تعالى فى عامه الجديد الذى هو الواحد والعشرون بحسب الصدور ، والسابع عشر بحسب التصدير -على الخطة التى رسمها لماضى أعوامه وهى: ( الى الأمام على الدوام ) ..
