( خاصة بالمنهل )
" نشرنا في العدد الماضي مقالا قيما فى موضوع لم يطرق هو " الابجدية العربية " بقلم معالي الأستاذ الجليل فؤاد بك حمزة وزير الدولة ومن كبار مستشارى جلالة الملك المعظم ، وها هو معاليه يتفضل بهذا البحث المتمتع من نفس الموضوع الطريف وها نحن نستهل العدد الممتاز بهذا المقال العلمي الممتاز للمناسبة بين موضوعيهما الا وهو التطور " :
شعل نشوء الكتابة الأبجدية واختراعها الاقدمين كما شغل المتأخرين . وقد ذهب الاقدمون وجاراهم المتاخرون - الى ان هنالك خمس نظريات عن نشوء الكتابة الابجدية وهي نظرية نشوئها من الكتابة المصرية الهيرو غليفية ونظرية نشوئها فى فينقية أو فى أشور وبابل ونظرية نشوئها فى جزيرة كريت أو نظرية نشوئها من العبرانية .
النظرية المصرية
أول العلماء المتأخرين الذين قالوا بنشوء الابجدية فى مصر هو الفرنساوي لنورمان enormant الذي نشر نظريته هذه دى روجيه De Rouqe عام ١٨٧٤ . وهذه النظرية تنقسم الى ثلاث شعب ( ١ ) ان الهيرو غليفية هي المبدأ الأصلي للابجدية وقد قال بذلك كثير من علماء الفرنساويين ( ب ) إن الهيراثيقية أى الهيروغليفية المعدلة هي مبدأ الابجدية ( ح ) ان الديموتيقية هى أساس الابجدية ولكن هذا الرأى الذى اذاعه الاستاذ هانز بوير Hans Bauer الالماني لا يعتد به لان الكتابة الديموتيقية اخترعت في مصر بعد نشوء الابجدية ولذلك فانه لا يمكن ان تكون أساسا لها . ومن المعلوم ان رموز الهيروغليفية تبلغ ٧٣٤ رمزا ، وفي قاموس غاردنر بلغ العدد ٧٤٩ رمزا
مع ان الرموز التى استعملت بما فى ذلك الضوابط والارقام قد تزيد على بضعة آلاف . ومن المعلوم أيضا ان المصريين الاقدمين استعملوا هذه الرموز للاعراب عن المقاطع الصوتية فهنالك رموز للكلمات ذات الثلاثة مقاطع ثم تدرج - المصريون فجعلوا رموزا للكلمات ذات المقطعين ثم ذات المقطع الواحد . وفي الابجدية الحقيقية تمثل الرموز صوتا معينا مع ان المصريين لم يبلغوا هذه الدرجة من اتقان لغتهم فظل الرمز يمثل عدة أصوات بما يضاف اليه من اشارات ونقاط وضوابط . وعدم ترك المصريين لكتابتهم المصرية الهيروغليفية مع صعوبتها وسهولة الابجدية دليل حسى على انهم لو كانوا هم الذين أوجدوا الابجدية لتركوا الهيروغليفية وعدلوا عنها الى الاسهلى منها . وهذا لا يعنى ان الابجدية لم يستعمل فيها بعض الرموز الهيروغليفية الاصل . وقد توهم دينان فى السنوات الاخيرة ان هيرو غليفية جبيل الكاذبة هي حلقة الوصل بين الهيروغليفية والإبجدية : ولكن توقيق الاستاذ دورم في حل رموز جبيل واثباته انها كتابة أبجدية - مقطعية ، باللغة الفينيقية ولكن برموز مستعارة من الهيروغليفية ينقض الاساس قامت عليه النظرية المصرية .
