مدى نجاج ، شركاتنا الوطنية

Share

تحي الامة حياة اقتصادية حرة على مبدأ التسابق في حلبات الاقتصاد بشتى الوسائل العلمية والعملية حتى المستوى المتناسب مع وعيها الاقتصادى ومزاجها العقلي وبجوز قصب السبق في تلك الميادين كل أمة بلغت وقابليتها الاخلاقية مستواها من الاندفاع الشعورى نحو الجماعة والعمل مع الجماعة حتى الحصول على اهداف الامة الاقتصادية إن زراعة او صناعة او تجارة . وبقدر التغلب فى هذا المضمار على المسعى الفردى والنفع الذاتي يضمن للجماعة النجاح فى تحقيق معنى التعاون المالي بإيجاد روح الثقة فيما يؤسس من شركات حرة تعمل للثراء العام بمضاعفة الانتاج وتوزيعه ان تداولا او استهلاكا سعيا وراء تنمية الرأسمالية الفردية التى تنمو بنموها الثروة القومية نتيجة للانتعاش الاقتصادى فى شتى المرافق الحيوية

تلك نبذة علمية أوردناها كما نسير على ضوئها فى تمحيص مدى نجاح شركاتنا الوطنية وهو موضوع اختاره لنا الصديق الاستاذ الانصارى شأن ما اعتاد اختياره لنا فى كل دورة من مواضيع محرجة مفحمة سامحة الله . ان نظرة تمحيص بريئة نستعرض معها وضعنا الاقتصادى من حيث العموم تعيدنا القهقرى الى ما كانت تعانيه بعض الامم البداءية فى عصور خلت يوم كانت النزعة الفرعية تطغى على كل شئ فتستأثر أثرة ممقوتة بكل شئ لا لهدى قومى منشود ولا لغاية اصلاحية مرجوة ، على انه قد عقب انسان تلك العصور انسان كون معه الانتخاب الأ لهي وعيا اجتماعيا صقله العلم وهذب أصوله وعبد له شتى طرق الوصول الى اقصى

ما تتطلبه الانسانية فى حياتها الاجتماعية والاخلاقية والاقتصادية من وسائل العيش والوفر والرفاه ، ومهما يكن من أمر فان تقصينا لوسائل الكسب والمعاش فى نفسية الفرد الموروثة ضمنا عن تلك العصور المظلمة لم تعدم فينا الرجاء من حيث مانعانيه من وميض نهضة اقتصادية ميمونة وبالاخص فى عصرنا السعودي الزواهر المفعم بروح أمل ورجاء ينبتان فى قرارة نفس الفرد منا كوكب مستقبل لامع تحقق معه يوما اصدق الآمال القومية فى مختلف حقولها الاقتصادية .

وقبل ان نستعرض شركات المساهمة التى هى حديثة عهد فى بلادنا فانا توفية للبحث لابد لنا من ان نستعرض مناهج بعض المتمولين من افراد الامة فى تنمية ثرواتهم شركة على مبدأ ما يعبر عنه فى فقه المعاملات الشرعية بشركات العنان وهي ان يعقد بين شخص وآخر شركة مكونة من رأس مال متناصف بين شخص واخر بمعنى أن يكون لكل منهما فيه النصف ، والربح والخسارة على مقتضى ما ذكر يكون مناصفة ايضا بعد حسم المصاريف ، او شركات المفاوضة وهي ان يفوض الشريك شريكه فى كل ما له وعليه على ان يكونا متناصفين فى الربح متضامنين متكافلين فى الخسارة حتى التصفية ولو لم يكونا متساويين فيما تؤلف منه الشركة من رأس المال ، أو شركات المضاربة وهي ان يمول شخص شخصا آخر ان بضاعة أو نقدا يجيزه بالمتاجرة به ، والربح بينهما بعد حسم المصاريف مناصفة على الأغلب او يقدر بما يتفقان عليه من ذلك قلة او كثرة ، أو شركات الوجوه وهي ان يشترك شخصان برأس مال معين يكون لكلا الشريكين او احدهما الاعتبار المالي الذي يستطيع معه كل منهما تأمينه ذمة على وجهه .

