هذا بحث فريد رفيع المكانة عالي الاسلوب مستوعب شامل منسق (( المنهل ))
فالمسلم حين يؤدى فرائضه انما الايمان بالله يدفعه الى طاعته ، والعقيدة التى يعتنقها تحمله على اداء فريضته ، فاذا ارتكب معصية فانما يقترفها في نجوة من العقيدة وبعد عن الايمان ، اذ لو ان ايمانه كان كاملا لما ارتكب المعصية .
فالايمان قوام الحلال والحرام ، وهو يحمله على البر والطاعة ، وضعف الايمان يدفع الى الاثم والعصيان .
والإيمان والعقيدة مصدر الطاعة في شريعة الاسلام ، فلا فصل بين المسجد والسوق ، وليس ما لله لله وما لقيصر لقيصر ، بل الامر كله لله ، والحكم كله لله ، لان الشرع كله لله ومن الله ..
وعمل الجوارح مرتبط ارتباطا وثيقا مع الايمان ، لان الايمان قول باللسان وعمل بالاركان واعتقاد بالجنان .
فالصلة وثيقة والارتباط تام بين العمل والعقيدة ، ولا فصل في الاسلام بين المسجد والسوق ، فاذا أدى المسلم صلاته كاملة فما
ذلك بنافعه اذا لم تحمله على الصلاح وعلى الاقلاع أو التنزه عن المحرمات .
وليس في الاسلام ولا منه ان تتعلق بالله في الصلاة ثم تتركه حينما تنزل الى السوق ، فالسوق معبد اذا أديت ما أوجب الله ، اذا حللت ما أحل وحرمت ما حرم .
فاقامة الصلاة اقامة للايمان ، وغش المؤمن جرح للمعتقد ، ومقارفة الآثام مجانبة لله ولرسوله فيما شرعا للناس .
بل الرأفة بالمذنب حين يقام عليه الحد برهان نقص الايمان ( الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر .
وفي الربا يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا ان كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون )
فالدنيا قائمة على الدين ، والسوق على المعبد ، والعمل على العقيدة ، ولا انفصام في الاسلام بين المادة والروح ، لان كل عمل صالح ينبثق من العقيدة والايمان، وكل اثم نقيضهما .
والاسلام يحوى الحياة كلها ، فالجوارح وما يصدر منها وخواطر النفس وخوالج الضمير موجهة من العقيدة التى تملى على المؤمن ان يؤمن بخالقه ويتصرف بما يتفق مع هذه العقيدة التى شرعت له منهاج العمل، وهذا الايمان يقضى عليه اطاعة أوامره واجتناب نواهيه ، فاذا لم يطع الشريعة فهو لم يطع الله ، لان الشريعة بأوامرها ونواهيها جاءت لاصلاح البشر واقامة المجتمع الافضل ، ولا
بد للمؤمن ان يراقب الله في عمله ولو غفلت عنه عيون حراس البشر ، والمؤمن مقتنع بصلاح الشريعة وقداستها فهو يحترمها ويجلها بينه وبين نفسه ، لان الشريعة من الله العالم بخير عباده ، فالله يضع لهم الشرع الذى يضمن لهم الحياة السعيدة الفاضلة اذا اتبعوا سبيله القويم .
وهذا الاجلال نفتقده في الشرعة التى يضعها بشر .
فالناس يحترمون القانون الوضعى الذى نطلق عليه اسم الشرع الوضعى مجازا وافتراضا احترام خوف، ولا يقدسون الشرع الوضعى لانهم يعلمون ان من وضعوه ليسوا معصومين ومنزهين ، بل من الجائز أن يكون فيهم من لا تؤمن جوانبه ، وفيهم مجرمون في عرف الاخلاق وان كانوا في شرعة القانون علماء أعلاما ، وكلهم خطاءون .
فمن هنا يفقد القانون اجلال الناس له ، لانه صادر عن الناس أمثالهم ، أما شرع الله فكامل ، لان مصدره الله ذو الكمال المطلق ، ومن يأخذ به انما يأخذ من الله .
فالشريعة على ما سبق تأتي بمعنى الدين وكأنهما مترادفان ، فاذا قيل في الفقه : انه شرع ، فلأن كل ما فيه من عبادات ومعاملات انما يصدر من العقيدة الاسلامية ، لان من ضرورات الايمان عمل الجوارح والا بطل .
فالصلاة أعمال جوارح ، الالفاظ منطوق بها من اللسان ، والاستغراق من القلب والضمير والوجدان والنهى ، والحركات من الاعضاء .