وفي رأى الدكتور دينر نفرأن الهيروغليفية قد تكون اعارت بعض الرموز للابجدية ولكنها ليست على كل حالي أمها الحقيقية
نظرية نشوء الأبجدية من غير الهيروغليفية
هنالك نظريات أخرى عن منشأ الكتابة الابجدية . ولكنها لا تستحق ان تعتبر صحيحة الأصل او ذات أساس علي . من ذلك ما ذهب اليه بعض العلماء من أن الابجدية قد تكون ناشئة من احدى الكتابات المسمارية الآتية : -
أ) السومرية وهي أقدم الكتابات المسمارية ب) البابلية المسمارية ح ) الاهورية المسمارية د ) الحشية الهيروغليفية أو المسمارية ه ) القبرسية المقطعية
و) ونظرية بعض علماء الالمان العنصريين الذين يدعون ان نشوءها كان بين الاقوام النوردية ذوي العيون الزرقاء .
نظرية نشوئها من الكتابة الكريتية
يذهب بعض العلماء الى أن الأقوام المعروفة بالفلسطينيين هم الذين نقلوا الكتابة الابجدية من جزيرة كريت الى السواحل الفلسطينية . والسورية حين افتتاحهم لها ، حوالى ١٢٢٠ قبل الميلاد . والقائلون بهذه النظرية يفترضون أن المنشأ الاصلي انما هو مصري - كريتى - سامي شمالي غير ان الواقع يخالف ذلك . ففتح الفلسطينيين لساحل فلسطين جرى بعد قرنين او ثلاثة من نشوء الكتابة الابجدية ولذلك فان الالف باء لا يمكن ان تكون مستقاة من مصدر تكون بعد وجودها بمئات السنين . ولا يعتد بالرأى المستند الى وجود شبه قوى بين بعض أشكال الابجدية الأصلية ، والحروف الكتابية المكتشفة فى جزيرة كريت .
نظرية نشوئها من أشكال هندسية فى آزمنة ما قبل التاريخ
أول من قال بهذا الرأى هو العالم الأثرى البريطاني بالمشهور السرفلندر بترى فقد ذهب الى ان الاقوام القديمة فى الشرق الادنى . من مصر الى العراق الى بر الاناضول ، الى جنوب جريرة العرب ، إلى جزر الأرخبيل كانت تستعمل بعض الرسوم والاشكال الهندوسية للدلالة بها على حيواناتها او ممتلكاتها ، وان الابجدية قد اخترعت من أخذ أشكال بعض هذه الرسوم الهندسية . وقد أيد رأيه هذا مؤخرا الأستاذ غاستر ، ولكن هذه النظرية لم تجد قبولا عند جمهرة العلماء برغم أن مخترع الابجدية قد يكون استفاد من بعض تلك الاشكال والرسوم واقتبسها حين وضع رموز الابجدية .
نظرية نشوئها من الاشكال الايديوغرافية
يبدى السررجون ايففانس ١٨ Sir John رأيا خاسا بنشوء الابجدية من التشابه الوارد بين بعض الحروف الابجدية الاولى ؛ والاشكال التى اعطيت لاسمائها . أى ان الحروف كانت فى مبدأ الامر صورا استعملت كايديوغرام
وهذا الرأي يعضده ما نشره الاستاذ لوسيان غوثية السويسرى في كتابه " تمهيد للتوراة القديمة " فى لوزان عام ١٩١٤ ولكن الأستاذ ديرنفر لا يعتقد بصحة هذه النظرية برغم أنه يقول إنه فى حالة ثبوت نظرية الأسناد دينان التى شرحها فى كتابه المرسوم " الحروف الجبيلية ، فان وجهة النظر هذه قد تساعد على تقرير نظرية ايفانس .
