فى مساء السبت الماضى ابتدأ اتحاد الممثلين، عمله على مسرح الهمبرا برواية (هرنانى) لفكتور هيجو وترجمة الأستاذ خليل مطران، وهى من الروايات الأنموذجية التى ترجمت تحت إشراف وزارة المعارف.
وقد ذكرنا فى كلمتنا عن (مديرى الفرق والممثلين) إن اتحادا قويا متنا تألف من بين ممثلى الدرام فى مصر، من الأكفاء الذين شهد لهم الناس بالمقدرة، وتقدموا للجنة تشجيع التمثيل فى وزارة المعارف يعرضون عليها تحت إشرافها وبالشروط التى ترتضيها. وذلك بعد إن فشلت الجهود التى بذلت مع مديرى الفرق، وبعد أن تعنت هؤلاء مع اللجنة وأرادوا أن يملوا عليها شروطهم
ذكرنا هذا واهبنا باللجنة أن تنتهز الفرصة السانحة فتمد يدها حازمة قوية لهذا الاتحاد وترحب به ولا تضن عليه بالمساعدة المادية التى يستحقها. ويسرنا أن اللجنة كانت عند حسن ظننا بها، وان كلمتنا وجدت منها آذانا صاغية، فقررت ان تمد يدها إلى هذا الاتحاد فى سخاء وكرم، وان تعينه على العمل فى خطاه الأولى فوضعت تحت تصرفه بضع مئات من الجنيهات يعد بها الوسائل الضرورية ليبدأ العمل على بركة الله.
واتحاد الممثلين اليوم لا ينقصه الرجال الأكفاء ولا المخرج النابه. ولا المال المعين، ولا يعوزه تعضيد الصحافة وتشجيع الكتاب والنقاد، وبالجملة وفرت كل وسائل العمل التى تكفل النجاح فالاتحاد يحمل عبئا عظيما ومسؤولية خطيرة أمام هذا البلد وإن الأنظار لترعاه من كل مكان تترقب خطاه وتنظر ماذا هو صانع بالأمانة التى رضى بحملها وبالثقة التى وضعت فيه وبالآمال العريضة التى نيطت به فهو لا ريب الأمل الأخير فى إنعاش المسرح فى مصر وإنهاضه إلى المستوى الجدير به. وإنها لتجربة لها ما بعدها، فإن فشلت فليس لنا ألا أن ننفض الأيدى جميعا من المسرح ونتركه للقدر يبعثه حين يشاء، فى جيل غير هذا الجيل، وما نتحدث عنه بعد اليوم أن تحدثنا إلا كما نتحدث عن عزيز قضى، أو حلم تبدد.
لو تحقق النجاح لهذه التجربة لسارت القافلة على بركة الله إلى غاية الطريق، ولا استطعنا أن نطالب الوزارة بمزيد من المعونة. ثم لعلنا ننتهى إلى لفت الأنظار إلى العناية بالفن عناية مجدية فتكون لنا الفرقة الرسمية، ويكون لها مسرح خاص مزود بأحدث مبتكرات الإخراج المسرحى، ويقوم فيه معهد الفن من جديد لتلقى أساليبه ودرس وسائله، وتنهض بكل هذا ميزانية من آلاف الجنيهات كما هي الحال فى سائر الممالك الحية وتنشط حركة التأليف وتخرج الرواية المصرية إلى النور، وترفع عنا وعن المسرح هذا الخمول الذى نعانيه. بقى أن نقول أن الاتحاد خطا خطوة طيبة بطلبه من الأستاذ زكي طليمات أن يتولى إخراج رواياته وقد لبى الأستاذ طليمات هذه الدعوة بصدر رحب ونفس مطمئنة.
إن المسؤولية الكبرى التي يحملها الاتحاد إنما يحمل العبء الأكبر فيها فناننا النابه، وهذه المادة التي بين يديه مادة ثمينة فى يد الصناع الماهر، ولا شك إننا سنلمس اثر جهوده واضحا، وسنكون سعداء إذ نتحدث إلى قرائنا عن هذا الجديد الذى بتنا نرقبه طويلا.
سينجح فأننا وسيكتب له الفوز، وستخفق لنجاحه وفوزه قلوب، بعضها من الفرح وبعضها من الحسد، قلوب تفرح لأنها ترى المسرح ينهض ويشتد عوده بعد أن طال احتضاره وركوده، وقلوب تتآكل ألما لان هذا النجاح يفوت عليها كثيرا من المآرب الشخصية والمنافع العاجلة أو يقضي على ادعاءات كانت تصك بها مسامعنا طوال هذه الأعوام.