ولكن وراء الصلاة عقيدة وايمان ، فاذا تركها مسلم عمدا أو جحدها كفرا فقد بطلت عقيدته وفسد ايمانه ، ويكون بلا عقيدة وايمان .
فالفقه الاسلامى ليس كالقانون الوضعى جافا خاليا من الروح والمثوبة ومتعة النفس ولذة الضمير التى نجدها في الفقه .
القانون ينظر الى اسفل ، ونظرته ضعيفة ويعاقب على الذنب ولا يثيب على الترفع . فهو سلبى لا ايجاب فيه .
أما الفقه فهو ايجاب كله .
والقانون مادة ، والفقه الاسلامى روح ومادة .
وإذا كان هناك فارق بين الشريعة والفقه لما ذكرنا فان هذا الفارق مقصود منه تنزيه الشريعة وعدم تعريضها لما يتعرض له عمل المخلوق .
الفقه الاسلامى ليس مقصورا على ما ورد في الشرع من احكام ، بل أضيف اليه على مر السنين والاجيال من الفقهاء والعلماء ما لا يدخل فى حصر لكثرته وضخامته واتساعه .
وهذا الذى أضيف اليه، من الشرع،ولكنه ليس شرعا ، وبذلك يكون ما أحدثه الفقهاء قياسا او استحسانا أو سدا للذريعة قابلا للتجديد والنقد والاخذ والرد .
ونجد كثيرا من العلماء يطلقون على الاحكام الفقهية الاحكام الشرعية كما نجد في كتب فقه المتأحرين جملة ( المشروط شرطا مثل المنصوص عليه شرعا ) ولا وجود للنص في الشرع ، ولكنه تسامح منهم ، والحاق احكام الفقه بأحكام الشرع لان الشرع أصل فنسب الى الأصل .
والاولى الابتعاد عن ذلك مخافة تعريض الشريعة للقيل والقال والرد والنقد بغير حق ، ورغبة في الاحتفاظ بقدسيتها . لانها من الله ، وما جاء عن الله وجب قبوله واخذه بالتسليم المطلق ، وشريعة الله حق .
والالتزام بها فرض وايمان ، لانه لا وجود فى الاسلام للعزلة بين العقيدة والشريعة ، فالحكم لله وحده ، وهو صاحب الحق في شرع ما يريد لعباده ، لانه أعلم بمصالحهم ومنافعهم ، ولا حق لمخلوق في أن يشرع، لأن ادعاء المخلوق هذا الحق لنفسه انما هو عدوان على حق الله وحق الخلق ، واعتداء على حق الله لان الشرع حقه وحده ، والحكم له وحده ، واعتداء على حق الخلق لان الخلق مقرون له بالعبودية فهم لا يرضون بالعدوان على حق خالقهم، ومن حقهم اعلان السخط على من يريد مشاركة الله عز وجل في الشرع والحكم .
وما كان من الفقه من الكتاب والسنة فهو شرع حقا ، أما آراء الفقهاء المستنبطة من الشرع الحق واجمع عليها الفقهاء العالمون أو كان رأيا مستنبطا من أحكام الشرع الحق دون انعقاد الاجماع عليه فليس الا رأيا لرائيه يصيب فيه ويخطئ ، وان كان الاجتهاد يعطيه المثوبة في الحالين : الصواب والخطأ غير المتعمد فيه ، ومضاعفة الاجر على الصواب .
وما دام الرأى لرائيه فهو ليس شرعا ولا شريعة ، حتى لا نخلط عمل الخلق بعمل الخالق .
ونسبة رأى الفقيه الى الشرع غير صحيحة، وان كان الرأى صحيحا يحقق مقصدا من مقاصد الشريعة .
واذا كان بعض الفقهاء ينسبون آراء الفقهاء الاجتهادية إلى الشرع او يسمونها احكاما شرعية فقد نظروا الى ان تلك الآراء مستنبطة من الشرع ومحققة مقاصده، ولكنها على أى حال ليست هى الشرع .
وهذا فى أربنا من الفوارق بين الشريعة
والفقه ، ومتى أدركناها ادراكا صحيحا عرفنا ما يجب فيه التسليم بدون مراجعة أو اعتراض ، وما يجوز فيه الاخذ والرد والاتيان بجديد يخالف الآراء الاجتهادية مما لا يناقض الاصول الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة والصادرة منهما وما لنا فيه الخيرة في الترجيح او الاخذ او الترك والاجتهاد .
والفقه والشريعة ضرورتان من ضرورات قيام الانسان والمجتمع ، بل هما الضرورة التى لا يمكن لمجتمع ان يقوم الا بها وعليها ، والا صارت البشرية والانسانية حيوانية .