نظرية شبه جزيرة سيناء
نظرية نشوء الابجدية من أم متقدمة وجدت بعض آثارها في شبه جزيرة . سينا من قبل السرفلندرز بترى عام ١٩٠٤ - ١٩٠٥ ثم تكرر وجودها مما اكتشف في السنوات التالية أى ١٩٢٧ و ١٩٢٩ و ١٩٣٠ و ١٩٣٥ وقد وجد حتى الان ما يقرب من خمسين نقشا فى سيناء بهذا النوع مثن الكتابة . وكانت اولى المحاولات لحل رموزها ونشرها من قبل الاستاذ غاردنر Gardiner الذي امكنه التعرف الى حروف كلمة ( ب ع ل ة ) وبرغم اشتغال كثيرين بحل رموز الكتابة السينائية فقد اختلفت اراؤهم فى حلها وفي معناها وفي تحديد الزمن الذي كتبت فيه .
وقد ذهب الدكتور غاردنر الانكليزي والاستاذ ميت الألمانى الى ان الكتابة السينائية انما هي حلقة متوسطة تربط بين الهيروغليفية المصرية والكتابة الابجدية للاقوام السامية الشمالية او انها الأم الاولى للحروف الابجدية.
ومنذ ذلك الوقت كثرت المحاولات لحل الرموز السينائية كما تعددت التفسيرات . والتعليقات عليها ومن الذين حاولوا حل رموزها المستر لايبو فتش من رجال المتحف المصرى فى القاهرة والاستاذ سير نفلغ أحد أساتذة معهد الشؤون الشرقية بشيكاغو .
وفى أوائل عام ١٩٤٧ جاءت بعثة من جامعة كلفورنيا برئاسة المسترو ندل فلبس وعضوية كثيرين كان بينهم الاستاذ الاختصاصى المشهور أو لبرايت Albright فانه زار صرابيط الخادم وهو المكان الذي توجد فيه مناجم النحاس التى كان يستغلها المصريون ايام الملكة حتشبسوت وزوجها تحتمس الثالث وحاول حل الرموز وفشر نظرياته فى حلها فى مجلة American Schools Of Oriental Research وقضى بكشفه على كثير من التكهنات عن أن
الكتابة المذكورة أم للابجدية الفينقية أو الكنعانية
وفيما يلى خلاصة ما ذكره الاستاذ اولبرايت : -
١ ) ان الكتابة انما هى كتابة أبجدية وإن اللغة التى كتبت فيها هي الكنعانية . وهو يقسم اللغات السامية الشمالية الى قسمين الاولى الكنعانية وهو ما كان من قبل القرن الثالث عشر ق . م والكتابات الكنعانية التالية وهي ( ١ ) الفينقية و ( ٢) والعبرانية . ٢ ) ان كتابها من الاسرى أو العبيد الساميين الكنعانيين الذين كانوا فى خدمة المصريين . ٣ ( انها كتبت فى عصر الملكة حتشبسوت وزوجها أى بين عام ١٤٨٣ و ١٤٦٨ ق م فاذا صحت نظرية أو البرايت في تفسير رموز كتابة سيناء كما ذكرنا فان نظرية نشوء الأبجدية من الكتابة السينائية يصبح رأيا لا يستند على اساس قوي
الابجدية الاوغاريتية
لا يمكن أن تكون هذه الابجدية المكتشفة فى " رأس شمرا " أساسا للكتابة الابجدية ويعتقد الاستاذ دينان في مؤلفه الذي ذكرناه عدة مرات من قبل ان الذين اخترعوا هذه الكتابة الاوغاريتية كانوا على علم بالكتابة الإبجدية الفين ولكنهم لاسباب سياسية - فى نظره - استعملوا المسمارية لكتابة اللغة الفينقية بطريقة أبجدية .
نظرية نشوء الابجدية من هيروغليفية جبيل الكاذبة
هذه النظرية أوردها الاستاذ دينان فى كتابه : " الحروف الجبيلية " . . ولكن نجاح الاستاذ دورم في حل هذه الكتابة نقض نظرية دينان من اساسها . فان هذه الكتابة ليست ابجدية تامة ولكنها مقطعية او بالاحرى pelthorie اى ان المقطع الواحد قد يكتب بعدة اشكال او ان الشكل الرمزي الواحد قد يفيد مقاطع متباينة .
