حضرة الفاضل الاستاذ عبد القدوس الانصارى حفظه ال
بعد التحية :
تسألني عن أهم ما تنهض به وزارة المالية من مشروعات . وانه لسؤال يضطرنى - لتحديده - ان لا افضى الا بالاهم واترك ما عداه . وقبل الدخول فى صميم الموضوع اود ان اشعر القراء من ابناء المملكة العربية السعودية وسواها - بان البلاد السعودية مازلت فى بدء تطورها العمرانى و لاقتصادى وهما الناحيتان اللتان تعنى بهما وزارة المالية ومن اخص خصائصها . وهي
تسير فى إعداد مشاريع هاتين الناحيتين وتنظيم تنفيذها على هدى وارشادات صاحب الجلالة الملك المعظم الذي مازال - حفظه الله ورعاه - يأخذ بيد أمته وبلاده الى مراق العزة والسؤدد ، حضارة وعلما ، على سنة التدرج ، متابعا فى ذلك - أيده الله بتوفيقه - ظروف البلاد الاجتماعية والمالية . فالطفرة على ما يقولون
محال . والعجلة لا تنتج ثمارا طيبة . واخذ الامور بالتؤدة وحسن التدبير يؤدى على الدوام الى التمكين والنجاح .
وان أول ما عنيت به وزارة المالية ، وعلى رأسها معالي الوزير - اخراج التجارة فى هذه البلاد من حيزها الضيق الى افاقها العالمية الواسعة ؛ فشجعت الشركات الوطنية وحثت التجار على استيراد كل ما تحتاجه البلاد من ضروريات وكماليات من منابعها الاصلية فى العالم الخارجي . وفتحت لهم مختلف الطرق ويسرت لهم ماصعب من المعاملات النقدية لتحقيق الغاية التى تهدف إليها من توسيع التجارة والاتصال بمختلف البلاد الخارجية لتنتفع هذه الامة بشتى المصنوعات والمنتجات وتتفتق اذهان ابنائها بما يشاهدونه من تقدم العلم والفكر الانساني فى الميدان الصناعي والاقتصادى ولهذا السبب ولسبب اخرر رئيسى وهو تأمين راحة حجاج بيت الله الحرام اخذت وزارة المالية وعلى رأسها معالي الوزير - تجد فى اتمام مشروع " لميناء الجديدة " فى جدة ، لرسو البواخر فيها وانزال البضائع والركاب رأسا الى البردون حاجة الى استعمال السنابيك البخارية وذوات لاشرعة التى كثيرا اما عرضت الركاب للاخطار ، والبضائع للتلف وستكون لهذه الميناء عند تمامها واستعمالها فى القريب العاجل أهمية كبرى فى تيسير التجارة واقبال البواخر الكبيرة على دخولها دون خوف او حرج وستكون جدة بذلك ، الميناء التجارى الأول فى البحر الاحمر ان شاء الله .
وان الوزارة لبسبيلها ايضا فى تعضيد المشاريع الزراعية ومساعدة الفلاح ماديا وأدبيا ، بوساطة مديرية الزراعة ، بجميع الوسائل التى تؤدى الى توفير المياه فى اراضيه وتيسير سقيها وحرثها بالألات الميكانيكية الحديثة ، وارشاده الى ما يزيد فى انتاجها لمختلف الحبوب والفواكه والخضروات وتحسينها لتسد حاجة البلاد وقاصديها من الوفود الاسلامية فى هذه الناحية ، ولتكون الأمة ادعي الى الطمأنينة فى الظروف الحرجة التى - لا سمح الله - تغلق فيها أبواب البحار وتضطرب المواصلات العالمية . . وليس يخاف ماقاسته فى الحربين العالميتين الماضيتين . وبالبالغ حكمة جلالة عاهلها العظيم في الحرب الاخيرة وبارع سياسته استطاعت
أن تجتاز سنيها دون ان يعضها الجوع بنابه وكانت فى حالة يسري يغبطها عليه كثير من البلاد المجاورة . وان الزراعة أهم مقومات الامم الاقتصادية . . وأية بلاد لا تستطيع أن تعيش سكانها من انتاجها جديرة بان تقفر وتهجر .
وأما العمران فهذه المدن الكبرى الثلاث . مكة - جدة - الطائف . اصبحت بفضل ما تفضل به جلالة الملك المعظم من اعفاء المواد البنائية والمعمارية من الرسوم الجمركية ، وما تقوم به هذه الوزارة من تهيئة اسباب التنظيم والإصلاح - أصبحت تزد هى بما حدث فيها من مبان فاخرة وشوارع منسقة ومسفلتة . وأما قلب الجزيرة وشرقها فقد تطورا تطورا عظيما فى السنوات الاخيرة من الناحية العمرانية . ومازالت المشاريع فيها تتسع وتنمو ، وسوف تكون مدن الرياض ، والخبر ، والدمام ، ورأس تنورة - من اجمل المدن فى الجزيرة العربية .
وهناك مشروعان عظيمان طالما تاقت اليهما النفوس وتطلعت اليهما الافئدة ولهجت بضروريتهما الالسن وهما : مشروع تعبيد وسفلتة طريق المدينة المنورة واضاءة مدينتى مكة وجدة ، فلقد اخذت الوزارة فى تحقيقهما ، كارشاد وتوجيه صاحب الجلالة الملك المعظم ، ويجدوا اهتمام ولا يهل العام القابل ١٣٦٩ ه ان شاء الله الا وقد شرعت الجهات التى اسندت اليها اقامتهما وانجازهما - بالبدء في اعمالهما - ولسنا فى حاجة الى الافاضة فى فوائد هذين المشروعين وماسيكون لهما من الاثر البالغ في تطور حالة مكة والمدينة وجدة عمرانيا واقتصاديا .
وأكتفى بهذا القدر فى اجابة سؤالكم ، وسيأتى المستقبل القريب ناطقا ان شاء الله بالمحامد والمآثر التى تقيمها حكومة جلالة مولاي لخير الامة السعودية وأوطانها المقدسة
