صاحب الجلالة الملك المعظم اصحاب السمو الملكي الامراء اصحاب المعالي الوزراء اخوانى الكرام
يشرفني ويسعدني في هذا اليوم الاغر ان اقف مقدمها لجلالتكم ثمرة من ثمار عهدكم نمت ونضجت برعايتكم وتعضيدكم .
وبجهد ما يقرب من خمس سنوات ممن تعهدوها بأمانة وكفاءة من ابناء شعبكم وعن خبراء عالميين في مختلف المجالات .
ان مشروع الرى والصرف بالاحساء الذى بشرتم بتنفيذه في زيارة سابقة لمنطقة الاحساء والذى تزورونه جلالتكم اليوم وقد وضع موضع التنفيذ ، يمكن وصفه في صورة رقمية مجملة بانه قد شملت انشاءاته ما مجموعه ثلاثة آلاف كيلو متر من قنوات الرى والصرف ( رئيسية وفرعية ) واربعة عشر مليون متر مكعب من اعمال الحفر والردم ، وسبعمائة وخمسين الف متر مكعب من الخرسانة المسلحة هذا بالاضافة الى انشاءات الجسور و ١٦٠٠ كيلو هتر طرق زراعية بالاضافة الى الاعمال الميكانيكية .
وقد بلغت نفقات دراساته وتصميمه وتنفيذه والإشراف عليه ما يقرب من ٢٦٠ مليون ريال بخلاف تعويضات الاهالى المترتبة عليه
وهذه الارقام تشير فى حد ذتها الى حجم هذا المشروع الذي يعتبر اضخم مشروع للتطوير الزراعى يقام حتى الآن بالمملكة ، ويرتبط من حيث التخطيط
والهدف ببقية مشروعات تطوير موارد المياه والزراعة في مختلف انحاء المملكة تلك المشروعات التى توليها حكومة جلالتكم الاهمية اللائقة باوليتها فى تنمية الدخل الوطنى وفي تنويع مصادره .
ولقد صمم المشروع لتطوير وتحسين مقومات الانتاج بهذه المنطقة ، التى تعتبر من اقدم واهم مراكز الانتاج الزراعى والحيوانى بالمملكة ، ومن اكثرها جذبا للتجمعات السكانية . وقد احتلت منطقة الاحساء هذا المكان نتيجة لتوفر موارد المياه الجوفية الغنية بها إلى جانب من خصب تربتها وصلاحها للزراعة المتنوعة من المحصولات الدائمة والموسمية . ولكن افتقارها الى الوسائل العلمية الحديثة فى تقنين مواردها الغنية وفي مقدمتها طرق استخدام المياه وتصريفها . ادى على مر السنين . ومع استمرار انسياب المياه من العيون والجداول الى الارض ، وتكرر استخدامها واعادة استخدامها للرى من مزرعة الى اخرى دون اجراء عمليات صرف سليمة ادى ذلك الى ارتفاع درجة ملوحة التربة وانخفاض انتاجيتها .
ومع ارتفاع درجة ملوحة التربة وانخفاض انتاجيتها من ناحية ، وارتفاع منسوب المياه الجوفية وغمرها لاراضى كانت صالحة من ناحية اخرى ، تقلصت المساحة الكلية للاراضى المزروعة بنسبة ٥٠ % في حدى عشرين عامانا تقريبا . اذ انخفضت هذه المساحة من حوالى ١٦٠٠٠ هكتار في عام ١٣٧٠ الى حوالى ٨٠٠٠ هكتار في عام ١٣٨٧
ولمجابهة هذا الوضع كلفت وزارة الزراعة والمياه
احدى الشركات العالمية بدراسة المنطقة ووضع مشروع لاستصلاح اراضيها وتنظيم الرى والصرف بها .
واعدت الاخيرة الدراسات والابحاث والقياسات والمخططات والخرائط مع العقود والمواصفات اللازمة للمشروع . ورسيت اعمال التنفيذ المدنية والميكانيكية على شركة عالمية اخرى ، اما الاشراف على تنفيذ المشروع فقد عهد به الى ذات الشركة التى وضعت مخططاته وتصاميمه .
وقد بدىء فى تنفيذ المشروع ببداية عام ١٣٨٧ ه وتم تنفيذ الاعمال الهندسية وفقا للتخطيط الذى قرر له اصلا ، وطبقا للمدة الزمنية المحددة لذلك وهى خمس سنوات .
