قال الأساتذة: سعيد العريان، وأميندويدار، ومحمود زهران مؤلفو هذه القصص المدرسية: (ليس من شك في أن الطفل بطبعه ولوع بالقصة؛ وأن الأدب العربي على سعته وغناه يكاد يخلو من القصة السهلة التي يستطيع الطفل أن يقرأها في رغبة وشوق. فبينما نرى الآداب الأجنبية حافلة بكل ما يجذب الطفل ويحبب إليه القراءة والمطالعة، نجد الأدب العربي يكاد يخلو جملة من (أدب الطفل) ؛ وبينما الطفل الأجنبي يتلقى أكثر معلوماته عن الحياة في أسلوب (القصة) الجذاب - نرى الطفل العربي يتلقى أكثر مسائل العلم في أسلوب جاف، وطريقة لا تلائم طبيعته المرحة
ولاشك أن المدرسين أكثر إحساساً بهذه الحقيقة، واشد شعوراً بحاجة الطفل العربي إلى أدب سهل يشوقه ويجذبه، ويوافق نزعته وميله. هذا الشعور الذي دفعنا إلى أن نحاول سد هذا الفراغ، بوضع قصص سهلة تلائم طبع الطفل وتتمشى مع روحه، فبدأنا بوضع سلسلة من القصص، سميناها: (القصص المدرسية) ورمينا فيها إلى الأغراض الآتية:
(١) - أن تكون وسيلة إلى تعليم الانشاء؛ فجعلنا أسلوبها سائغاً مفهوماً، لا يبعد من الفصحى، ولا يتدنى إلى لغو العامية؛ وحاولنا بسبيل ذلك أن نقرب بين اللغة التي يتكلمها التلميذ، والعربية التي يتعلمها؛ فأبقينا على كلمة عامية لها في العربية أصل يؤيدها، غير وانين في التنقيب والبحث في كتب اللغة عن كل كلمة في مظانها ووضعنا تحت عين التلميذ نماذج من جيد الانشاء، مبثوثة في تضاعيف القصة، مفرقة في حواشي الكلام ليسهل على التلميذ تناولها من غير أن يشعر بسأم المتعلم؛ فلا يكاد يأني على القصة حتى يكون قد اجتمع له من فصيح الكلام قدر يعنيه على تجويد المحادثة والإنشاء
(٢) - وأن تكون وسيلة الى تهذيب الطفل؛ لذلك عنينا بأن يكون موضوع قصصنا غير بعيد من جو التلميذ، بحيث يسهل عليه تصوره ومتابعته بخياله، وبحيث يتهيأ له أن يعرف الطريق الى الرجولة الفاضلة من غير أن يلتوي عليه السبيل
(٣) - وأن تكون وسيلة الى تسليته؛ ولهذا حاولنا ما استطعنا أن نجعلها جذابة في كل شيء؛ صغيرة الحجم، يستطيع الطفل أن يضعها في جيبه ليقرأ فيها متى وأنى شاء، مشكولة، ليمكن التلاميذ قراءتها بغير معاناة؛ جميلة مصورة، زاهية اللون، لتدعو الطفل إليها بمنظرها الجميل، كما جعلناها رخيصة الثمن، ليكون في طاقة كل تلميذ أن يحصل عليها، طيبين نفساً بما نبذل من وقت ومال وراحة في سبيل الغرض الذي ننشده؛ فان أفلحنا في الوصول إليه فذاك حسبنا، وإلا فإننا ماضون في طريقنا دائبون على تكميل كل نقص نراه أو يلفتنا إليه الناصحون)
وقد نشر الأساتذة الفضلاء قصتهم الطفلية الأولى وهي (مُدمس أكسفورد) تقع في ٥٤ صحيفة، مشكولة كلها بالشكل الكامل. وموضوعها جذاب طلي. يصل بنفسه الى أعماق نفس التلميذ، ويجمع له بين القراءة والتفصح والتهذيب ويرمي بهمته الى بعيد، ويسمو بعواطفه الى أعلى
وقد ختمت هذه القصة باستخراج سبعة موضوعات إنشائية منها، مبينة في آخرها، ليكتب فيها التلميذ الصغير؛ فكانت القصة بذلك جامعة بين القراءة والكتابة، محققة لأغراض الأساتذة المعلمين
وثمن كل قصة خمسة مليمات، وتطلب من إدارتها بطنطا