وبمجرد وجود اسرة انسانية يتحتم وجود الشريعة لتنظيم علاقات أفراد الاسرة بعضها ببعض ، والا امحت سمات الانسانية لتحل محلها الحيوانية ، ولا نقصد بالاسرة مفهومها المعروف ، بل لا ضير اذا قصدناه ، لان من المحال وجود أب وأم واولادهما دون أن يكون هناك آباء وأمهات وأولاد آخرون .
فوجود الاسرة والجماعة التى تتكون من أسر لا يمكن أن يكون الا ومعه الشريعة بمعناها العام ، حيث يدخل فيها الاعتقاد الدينى والعمل البشرى .
ولما كان التدين غريزة فطر عليها الانسان فان الاجتماع غريزة ايضا ، والاجتماع يحتم وجود الشريعة التى تنظم علاقة الانسان بالعالم غير المنظور سواء أكان ذات الله أم الامور الغيبية الاخرى ، وعلاقة الانسانية بالانسان عامة ، الانسان أبا وأما وأخا شقيقا وأختا وابنا وبنتا ، وأصولا وفروعا ، وأخوة في الارض وفي البشرية .
وعلاقة الانسان بما وراء الحس والمشاهدة لم يأت الشعور بها من خارج الانسان بل هى منبثقة من داخله ، ونشهد هذا الشعور
الذى هو العقيدة في الانسان البدائى وفي انسان الغاب ، ففى بعض تصرفاته معنى الشعور بما وراء المنظور ، لان الانسان مزود في خلقته البشرية بغربزة التدين والايمان ، فلما تطور قليلا تطور معه شعوره بالغيب والمجهول ، وما أكثر المجهول في حياة الانسان البدائى وغير البدائى .
ولسنا بصدد بحث الدين فى البشرية ، ولكن يمكننا ان نقرر أن فكرة الالوهية عند الانسان ولدت معه ، غريزة فيه وفطرة فطر عليها ، وان كان الشعور بها غامضا مبهما لم يفصح عنه الا بعد تطور الانسان وتفتح عقله .
فالجانب القدسى في الانسان هو ما يتصل بفكرة الالوهية واعتقاده بوجود قوة عليا مدبرة متصرفة في شؤون الانسان والكون .
ومن الملاحدة من ذهبوا الى (( انسانية )) الدين بمعنى انه من صنع الانسان ، وهو رأى مردود بدليل ان الانسان البدائى الذى لم يصنع أى أداة يشعر شعورا غامضا مبهما بفكرة الالوهية تتجلى في شعوره بوجود قوة غير منظورة أقوى من القوى التى يراها ويحس بها .
وهذا الانسان البدائى لا يستطيع صنع أعظم ما لدى الانسانية وهو الدين ، فرأى الملاحدة في انسانية الدين على ذلك المعنى مردود .
ونحن نقول بانسانية الدين على طريقتنا انه اداة للانسان ، ووجد لتنظيم أمره وتنظيم ومفهومنا ، وذلك ان الدين انسانى بمعنى علاقته بالكون وخالقه وبين الانسان وبما هو محيط به .
ونجد البدائيين فى أفريقية الذين يمثلون الانسانية فى ادوارها الاولى حيث لا علم ولا
ثقافة ولا حضارة متدينين ، يعتقدون بوجود قوة عليا تتمثل في آلهتهم وتنتظمهم طقوس خاصة يؤدونها فرادى وجماعة وتقوم عليها علاقاتهم وحياتهم .
ويقتضى الاجتماع وجود شريعة بمعناها المفهوم لدينا ، حيث تقوم على العقيدة والاخلاق والمعاملات ، فالشريعة ضرورة انسانية ، ضرورة للاسرة الانسانية قل عددها او كثر ، لانها هى التى تحدد علاقاتهم بعضهم ببعض وتنظمها وتجعل من تكاليفها وأوامرها ونواهيها قانونا .
وكلما اتسعت البيئة الانسانية وكثر عدد الجماعة زادت الحاجة الى الشريعة ، وقد حلت الشريعة مشاكل الانسان ، ألا وهى بقاء الاقوى ، فقد كانت القوة البدنية وقوة السلاح اداة البقاء .
وهذا الصراع الرهيب لا يخضع للحق والعدل ، بل يخشع للقوة الغاشمة التى تضمن البقاء بوساطة الفناء ، فلما كانت الشريعة كان البقاء للأصلح ، لان قوة السلطة او الشريعة أكبر من قوة الفرد . وقوة الشريعة عادلة وقوة الفرد جائزة ، ومن هنا حلت سلطة الشريعة محل سلطة القوة فساد النظام ورعبت الحقوق .