ولتفصيل اهداف ومكونات ومدى المشروع ، اورد النقاط التالية :
اولا : يهدف المشروع الى تحقيق هدف مزدوج : شقه الاول هو اتساع افقى يتمثل في استصلاح واضافة ما مساحته ١٢٠٠٠ هكتار اى ١٢٠٠٠٠ دونم الى المساحة الاصلية المزروعة حاليا والبالغة ٨٠٠٠ هكتار تقريبا ، اى انه سوف يزيد من مساحة الرقعة الزراعية بالمنطقة بنسبة ١٥٠ % تقريبا .
أما شقه الثانى فهو اتساع رأسى يتمثل في تطبيق طرق الرى والصرف الحديثة وتطوير الطرق المستخدمة في زراعة مجموع المساحة التى يشملها بانتهاء تنفيذه والبالغة ٢٠٠٠٠ هكتار اى ٢٠٠٠٠٠ دونم تقريبا .
ومن هذين الشقين يتضح ان عائد المشروع يكون اضافة صافية الى الانتاج الكلى للمنطقة تنتج عن :
١ - الاضافة الى الرقعة الصالحة للزراعة
٢ - الزيادة فى انتاجية الوحدة بالنسبة للاراضى التى تزرع بالفعل فى الوقت الحاضر وكما كانت نسبة الاضافة على الرقعة الزراعية وحدها هى ١٥٠ % دون حساب الزيادة المترتبة على تحسين طرق الانتاج فان المتوقع ان تفوق بالضرورة الزيادة الكلية لانتاج المنطقة نسبة ال ١٥٠ % المشار إليها .
ثانيا - تشمل منطقة المشروع مدينتى الهفوف والمبرز وحوالى ٤٨ قرية تنتشر على كامل مساحة المشروع -
نسمة أى ان المشروع سيخدم بطريق مباشر ما نسبته ١٥ % تقريبا من مجموع سكان المملكة هذا بالاضافة الى فوائده المباشرة وغير المباشرة التى سوف تنعكس بطبيعة الحال على دخول بقية السكان .
ثالثا ضمن اعمال المشروع تنظيف وتحسين ينابيع المياه والتحكم في تصريفها بقصد تحسين ايرادها رابعا - يشتمل المشروع على انشاءات مدنية ومكانيكية في حقل الرى وانشاءات مدنية في حقل الصرف .
أ - فبالنسبة لحقل الرى يمكن تلخيص الاعمال المتعلقة به على الوجه التالى :
١ - تختلف مناسيب ارض المشروع فمنها ما هو منخفض ويمكن ريه من مياه العيون مباشرة - ومنها ما هو مرتفع وبالتالى يلزم ان يتم ريه بالرفع عن طريق استخدام مضخات خاصة بذلك . ويمثل الجزء الاول حوالى ١٦٠٠٠ هكتار والثانى حوالى ٤٠٠٠ هكتار .
٢ - قسمت مساحة المشروع الى احد عشر قسما : سبعة منها تشمل الاراضى المنخفضة وتروى بالراحة اى من العيون مباشرة اما الاربعة الباقية فتروى بالرفع وقد زود كل قسم منها بالعدد اللازم من المضخات التى تتراوح قوتها بين ٧٥ و ١٢٥ كيلوات .
وقد كان المقرر اصلا ان تدار هذه المضخات من محطات توليد تعمل بالديزل وتنشا لهذا الغرض . ولكنه رؤى تشجيعا للشركات الوطنية وبتوجيه من جلالتكم ان تستمد انكهرباء لادارة هذه المضخات عموما من شركة كهرباء الاحساء مع الاحتفاظ بمولدات كهربائية احتياطية تابعة للمشروع تدار بالديزل .
ولتأمين الرى للاراضى المرتفعة بصفة مستمرة فقد تم انشاء ثلاثة خزانات موزعة على اقسام الري بالرفع بحيث يتناسب حجم كل خزان مع المساحة المنتفعة منه . وتتراوح سعة هذه الخزانات بين ٨٠٠٠ متر مكعب و ١٥٠٠٠ متر هكعب . ولامكان تنظيم عملية توزيع المياه ولضمان سيرها بالكفاية اللازمة قد زود الشروع بمركز وشبكة تليفونية تربط بين اجزائه وبين مساكن حراس الرى والموزعين على كامل مساحة المشروع وذلك لاعطاء المعلومات وتلقيها عن حالة الري مع تامين الاشراف
ب - اما بالنسبة لاعمال الصرف فيمكن تلخيصها على الوجه التالى :
١ - لتأمين صرف المياه صرفا جيدا ، يلزم المحافظة على منسوب عمق قنوات الصرف بحيث يكون المنسوب للمصارف الرئيسية على عمق حوالى ١,٨٠ من المتر من منسوب الارض الزراعية . ويقل هذا العمق الى حوالى متر واحد بالنسبة للمصارف الحقلية . وباتباع هذا النظام تم انشاء قنوات صرف المشروع التى تبلغ فى مجموعها على اختلاف احجامها ١٥٠٠ كيلو متر . وتحمل شبكة الصرف المياه المالحة الزائدة الى مسافة ٢٠ كيلو مترا بعيدا عن اراضى الواحة حيث يتم تجمعها في منخفض هناك يتبخر جزء منها والجزء الآخر يتسرب فى باطن الارض . ولما كان بعض اجزاء شبكة الصرف يمر على حدود مناطق سقى الرمال فقد اتخذت الاحتياطات اللازمة لحماية تلك القنوات باعمال التشجير وتثبيت التربة حولها وتسقيف البعض منها .