ويعتقد دينان ان الكتابة الابجدية وجدت فى فينقية على عهد الاسرة المصرية ١٢ او ١٣ اى حوالى ٢٠٠-١٨٠٠ ق . م ، ولكن لا يوجد اثبات لهذا .
الكتابات التى لم تحل مما وجد فى مصر
وقد وجدت كتابات منقوشة فى مواطن عديدة فى مصر يستدل منها على ان محاولات قد اجريت لايجاد ابجدية ولكن هذه الكتابات لما تحل حتى الان وهي كتابة وجدت في " اكاهون " في مصر ، كما ان دينان يذكر كتابة اخري وجدت فى " الكرنك " بقرب الاقصر .
نقوش بالوعة ( فى مؤاب شرق الاردن )
اكتشفت هذه النقوش عام ١٩٣١ فى خربة قرية بالوعة شرق الاردن ويذهب بعضهم الى انها تعود الى القرن الثاني عشر قبل الميلاد خلافا لرأى الاستاذ الاميركى او لبرايت الذي يرجعها بعض مئات من السنين الى الوراء
محاولات أخرى للكتابة بالابجدية
١ ) كتابة يسمونها " بروتو آزاب " وجدت فى حفريات اورا الكلدانيين فى العراق وتشبه المسند . ٢ ) قطعة وجدت فى بابل ومؤلفة من ٢٥ رمزا لم يمكن حلها حتى الآن . ٣ ) قطعة وجدها الاستاذ الهولندى بوهل عام ١٨٩٧ فى الاستانة . ولم تحل الكتابة للآن . ولكن يعتقد انها كتابة متأخرة .
النقوش الكنعانية المتقدمة ونظرية الحلقة المفقودة
ان هذه النظرية قائمة على ان الكتابة الابجدية التى وجدت منقوشة على صخور وفخار وقطع معدنية فى اثناء الحفريات الأثرية فى انحاء عديدة من فلسطين ، تؤلف " حلقة وصل " بين الكتابة المعروفة بكتابة سيناء ، والكتابة
الأبجدية الفينيقية . وقد وجدت هذه النظرية قبولا عظيما عند جمهرة من اكابر العلماء المختصين منهم الاستاذ غاستر والأستاذ اولبرايت الاميركى وهى نظرية تنمم نظرية الدكتور غاردينر الانكليزية التى اشرنا اليها من قبل ، ولكن قيام اولبرايت بحل رموز الكتابة السينائية وتأكيده بانها لا يمكن ان تكون أما للكتابة الفينيقية يهدم النظرية من اساسها ، ولكننا مع ذلك ذكرناها هنا استكمالا للبحث وسردا للنظريات العديدة التى حاول عارضوها ان يحلوا بها مشكلة ايجاد الكتابة الأبجدية .
فقد وجد حتى الآن ( ١١ ) نقشا كنعانيا قديما يمكن قسمتها الى ثلاثة اصناف ( ملاحظة نستعمل هنا كما استعمل الأستاذا ولبرايت لفظة " الكنعانية " اصطلاحا للدلالة على الكتابات الأبجدية السابقة للقرن الثالث عشر قبل الميلاد اى قبيل دخول اليهود واستقرارهم فى فلسطين حوالى ١٢٥٠ ق . م )
القسم الأول :
١ ) خزفة خرابات جزر التى اكتشفت عام ١٩٢٩ ٢ ) اللوحة الحجرية المكتشفة فى نابلس عام ١٩٣٤ ٣ ) الخنجر المكتشف فى لكيش " تل الدوير " عام ١٩٣٤ وجميع رموز هذه الادوات تنسب الى العصر البرونزي المتوسط اى اوائل عصر الهكسوس )
القسم الثانى :
١ ) خزفة تل الحسى التى وجدت عام ١٨٩١ ٢ ) ابريق تل العجول الذى وجد عام ١٩٣٢ ٣ ) الخزفة الموجودة فى بيت شمس الى الشرق الشمالي من القدس عام ١٩٣٠ وجميع هذه الادوات تنسب الى العصر البرونزي المتأخر اى فى القرن الرابع عشر قبل الميلاد
القسم الثالث :
١ ) كتابات لكيش رقم ١ على كأس اكتشف ١٩٣٤
٢١ ) كتابات لكيش رقم ٢ على زبدية اكتشفت ١٩٣٥ ٣ ) كتابات لكيش رقم ٣ على غطاء مبخرة اكتشفت ١٩٣٦ ٤ ) كأس لكيش المكتشف عام ١٩٠٤ ( فى القرن الثالث عشر ) قبل الميلاد ٥ ) الكتابة الموجودة على خاتم اكتشف فى مجدو " تل المنسلم " ينسب إلى ١٣٠٠-١٢٠٠ ق . م ٦ ) الرموز المحفورة أو المدموغة على حجارة اساس هيكل القدس وهى تشبه رموز لكيش .