ولكن الشريعة التى تعاون الانسان مع الفطرة على ايجادها لم تكن شريعة متكاملة تتوافر لها أسباب الصحة والسلام وان كانت دون شك - صاحبة فضل في ايجاد النظام وطرد الفوضى .
وشريعة الانسان مهما كانت حسنة فان نقصها مشهود فيها ، فكان من الضرورى وجود شريعة تامة خيرا من شريعة الانسان الضعيف الناقص ، فكانت هذه الشريعة التامة شريعة السماء ، شريعة الله .
وشاءت رحمة الله ان تحمى وجود الانسان بشريعة سماوية وتحرسه بنظام الهى ، فاختار من بنى الانسان رسلامبشرين ومنذرين يبصرون شعوبهم بالحق والخير والجمال ، ويدلونهم على الصراط المستقيم .
واقتضت رحمة الله ان ينزل عليهم شريعة من عنده تحوى العقيدة والتهذيب والتعامل .
العقيدة تطهر الوجدان وتملأ رحابه بالايمان بالخالق الذى لا شريك له حتى يتحرر ضمير الانسان من العبودية فلا يتعبد لغير الله وحده ، وما عداه ليس أهلا لان يخضع له بالعبودية ، ومن عبدالله ليس اهلا أيضا لعبوديته لانه مثله مهما فاقه قدرا أما الله فلا مثل له ولا شريك ، فهو وحده صاحب الحق في عبادة الانسان اياه لانه خالقه وخالق الكون كله .
فالعقيدة تحرره من العبودية تحريرا كاملا، وتجعله سيد نفسه ، وان عبد الحق حر من كل القيود التى كبلته بها الوثنية .
والتهذيب ضرورة ، لانه يجعل الانسان متحليا بصفات كريمة محبوبة كاللين والطيبة والخير والاحسان والكرم والنجدة وعفة اليد والقلب واللسان .
وهذه الصفات الكريمة تجعل من صاحبها انسانا فاضلا كريما ، فاذا اضيف اليها الاعتقاد كان انسانا تاما ، لان وجوده يقوم على الايمان والطهر .
والتعامل ضرورة لان الانسان الذى يعيش مع جماعته في حاجة لا يمكن الغناء عنها الى ارتباط وثيق مثل ارتباط اعضاء جسم الانسان بعضها ببعض ، فالغذاء الذى يتناوله الجسم يأخذ كل عضو فيه نصيبه ، وكذلك الانسان الذى يمثل عضوا فى المجتمع ينال حصته من المكره والمنشط بقدر حقه .
وهذا الارتباط الوثيق يقضى بوجود منهج للحياة متفق عليه فيما بين اعضاء المجتمع يضمن لهم الامن ويقضى على الخوف ويحرس المجتمع ويقيم العدل ويحمى الحق ، ويقرر التعاون ويضبط تصرفات الانسان ويحدد العارقات والروابط والصلات .
فاذا صلحت العقيدة وحسنت الاخلاق وطاب التعامل فقد ضمن الفرد والمجتمع لانفسهما الأمن والصلاح والخير .
فالشريعة - اذن - ضرورة للانسان والمجتمع ، ولكن جانبا من الشريعة لا يصلح للبقاء والاستمرار ذلك هو جانب التعامل ، لان الحياة تتطور ، ولا بد للشريعة ان تسير مع التطور والا انهار جانباها الآخران ، لان التعامل انعكاس العقيدة والتهذيب ومظهرهما المحسوس .
ولهذا قضت رحمة الله أن يبعث رسله على فترات الزمن ليكون جانب التعامل غضا طريا كالعقيدة والتهذيب، فشريعة نوح من ناحية التعامل صالحة لقومه ، ولكنها لاتصلح لقوم ابراهيم ، وشريعة موسى لا تصلح لقوم عيسى ، لان تطور الفكر البشرى في عهد عيسى يجعل شريعة موسى غير صالحة لقوم عيسى كل الصلاح .
أما العقيدة فواحدة ولا تتغير ولا تتطور لأنها كاملة ، والتطور ينال الناقص ويتناوله بما يكمله ، والتطور جهد انسانى صالح يسعى الى التمام ، فهو تغير الى الاحسن والصالح ، والكامل لا يقبل التطور .
ومن هنا كانت العقيدة واحدة ، كل الرسل جاءوا بعقيدة واحدة لا خلاف بينهم فيها ، وهى قائمة على وحدانية الله عز وجل وصرف كل انواع العبادة له دون غيره .
