أذكارا بعد ما ولى الشباب ومن الذكرى نعيم وعذاب
لا تقل تعزية عن فاتت كم عزاء فى ثناياه المصاب
وإذا الدار جفاها أنسها فمغانيها مع الترب تراب
وإذا الروض ذوت أوراقه فغناء الورق فى الروض انتحاب
وإذا ما الزهر ولى حسنه فبقاياه عبوس واكتئاب
واحمرار الشمس فى مغربها دمعها القاني أو القلب المذاب
إنما الذكرى شجون وجوى يسكن القلب لها وهى حراب
رب نفس عشقت مصرعها كفراش النار يغريه الشهاب
ولكم أنس وفيه وحشة واقتراب هو نأى واغتراب
عالي القلب بذكراك وإن كان لا يغني عن الماء السراب
وصلينا فى الكرى أو فى المنى من أباه الصدق أرضاه الكذاب
أو عدينا عدة ممطولة قد يشام البرق إن ضن السحاب
كم تمنينا عقيمات المنى ودعونا وصدى الصوت جواب
ورضينا بقليل منك لو أن مشتاقا على الشوق يثاب
لا أرى بعدك شيئا حسنا آهل الأرض بعيني يباب
رنة العود بسمعي أنة وسلاف الخمر فى الأقداح صاب
يا زمانا صفرت منه يدي غير ما تبقي الأماني الكذاب
ليت نفسي ذهبت فى إثره فذهاب الصفو للمرء ذهاب
من لقلب حامل من وجده ما يذوب الصخر منه والهضاب
حمل الأيام ذكرى ومنى ضاقت الدنيا بها وهى رحاب
والمنى عذر الليالي إن جنت وهى للشاكي على الدهر عتاب
ونعيم يعد القلب به نفسه حين المقادير حجاب
ليتها دامت على خدعتها أحسب الخير ويعدوني الحساب
ربما رفه ظن خاطىء ولقد يجني على النفس الصواب
غير أن اليأس قد أبقى بها مثلما يبقي من الشمس الضباب
لم يدع لي اليأس ما أحيا به غير قد كنا وقد كان الشباب!

