الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 76الرجوع إلى "الرسالة"

أعمال الاستكشاف في قلب أفريقية

Share

قررت أكاديمية العلوم الفرنسية أن تنمح جائزة   (البردى  موناكو)  الشهيرة وقدرها مائة ألف فرنك   (نحو ألف وثلاثمائة  جنبة)  إلى العلامة الجغرافي المكتشف الأفريقي الجنرال تيلهو،  أحد أعضاء بعثها الجغرافية، وذلك لما قام به من الاكتشافات  الخطيرة في منطقة بحيرة تشاد والأنهر المتصلة بها، ومعاونته بذلك  على وضع هذه المنطقة تحت الحماية الفرنسية

وقد كانت فرنسا تعنى منذ بعيد بشأن هذه البحيرة الشاسعة  التي تقع في وسط أملاكها الصحراوية الأفريقية، وتؤثر أعظم أثر  في مستقبلها الاقتصادي؛ فجهزت إليها عدة بعوث علمية منذ  أوائل هذا القرن، ولما زادت أملاكها في تلك المنطقة باستيلائها  على أملاك ألمانيا، وتوغلها في السودان الغربي، زاد اهتمامها  باكتشاف هذه المنطقة وتحديدها وتأمين حمايتها؛ ويمكن تقدير  أهمية بحيرة تشاد متى علمنا أنها تغطى مسطحاً قدره ١٨,000   كيلو متر، ويصب فيها نهران كبيران هما   (شاري)  و   (لجوني)

وعلى مائها تقف حياة الملايين من سكان المناطق المجاورة، وكان  الجنرال تيلهو، منذ كان ضابطاً فتي في أواخر القرن الماضي،  يهتم باكتشاف هذه المنطقة، وينوه بأهمية مستقبلها الاقتصادي  والسياسي، وقد كان أول من استطاع أن يضع لها خريطة دقيقة؛  وقد بدأ بارتيادها منذ سنة ١٨٩٨ ليحقق أبعادها بالنسبة لنهر  النيل ونهر النيجر، ولكنه لم يستطع أن يتوغل يومئذ في تلك  الأنحاء لخطر قبائلها الهمجية. ولكنه عاد بعد بضعة أعوام  فالتحق ببعثة الجنرال مول التي أوفدت لضبط حدود الينجر بين  فرنسا وبريطانيا، وفي سنة ١٩٠٦ عين رئيساً لبعثة جديدة أوفدت  لاكتشاف المنطقة الواقعة بين الينجر وبوركو، فاستمرت في  تجوالها في تلك الأنحاء مدى ثلاثة أعوام. وفي سنة ١٩١٢ عاد  على رأس بعثة أخرى، وقضى في تجواله خمسة أعوام اكتشف  أثناءها كثيراً من أسرار المنطقة الواقعة شرق بحيرة تشاد، ومنطقة  بركو، وبيستي ودارفور، وضبط وسائل المواصلة بين مستعمرات  فرنسا الأفريقية الغربية والسودان الفرنسي   (السودان الغربي) ؛  وعلى أثر هذا الاكتشاف العظيم عين الجنرال تيلهو عضواً في  أكاديمية العلوم ومنح مدالية الاستحقاق الذهبية؛ ثم أنعم عليه  بعد ذلك بلقب عضو في المجمع العلمي؛ والجنرال تيلهو جندي  باسل، وعلامة جغرافي ومحقق أخصائي في جغرافية أفريقيا الوسطى،  وقد قرر أن يخصص الجائزة التي منحت له لمتابعة أعماله  واكتشافاته العلمية في تلك الأنحاء

ولم ينفذ العالم الأوربي إلى تلك الأنحاء إلا منذ أوائل القرن  الماضي، منذ اكتشافات منجو بارك الاسكتلندي، ورنية كاييه  الفرنسي؛ ولكن يبدو من دراسة رحلة أبن بطوطة الرحالة المغربي  الشهير أنه ارتاد كثيراً من تلك الأنحاء، على أثر عودته من رحلته  في الشرق الأقصى   (في أواسط القرن الرابع عشر) ؛ وهو يذكر  أسماء مدن ومواقع لم يعرفها الغرب إلا منذ قرن مثل سكوتو،  وغيرها

اشترك في نشرتنا البريدية