والتهذيب حصة الانسانية المشتركة .
كل الناس على اختلاف الأمكنة والأزمنة ومقاديرهم من العلم والادب والفن سواء فى النظر الى الصفات الانسانية الكريمة ، فالبوذى والبرهمى والمجوسى والموسوى والعيسوى والمسلم والوثنى كلهم واحد في النظر الى الكرم يقدرونه ويحبون صاحبه ، فالتهذيب يتكرر وليس في حاجة الى تغيير ، لان صفة الكرم محمودة في جميع الازمنة والامكنة لانها صفة محبوبة يتساوى الناس في الاعجاب بها وفي قدر صاحبها .
أما التعامل فهو الجانب الوحيد من الشريعة الذى يقبل التغير والتطور ، لانه قائم على الحياة التى تضيق وتتسع وتفسد وتصلح وتمرض وتصح ، ويختلف عليها ما يمليه الانسان نفسه .
ففى شريعة اليهود : (( للأجنبى تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا)) وهذا الحكم منصوص عليه في توراتهم ، وهو حكم غير انسانى وغير عادل ، لانه لم يحرم الربا نفسه ، ولكن حرم على اليهودى ان يعامل اليهودى بالربا ، وأحله لليهودى اذا أقرض غير يهودى .
واذا افترضنا ان هذا التعامل في القروض كان حلالا ومستساغا في ذلك الزمن الذى لم يبلغ التطور الانسانى حده الكامل فانه غير صالح عندما يكون الحكم عاما لا يتقيد بزمان ومكان وجنس .
واذا جاز التعامل بالربا في الشريعة اليهودية فانه محرم في الاسلام، لان اليهودية دين خاص ومغلق كما يعرف اليهود انفسهم، دين محلى قبلى محدود بجنس وزمان ومكان، أما الاسلام فليس كذلك ، انه دين انسانى عام صالح للحاضر والمستقبل .
ولهذا وجب أن تكون نظريات الاسلام في
التعامل متفقة مع كمال شريعته وديموته ، وعمومه . وانسانيته ، وننظر حكمه في الربا لندرك ما صنعه التطور في الحكم ، يقول كتاب الله :(وأحل الله البيع وحرم الربا) .
ان الاسلام حرم الربا في التعامل ، هو حرام مثل حرمة الزنا . حرم الزنا على المسلم بأى امرأة من أى دين أو جنس ، لان الزنا نفسه محرم دون النظر الى مقترفيه ذكورا أو اناسا ، ان الفعل نفسه حرام .
كذلك الربا ، حرمه الاسلام دون النظر الى اشخاص المتعاملين ، فهو محرم لعينه .
وتحريم الربا في الاسلام يبرهن على سموه وعمومه وانسانيته .
ونحن لانتهم دين موسى بانه أحل الربا ، بل نعتقد انه حرمه ، ولكن اليهودية التى هى دين موسى المحرف والمزيف أحلته ، وان كان في أسفارهم المقدسة نصوص لا تدل على التحريم .
ولسنا بصدد المقارنة بين الشرائع ، ولكننا نريد ان نقرر ان جانب التعامل من الشريعة - كل شريعة سماوية - ليس ثابتا ثبوت العقيدة والتهذيب ، بل يتغير بتغير الازمان والامكنة ، لانه متطور في وضعه الى الحياة البشرية التى لا تبقى على حال واحدة . فهى تتغير دائما ، وتجد فيها اشياء لا تعد ولا تحصى ، وتخضع في نظام تعاملها للعقل وما يبدع ، ولما يجد مما لم يكن له وجود . ولهذا كان جانب التعامل من الشريعة قابلا للتغيير والتبديل بحسب الاحوال، لأن الحياة نفسها لا تثبت على حال، بل هى دائمة التحول والتبدل والتغير ، فكان فرضا على الشريعة أن تأخذ فى حسابها ذلك فتعد لما يجد ما يصلح ما يصلح لهذا الجديد،فأبقى أبوابه مفتوحة للجهد البشرى، وهذا هو الفقه
بمعناه الاصطلاحى ، وليس كله خاضعا للجهد البشرى ، لان منه ما لا يتغير كالعبادات - ولا يتحول مع مرور الزمن وتبدل الاحوال مثل أصول الاحكام كتحريم الربا وأكل أموال الناس بالباطل والتعامل بالمنكرات كالخمر والميسر ومثل تحريم الظلم عامة وخاصة .
فأصول الاحكام التى جاء فيها نص لا تتغير ، أما الفروع فهى قابلة للتغير ،خاضعة للتطور ، لان شريعة الاسلام صالحة لكل زمان ومكان ، وما ضمن هذا الصلاح الا اباحة الاجتهاد للفقهاء الصالحين ، حتى لا يخرج ما يجد على حكم الاسلام .