ويقول الأستاذ ديرنفر انه لا يوجد ما يثبت نظرية الحلقة ، المفقودة حتى لان ، فهذه الرموز الهكنعانية ليست كافية فى نظر العلم لإثبات صحة النظرية وبرغم وجود تشابه بين بعض هذه الرموز ورموز الكتابات الابجدية للاقوام السامية الشمالية فانه لا يوجد ما يثبت انها بمجموعها تشابه الرموز الفينقية .
وهو يعتبر ان هذه الرموز الكنعانية انما هى محاولة فرعية او مستقلة من عدة محاولات اجريت في اواسط الالف الثانية قبل الميلاد لأيجاد طريقة للكتابة الأبجدية .
وهو يعتقد انه كان هنالك ابجدية قديمة تفرعت عنها سائر الأبجديات الفينقية والكنعانية وانه لم يحصل فى هذه الرموز تحول شديد يباعد بين الفرع واصله ، فلم تغير الرموز اشكالها تغييرا شاملا تاما .
كتابات الساميين الشماليين
الى بضع عشرات من السنين لم يكن العلماء واقفين الا على كتابات ابجدية قديمة قليلة العدد . وكان اهمها
١ ) حجر مؤاب المعروف بنصب ميشع ملك مؤاب ٢ ) كتابة فينيقية وجدت على قطع خزف فى جزيرة قبرص مقدمة الى " بعل لبنان " ٣ ) نقوش ارامية وجدت في زنجير لي في شمال سوريا.
وجميع هذه الكتابات كانت تعود الى القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد ولكنها كانت تعتبر الكتابات الابجدية الاولى التى يبدأ درس تاريخ نشوء الابجدية منها
غير انه حينما اجرى الاستاذ ببير مونته الفرنساوي في عام ١٩٢٣ حفرياته فى جبيل ( لبنان ) عثر على ناووس اخرام ملك جبيل وقد اختلف العلماء في تعيين تاريخه وذهب بعضهم الى انه من القرن العاشر كما ذهب آخرون الى انه يرجع الى القرن الحادي عشر او الثاني عشر قبل الميلاد . وقد اوردنا في مكان آخر ما اورده الاستاذ دينان عن هذا الناووس في كتابه ثم كيف انه على اثر كشف اثرى أخر اضطر الى تغيير نظريته وسرد فى ملحق خاص فى كتابه انه يقرر كون الناووس يعود الى القرن العاشر او اوائل الحادي عشر . وصار العلماء يعتبرون تواريخ بدء الكتابة كما يأتى :
١ ) ناووس احرام ملك جبيل ٢ ) كتابة يحيي ملك جبيل ٣ ) سجل اوروز نامة جزر ٤ ) نقش الرويسة المحفور على رأس فالحرية المكتشفة فى خراباتها ٥ ) نقش ابي بعل وايلى بعل من القرن العاشر
الكتابة الابجدية الاصلية
