كتب الكاتب الكبير بول موران فصلاً ممتعاً عن الحكاية Nouvelle فلاحظ أنها تمزج بالقصة Roman وحمل على القائلين بأن الأقصوصة الطويلة إنما هي قصة من النوع الطويل، ولكنها أقل منها حجماً. ويرى بول موران أن هناك فرقاً جوهرياً بين النوعين، فالأقصوصة الطويلة صغيرة الحجم حقاً، ولكنها تخالف القصة من حيث الجوهر؛ ذلك أن القصة العادية لا يحدها حجم، وقد تطول أو تقصر فلا يغير ذلك شيئاً من موضوعها، ولكن حجم الأقصوصة الطويلة يفرضه موضوعها ذاته. وفي وسعك أن تترك الكتابة في القصة إلى حين ثم تستأنفها دون حرج، ولكن الأقصوصة إذا تركت على هذا النحو تصدع بناؤها
ويجب ألا تمزج الأقصوصة بالتصوير الموجز Esquisse وقيمتها قبل كل شئ في نوعها، فهي عمل معتنى به وليست عملاً سهلاً سريعاً؛ أما قيمة القصة فهي ما تخلعه عليها مواهب كاتبها، وتخضع الأقصوصة لقوانينها الخاصة، وهي لم تتغير منذ عهد الأحياء. وموضوعها دائماً هو أن تعزل شخصية أو عملاً، وأن تجرده من ملحقاته، وأن تخرجه من الحياة. أما القصة العادية (الطويلة) فتحملنا إلى أفق خلقي محض، ولهذا كان الإنكليزي قصصياً (روائياً) مجيداً، أما الفرنسي فأنه لبراعته في التحليل يجيد كتابة الأقصوصة.
وقد تستطيع أن تكتب قصة طويلة دون التزام الذوق الحسن، أو دون موهبة وعبقرية، ولكن الأقصوصة الحسنة لا يمكن أن تكتب إلا طبقاً لأصول الفن؛ فللكاتب الذي ليست له مواهب فنية لا يستطيع مطلقاً أن يكتب أقصوصة ذات شأن.