واذا استعرضنا عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الراشدين ثم بضعة القرون التى تلتهما من ناحية التعامل والاحكام الشرعية نجد الاجتهاد ضرورة لا غنى للاحياء عنها .
وقد جد بعد رسول الله جديد كثير في الاسلام ، بل فاجأ المسلمين أعظم ما قرره الاسلام بعد العقيدة وهو الحكم ، ولم يعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أحد بتوليه فاجتهد الصحابة وولوا أبا بكر رضى الله عنه بدون عهد من الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم فاجأتهم حرب الردة فعارض عمر أبا بكر وكلاهما كان مجتهدا ، وغلب اجتهاد أبى بكر اجتهاد عمر ، لانه أصح وأحق بالاتباع ، ثم جد أمر جمع القرأن بعد استحرار القتل فى القراء بحرب اليمامة فرأى عمر الجمع ولم ير أبو بكر الخليفة حتى شرح الله صدره لما شرح له صدر عمر وطلب الخليفة من زيد بن ثابت أن يقوم بالجمع فأبى ، فأشار زيد رضى الله عنه الى فدح الامر بقوله : ( لو كلفنى نقل جبل من
الجبال ما كان أثقل علي مما أمرنى به من جمع القرآن ) . . ورد بأن ما يريد ان فعله لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه استجاب بعد شرح الله صدره لما شرح له صدر عمر وأبى بكر .
ثم تتابعت الامور الجديدة وكانت من الكثرة والضخامة ما دفع الصحابة والتابعين الى استقبال الجديد واخضاعه للاسلام ، لان القاعدة التى آمن بها أبو بكر وعمر وزيد والصحابة هى قاعدة الخير .
فعندما رأى عمر جمع القرآن ورد عليه أبو بكر قال عمر : (( هو والله خير )) فرضى أبو بكر وذكر هذه القاعدة لزيد فرضى بما كان قد أباه وامتنع عنه .
ودخلت في الاسلام شعوب مختلفة الاجناس واللغات ومعهم ثقافاتهم وقوانينهم وعاداتهم ومعاملاتهم وحضاراتهم مما لم يكن للاسلام به عهد ، فلم يجد الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون والتابعون لهم في ثلاثة القرون التى هى خير القرون وأسوة من بعدهم من الاجيال حرجا في استقبال الجديد ، فما كان من الخير أخذوا به ، لان مقصد الشريعة الاسلامية الخير ، وكل أمر فيه خير فهو من الاسلام .
واجتهد رسول الله صل الله عليه وسلم نفسه ، فقد روى عنه أنه قال في مكة حرسها الله : ((لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها)) فقال العباس : الا الاذخر ، فقال : (( الا الاذخر )) وهذا الاستثناء من اجتهاده كما روى الفقهاء .
وقول الله تعالى لنبيه : (( وشاورهم في الامر )) برهان على جواز الاجتهاد بل وجوبه ، فالمشاورة فيما ليس فيه حكم بطريق
الوحي ، لان ما كان وحيا لا تجوز فيه الشورى .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر بقتل النضر بن الحارث فقتل ، فلما كان رسول الله يطوف بالبيت استوقفته أخته قتيلة وانشدته رثاء أخيها ، وفيه قولها :
أمحمد ولأنت صنو نجيبة
من قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما
من الفتى وهو المغيظ المحنق
والنضر أقرب من أصبت وسيلة
وأحقهم ان كان عنق يعتق
فقال عليه الصلاة والسلام : (( لو سمعت شعرها قبل ان أقتله ما قتلته )) ولو كان قتل النضر وحيا ما جاز أن يرجو عدم قتله اذ بلغه شعرها ، أما وان قتله اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم فقد رجا ما رجاه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيس ويتخذ القياس للاقناع ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( في بضع أحدكم صدقة )) فقيل له : أيقضى أحدنا شهوته ويؤجر عليها ؟ فرد عليه رسول الله بكلمته الجميلة الرائعة : (( أرأيت لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ )) فقيل له : نعم، فقال :(( فذلك اذا وضعها في حلال كان له أجر )) .
وأكثر من هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أجاز الاجتهاد والرأى لأصحابه وأخذ هو نفسه به .