حلل الاستاذ دير نفر النظريات السابقة وخلص منها إلى نتيجة مهمية وهي انه فى اواسط العقد الثاني من الالف الثانية قيل الميلاد كان سكان سوريا وفلسطين عارفين بكتابة الإبجدية فاذا اخذنا بعين الاعتبار ان " ناووس احرام " يعود الى القرن العاشرا والحادي عشر فمن الضروري ان نفترض كون الأبجدية وجدت قبل ذلك التاريخ ببضع مئات من السنين ويثبت هذا ماذكر عن ان الكتابة الأبجدية المستعملة فى اوغارث تفترض وجود ابجدية سابقة لها حتى امكن تطبيقها على الكتابة المسمارية . وكتابة او غارث لوجدت حسب الظاهر في القرن السادس عشر قبل الميلاد وعقب زمان الهكسوس مباشرة ، وفي نفس الوقت كان سكان سوريا الشمالية يتقنون المسمارية زمان كتابة لوحات تل العمارنة ( ١٥-١٤ ق . م ) وهذا قد يثبت ان الأبجدية كانت فى ذلك الإمان حديثة العهد لم يعم استعمالها ولكن ربما كان من المحتمل ان تكون المسمارية لغة دولية رسمية ودبلوماسية ، فى حين ان الأبجدية لغة تخاطب السكان والتجار .
وكنتيجة لذلك فان الدكتور ديرنفر ، يقرر انه من الجائز افتراض وجود الكتابة الأبجدية الاولى بين الساميين الشماليين أو وجود الإم التى تفرعت عنها في الزمن الواقع بين ١٧٥٠ و ١٥٠٠ قبل الميلاد . وبعبارة أخرى يقول الدكتور دير نفر : ان هذه الحادثة الهامة فى تاريخ الحضارة قد وجدت زمن حكم الهكسوس الذي كان بين ١٧٣٠-١٥٨٠ قبل الميلاد .
اين وجدت الكتابة الابجدية اول الأمر
بعد مناقشة النظريات والادعاءات العديدة خرج الاستاذ ديرنفر الى القول بأن هنالك مكانين يمكنهما ان يدعيا شرف ايجاد الابجدية ، الاول : قرية سفر بقرب الخليل فى فلسطين ، وبلدة جيل على الساحل اللبنانى . . والاستاذ دينان يعتبر جبيل أولى بلد بهذا الشرف . ( قرية سفر هي بلدة تل بيت مرسم الحديثة بقرب الخليل )
الفروع الرئيسية للابجديات القديمة
يظهر جليا ان اختراع الابجدية بين الاقوام السامية الشمالية قد حصل فى القرون الاخيرة من الالف الثانية السابقة للميلاد . ففي أواخر هذا الالف انقلبت الاوضاع والاسس التى قام عليها الحكم والنظام الاجتماعي فى العالم القديم فقد بدأ التدهور والانحلال فى الامم العظيمة التى قامت فى العصر البرنزي كالمصريين والبابليين والاشوريين والحيثيين وأهل كريت ودخل التاريخ فى مجرى جديد قامت في اثنائه امم جديدة يمكننا تمييز اربعة منها بشكل بارز وتلك الامم هى : ( ١) اهل فينيقية ( ٢ ) اليهود ( ٣ ) الأراميون (٤ ) السبائيون
تقدمت الحضارة والتجارة وزاد الاتصال بين الامم فى هذا العهد وانتشرت الكتابة الابجدية انتشارا قدر له ان يشتق الى اربعة فروع للكتابه الابجدية وهي :
اولا - الفرع الكنعانى ويشمل : ( ١) العبرانية القديمة (٢ ) الفينيقية ثانيا - الفرع الارامى ثالثا - العربى الجنوبي او السيئى او المسند رابعا - الابجدية اليونانية التى هى ام الكتابات الحديثة الاوربية .
