كان لصدور الموافقة السامية بتأسيس مدرسة تحسين الخطوط العربية بمكة المشرفة رنة فرح وسرور لدى كافة الناس ، وكل يتساءل متى تفتح المدرسة أبوابها ومتى تبدأ الدراسة بها .
ان هذا الأمر المهم كان أمنية قديمة فى النفس وكم من مرة تقدمنا باقتراحه الى الجهات المختصة ، لكنها لم تتحقق الا فى أيام العلامة المحقق المحبوب فضيلة الشيخ محمد بن مانع الذي نهض بالمعارف العامة نهضة يسجلها له التاريخ وحقق كثيرا من المشاريع العلمية والفنية ولا يزال يبذل الهمة فى خدمة الامة والمصلحة العامة حتى انه لم يبق لديه وقت لراحة نفسه ، ولا يستغرب من فضيلته ذلك فانه رجل العلم والعمل والورع والصلاح ، ولما كان من حميد خصاله ان ينزل الناس منازلهم ، ويعرف لأهل العلم والفضل مقدارهم ، صار محبوبا لدى الخاص والعام ، وكلهم ألسنة مدح وثناء عليه - اكثر الله من امثاله وادام النفع به .
هذا وعما قريب ستفتح المدرسة ان شاء الله ابوابها ، وتضم بين جناحيها طلابها ، ثم اذا بهم رجال عاملون لخدمة بلادهم ، وأنجم يهتدى بهم عشاق العلوم والفنون - كل ذلك بتوفيق الله تعالى وفضله ؛ ثم بعناية جلالة الملك المعظم اطال الله حياته .
ولا يخفى ان هذه المدرسة التى هى أول مدرسة فنية من نوعها فى المملكة لهى مدرسة يحتاج اليها ابناء الامة من كافة الطبقات ، كيف لا والخط العربى فى اوائل الفنون النافعة ، بل عليه المعول فى جميع الدوائر الحكومية والأعمال التجارية ؛ والأحوال الاجتماعية والمصالح الفردية ؛ وانه الأساس الأول والدرس المهم فى معرفة العلوم واللغات لذلك يعد الخط على العموم من أقدم العلوم والفنون ؛ فهو معروف من العصور الغابرة الاولى ، يدور مع الانسان انى
دار ، ويتعلق به حيث سار ، وهو من مستلزمات المدنية والرقى ، وعنوان الثقافة والحضارة .
وان شاء الله سنوجه دفة هذه المدرسة الى عدة جهات رجاء المصلحة التامة للبلاد التى هى متعطشة الى كثير من الأعمال الملائمة لعصرنا الحاضر ، فمن هذه المدرسة سيتخرج الخطاط الفني ( يعرف جميع أنواع الخطوط كالنسخ والثلث والرقعة والكوفي والديوانى والهمايونى ، وسيتخرج منها النقاش الماهر يعرف جميع أنواع النقش العربي والتركى وينقش على الأواني والجدران والابواب وغيرها وسيتخرج منها من يشتغل بالتذهيب والزخرفة الخاصة بتزيين الكتب والمؤلفات القيمة الفنية بالذهب والفضة والألوان المغرية الجميلة ونرجو ان تستقدم المعارف العامة بعض الاساتذة الاختصاصيين فى بعض الفنون الجميلة الهندسية المتعلقة بأعمال هذه المدرسة الفنية الوحيدة - وبذلك تؤدى هذه المدرسة ان شاء الله تعالى خدمات جليلة فى نواح متعددة لهذه البلاد المقدسة فتستغنى بابنائها عن الأجانب فى الأعمال الفنية بعد برهة من الزمن ان شاء الله . ولا يستبعد أن يأتى زمن قريب يضطر أرباب الدكاكين والمخازن التجارية فى عموم المملكة الى كتابة اسمائهم فى لافتات والواح يعلقونها عليها ، فتحتاج المملكة الى كثير من الخطاطين علاوة على احتياج المدارس اليهم فمن الضرورى أن يكون لكل مدرسة خطاط خاص بها ،
ولنا أمل كبير وأمنيات عظيمة فى خدمة هذه المدرسة حتى تنهض نهضة طيبة مباركة بتوفيق الله تعالى ومشيئته ثم بعناية حكومتنا السنية وبهمة مدير معارفنا العلامة الجليل ، ولا يفوتنا ان ننوه - بهذه المناسبة - بان المملكة السعودية هى اسبق الممالك الاسلامية بعد المملكة المصرية بفتح مدرسة خاصة لتعليم الخطوط العربية وتحسينها ، وبذلك تعد هذه المدرسة ثانية مدرسة فى العالم - وفقنا الله جميعا لخدمة هذه البلاد المقدسة وابنائها البررة الأذ كياء