كان قتادة رضى الله عنه قتل مشركا في الجهاد ، وكان سلب القتيل لقاتله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . (( من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه )) ولكن آخر
أخذ السلب ، ونادى قتادة في الحضور :من يشهد لى ثلاثا ؟ فنهض الآخذ وقال : صدق يا رسول الله ، سلبه عندى فأرضه عنى ، وهنا انبرى له أبو بكر وقال : لا هما الله اذن ، لا أعمد الى أسد من أسد أن يقاتل عن الله ورسوله يعطيك سلبه . فقال النبى صلى الله عليه وسلم : (( صدق وصدق في فتواه )) .
بل ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أبعد من هذا ، فقد رضى بحكم سيدنا سعد بن معاذ في بنى قريظة، بل حكمه فيهم، وقال الرسول ، كما روى البخارى في صحيحه: (( يا سعد ، ان هؤلاء نزلوا على حكمك )) ؟ قال سعد : فانى أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حكمت بحكم الله أو حكم الملك )) فحكم سيدنا سعد بن معاذ اجتهاد منه وافق حكم الله .
وفي أسرى بدر لم يكن لدى المسلمين نص من كتاب الله فأجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل صاحبيه أبا بكر وعمر ، وهذه رواية الامام أحمد بن حنبل في مسنده:
(( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر : (( ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر : يا رسول الله ، هم بنو العم والعشيرة ، أرى أن نأخذ منهم فدية فتكون قوة لنا على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم للاسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما ترى يا ابن الخطاب ؟ )) قال : لا ، والله ، لا أرى الذى رأى أبو بكر ، ولكننى أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم . ومال رسول الله الى رأى أبى بكر وأخذ به ولم يأخذ برأى عمر فنزل قوله تعالى : (( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد
الآخرة والله عزيز حكيم . لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله ان الله غفور رحيم ))
فهنا عديد من الاحكام : اجتهاد رسول الله اذ قبل اجتهاد أبى بكر وترك اجتهاد عمر ، ثم نزول الآية التى تثبت خطأ اجتهاد أبى بكر ، وصواب اجتهاد عمر ، وبيان نفاذ الحكم اذا أقره الحاكم ، وبيان اجازة حكم الاغلبيه ولو ظهر عدم صلاحه على شرط نفاذه .
وليس مقامى هذا يتسع لذكر عشرات الحوادث التى تم فيها اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ليس فيه كتاب،والتى تم فيها اجتهاد الصحابة فيما ليس فيه كتاب ولا سنة .
واستمر الحكم الاسلامى في خير القرون على استقبال الجديد بما يناسبه من الاحكام حتى كان بين أيدينا هذا التراث الفقهى الضخم الذى أضعناه ، وجمدنا عنده ، فلم نتخذ سبيل رسول الله وصحابته والتابعين والفقهاء الكرام من الاجتهاد .
وعمل هؤلاء حجة ، وتركه منا خطأ جسيم أسلمنا الى عزل الفقه الاسلامى فلا يحكم القرآن والسنة فى كل الاقطار المسلمة،واتكلنا على الغرب والشرق حتى تم عزل الاسلام في المعبد كما فعل اليهود والنصارى .
واذا كان لهؤلاء عذر فليس للمسلمين عذر ، لان دينهم لم يضق قط بالخير والعدل في أى أمر من أمور الحياة ، بل اتسع لذلك كله وجاء بأصول وقواعد ومبادئ يمكن أن تكون أساسا لكل حكم في كل جديد .
ونرى نحن اليوم كل أمة تتمسك بقانونها وتعرضه عرضا متفقا مع أسلوب
العصر . والامة القوية فرضت قانونها على غيرها . وجاء الحكام المسلمون المعاصرون وقيدوا أنفسهم بقوانين ليست من الاسلام.
وأحسب أن لهم عذرا . فهم لم يتثقفوا بثقافة الاسلام وجهلو أحكامه . وصدتهم كتب الفقه بأسلوبها عن استيعابها وقراءة ما فيها . والعلماء لم يعرضوا الفقه كما يجب . ولو عرضوه لوجدوا من يأخذون به. بل لأخذ به غيرنا ممن نأخذ عنهم قوانين بلادهم التى لا تصلح لنا .
وان مرونة الفقه الاسلامى وتعدد مصادره يضمنان له الصلاح لكل زمان ومكان ، فهو قد صلح لأمم مختلفة دخلت الاسلام ، ولم يضل بثقافتها وحضارتها وعاداتها وأعرافها وما لديهم من فلسفة وعلم وفن .
صلح فقه الاسلام الذى سطع نوره من مكة والمدينة حرسهما الله لمصر والشام والعراق واليمن وفارس والاندلس وشمال أفريقية والهند والصين وأندونيسيا وغيرها في العصر الماضية ، فما كان يطبق من شرع الله في مكة المكرمة والمدينة المنورة كان مطبقا فى أرض الروم وفي كل أرض اعتنقت الاسلام.