٢ - تم تصميم المصارف الرئيسية بحيث تبدا من المناسيب العالية فى مواقع الابار والعيون ثم تمتد الى الشمال الشرقى في مسار خطوط الكنتور المنخفضة حتى تصل الى منطقة التبخر ، وقد تم تخطيط مصرفين رئيسيين : الأول تجرى فيه المياه الزائدة للقسم الشمالى من منطقة المشروع . وتصب فى هذين المصرفين الرئيسيين شبكة من المصارف الفرعية التى اعد تخطيطها لتكون موازية لقنوات الرى الفرعية ، وليكون متوسط المسافة بين تلك المصارف الفرعية حوالى ١٥٠ مترا حتى يتسئى صرف المياه صرفا جيدا يحول دون ارتفاع نسبة ملوحة التربة من جراء الاملاح الموجودة في مياه الرى .
٣ - لربط انحاء المنطقة ، ولتسهيل نقل المحصولات وتسويقها ، تم ضمن المشروع انشاء شبكة طرق زراعية بعرض ستة امتار للطرق محاذية للمصارف الرئيسية وخمسة امتار للطرق محاذية للمصارف الفرعية . هذا بالاضافة الى ارصفة بعرض ½ متر على جوانب الطرق لاستخدام المارة وكذلك عدد كبير من الجسور
ومن الطبيعى ان الفائدة المرجوة من مشروع بهذا الحجم ، وبهذه الابعاد ، لا تجنى تلقانيا بانتهاء تنفيذه ، استكمال الاستثمار الاساسى فيه ، بل يلزم لتحقيقها كاملة وعلى الوجه المرغوب فيه ، أن تسير مرحلة تشغيله وصيانته على مستوى عال من الكفاية والتنظيم ، وبجهاز ادارى وفنى يتناسب فى تكوينه وقدراته مع اهداف المشروع الكبيرة .
وتمهيدا لذلك ، فقد اسند الى الشركة المنفذة بصفة مؤقتة تشغيل وصيانة بعض اجزاء من المشروع اما تشغيل وصيانة كامل المشروع بطريقة شاملة تشمل الجوانب الهندسية ( مدنية ، وميكانيكية ، وكهربائية ) .
وجوانب تقننين وتوزيع المياه ، بالإضافة الى جوانب الارشاد والتطوير الزراعي المتصلة بالمشروع . فان الوزارة بصدد اعداد الجهاز الملائم والقادر فنيا واداريا على تشغيل المشروع بانتهاء فترة التشغيل المؤقتة .
وفي ختام كلمتي ، اود ان اشير بالتقدير والاعتزاز الى الجهود التى بذلت على جميع المستويات في تنفيذ هذا المشروع .
والى الفضل في تذليل ما اعترضه - بطبيعة الحال - من صعوبات .
ذلك الفضل الذى يعود اولا واخيرا الى تاييد جلالتكم وحرصكم على دفع النمو بالبلاد .
والى عون اعضاء مجلس الوزراء الموقر ، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكى ولى العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء الامير خالد بن عبد العزيز ، وصاحب السمو الملكى النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء الامير فهد بن عبد العزيز .
والى اهتمام صاحب السمو وزير المالية والاقتصاد الوطنى الامير مساعد بن عبد الرحمن والى تعاون واهتمام المسؤولين من رجال الدولة في المنطقة الشرقية .
ولا يفوتنى ان اذكر بالتقدير ، التفهم والتعاون الذى لقيه المشروع في مراحل تنفيذه المختلفة من ابناء منطقة الاحساء انفسهم ، آملا ان تستمر هذه الروح الطيبة في مراحل التشغيل القادمة .