ومهما يكن من اختلاف بين الأئمة الأربعة فى بعض الشروط التى يبنى عليها صحة عقد هذه الشركات ومهما اختلفت وجهات نظر علماء الاقتصاد في اعتبار هذه الشركات شركات تجارية فانها لا تعدو على الارجح ، ان تكون بداية لتطور تدريجى اضحى وسنن التكامل نتيجة لنهاية ما وصلت اليه مبادئ شركات الاشخاص التجارية المعبر عنها فى عالم الاقتصاد بشركات التضامن وشركات التوصية البسيطة وشركات التوصية بالاسهم و . . لكل تعاريفه العلمية ومبادؤه الاقتصادية وسع تفاصيلها

علم الاقتصاد السياسي ، ومهما تنوعت مناهج ضروب السعي التجاري في بلادنا جريا على مبدأ تلك الشركات السالفة الذكر فانها على بساطتها تكاد تكون أكثر شيوعا مما سواها من الشركات الاخرى ، باعتبار ان الثقة الوطيدة المتقابلة بين الشريك والشريك ورابطة الامل المنشود لاستدامة النفع المتبادل بينهما يضمن للفريقين نجاحه على الاغلب فيما رمي اليه صحة العقد من غاية مشتركة وهدف متحد يسودهما وازع الامانة وصدق المعاملة وكفى بهما عاملين اساسيين لضمان النجاح والموفقية .

واذا ما نحن استعرضنا مبادئ شركات المساهمة وما ترمي اليه من أهداف بعيدة ومقاصد هامة واسعة مع ما يتطلبه ذلك من جهود جبارة بغية الحصول على النجاح في تحقيق اهدافها على الغالب نجد ان حداثة عهد تأسيس هذه الشركات في بلادنا فى جملة بواعث الاخفاق بادىء ذى بدء امر محتم . وقد يكون الاخفاق سببا فى النجاح اذا احسنت الاستفادة من تصحيح الاخطاء التى كانت سببا فى الاخفاق ، وكذلك تستفيد بعض الشركات التى تؤسس أو يعاد تأسيسها عقب اخفاق سابق لانها لا تقدم على التأسيسس الا وقد درست منشأ تلك الاخطاء فتتجنبها وقد تقع هي في اخطاء يستفيد من تجنبه ما يؤسس غيرها من شركات مماثلة وكم كانت شركة الجلود التى تأسست فى العهد الماضى والشركة السعودية للسيارات التى تأسست في بوادر عهدنا هذا وغيرها من شركات أخرى سارت سيرهما فكان نصيبها نصيبهما وكان ذلك موضع عظة وعبرة لما عقبهما من شركات تدبرت عوامل انحلال تلك الشركات فكان ذلك محبطا لمسعى البعض ومشجعا لتأسيس البعض الاخر من جهة وعاملا قويا لنجاح من جالد وصابر عقب التأسيس من جهة اخرى . من ذلك شركة الطحين والثلج وشركة التوفير والاقتصاد والشركة العربية للطبع والنشر والشركة العربية للسيارات التى ضم تأسيسها عددا ضخما من شركات سيارات اخرى نتيجة للتوحيد الذى اجمع حكوميا واهليا على تحقيقه ، ومن ذلك الشركة السعودية للكهرباء بالطائف وشركة التوريدات وشركة الاسواق السعودية وغير ذلك .

الحق أننا اذا تتبعنا سير كل شركة من هاته الشركات منذ تأسيسها حتى الآن نلقيها تسير ضمن حقلها الاقتصادى من حسن الى أحسن رغم ما يعترض بعضها من توقف موقوت لعوامل اقتصادية أو ادارية ويجمل بنا ان نسجل بعد ايضاح جميع ما أسلفناه في هذه العجالة بان القول بنجاح هذه الشركات الوطنية علميا على وجه العموم مضمون اذا تدرع رجالها المسؤولون بالعلم والجلد والمثابرة وتحلوا بالامانة والنزاهة والثقة بالنفس وتمتعوا بثقة الجمهور ورضاه وبحسن  ادارة واعتبار مالي مشرف مركز على مبدأ علمي اقتصادي ثابت لأعلى غاية مشتركة ونفع متبادل بنسبة طردية متقابلة . . وكل شركة بلغت مستواها من هذه الاسس العلمية والتقليدية بالنجاح حليفها فيما تزاوله من أعمال حرة حتى الشأو المستراد

والله من وراء القصد .

اشترك في نشرتنا البريدية