وهذا أمر ثابت غير مختلف فيه ، واذا صلح الفقه الاسلامى لأمم مختلفة في الوطن واللغة والجنس والحضارة والثقانة أعظم صلاح فيه فان هذا الصلاح سمة الفقه الاسلامى لا يفارقه لانه روحه ، وهو منه بمثابة ضوء الشمس من الشمس .
فالفقه الاسلامى - اذن - صالح لهذا العصر كل الصلاح اذا وفقنا لعرضه وتطبيق أصوله والافادة من مرونته وتعدد مصادره.
والشئ الذى أراه وأنا أدين الله به أن نعود الى فقه الاسلام فنعرضه بأسلوب العصر . ونقيس ما جد من الامور على ما
مضى ، ونفهم حق الفهم مقصد الاسلام الاول ألا وهو نشدان الحق والعدل والخير ، فكل أمر حقق عدلا وخيرا فهو من الاسلام فى الصميم .
وقد وضعت للبحث منهجا وهو كتابة الفقه الاسلامى كتابة حديثة ، وايجاز المادة الفقهية المصوغة بأسلوب هذا العصر في جمل قصيرة موجزة ، واعطاء كل جملة علامة أو رقما ، ورأيت الرقم أولى واخترته ليسهل الرجوع اليه مهما اختلفت طبعات الكتاب ، لان رقم الجملة لا يتغير بتغير الطبعات ، وهذا ما صنعته مجلة الاحكام العدلية ، ثم ترتيب الكلمات الفقهية فى معجم .
ولئلا أحمل الناس على رأيى دون برهان فقد بدأت البحث حسب منهجى الذى وضعته ، ومضيت في عملى منذ شهور - واخترت العقود وخصصت منها عقد((البيع)) فاذا انتهيت منه بفضل الله وكرمه عرضت عملى رجاء أن يعم به النفع ، فاذا كان موضع الرضا كان مثالا يحتذى .
وفي قوانين الغرب وفي قوانين الصين الوطنية من الفقه الاسلامى كثير ، وان أكبر رجال القانون والحقوق في الغرب ممن اطلعوا على بعض الفقه الاسلامى أكبروه وأعجبوا به ، بل ان مؤتمرات دولية أشادت به ، وقرر مؤتمر باريس المنعقد في شهر يوليو ١٩٥٢ م لبحث الفقه الاسلامى ان فقه الاسلام مستجيب لكل مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها .
ولو أردنا أن نستشهد بكبار القانونيين والحقوقيين في العالم على حيوية الفقه الاسلامى وروحه المتجددة وقوته الذاتية مما يجعله فقها صالحا لكل عصر ومستجيبا لكل مجتمع لما وسعنى هذا المقام المحدود .
ولكن لا يكفى رأى الافراد ، ولا بد أن نعمل على فرض فقهنا ، وان الفقه الاسلامى يفرض نفسه اذا عرضا صحيحا سليما .
كيف نرجو فرضه والدول الاسلامية لا تحكم بشريعة الاسلام ؟ ان أول ما يجب أن نحكم نحن المسلمين كتاب الله وسنة رسول الله ، حتى تكون دعوانا بصلاحها صحيحة ، أما أن ندعى عذاب الصلاح ثم لا تجعل شرع الله حكما فذلك هو الدليل الذى نقدمه نحن على ما يهدم دعوانا وينقضها .
واذا كنا مؤمنين حقا بأن شريعة الاسلام صالحة لكل زمان ومكان فان علينا أن نطبقها في حياتنا العملية ومعاملاتنا كلها حتى يكون
الايمان حقا ، لان الايمان - كما قلنا - قول وعمل ، وهما متلازمان .
وحسبنا أن نعلم أن شريعة الاسلام هى عطاء الرحمان والقوانين الوضعية عطاء الانسان ، وشتان ما هما فالخالق كامل والمخلوق مهما بلغ من العبقرية والتمام في خلائقه ناقص ضعيف،وينعكس النقص في قوله وعمله ضعفه ونقصانه .
فلنتجه الى الفقه الاسلامى حقا، ولنعرضه عرضا سليما وصحيحا ، ولنطبقه في بلداننا حق التطبيق ، وعندئذ يأخذ الناس به لانه قائم على الحق والعدل والخير والفضيلة والجمال ، والناس - على اختلاف ميولهم - يصبون الى هذه القيم الرفيعة ويتطلعون الى المثل العالية .
مكة المكرمة
