ليس المخلوق الحى مع ما هو عليه من مظهر الوحدة سوى مجموعة مركبة من مواد عضوية وغير عضوية، تربطها ببعضها قوى طبيعية هى نفس القوى الصادرة عن الكون المحيط بها، لذا يتقدم الباحث لدراسة هذه المجموعة كوحدة حية أولا، ثم كجزء من ذلك الكل أو الوسط الذى يعيش فيه ثانيا. وقد أطلقت كلمة بيلوجيا "علم الحياة" على مجموع هذه الدراسات: دراسة أشكال المخلوق الحى وأوضاعه فى الفضاء وهى (المورفولوجيا) ودراسة أوصاف أجهزته وأعضائه وهى (علم التشريح) والبحث عن تطور هذا المخلوق من البويضة حتى يصبح كامل الخلق وهو (الايمبريولوجيا) (علم الأجنة) ودراسة وظائف أجهزته وأعضائه وهى (الفيزيولوجيا) . ودراسة الحياة وقوانينها وتطوراتها الكونية، والوسط الذى تعيش فيه المخلوقات باحثة عن غذائها، والغازات الضرورية لتنفسها، وكذا اثر هذا الوسط فينا . وتوزيعها حسب تطوراته تلك هى (الايكولوجيا) .
والأحياء المائية تتميز من غيرها بأن الوسط الذى تعيش فيه هو الماء. وهذا النوع من الحياة هو أهم الفروق بينها وبين الأحياء الاخرى، لأنها فيما عدا ذلك تتنفس وتتغذى وتتناسل وتؤدى أعضاؤها نفس الوظائف التي تؤديها الأحياء الهوائية. وإنما تتطور هذه الوظائف ويتطور شكل المخلوقات المائية تبعا للوسط الذى فرض عليها مظاهرها الخاصة.
والأسماك فصيلة من المخلوقات المائية استرعت اهتمام الإنسان منذ اقدم العصور لأنها مصدر هام لغذائه. فالإنسان منذ النشأة الأولى كان صيادا قنصا. على أنه ثمة أحياء مائية أخرى أنتفع بها الإنسان أما لغذائه أو لأغراض نفعية أخرى. نكتفي منها بالإشارة إلى الصدفيات (كالجندوفلى وأم الخلول) ، وذوات القشور (كالجمبرى واللانجوست) لغذائه. وإلى الإسفنج وحيوانات اللؤلؤ والمرجان والسلاحف المائية والتماسيح (الباغة والجلود) لزينته ونظافته. وإلى الدرافيل والحيتان لصنع الجلود واستخلاص الزيوت. وإلى بعض الأسماك لاستخلاص سماد (الجوانو) والفراء الحيواني والمستحضرات الطبيعية كزيت كبد البكلاه (زيت كبد الحوت) وإلى الأعشاب البحرية التي يستخرج منها اليود وينتفع بها فى الأسمدة.
ونقصر هذا المقال على بحوث الأسماك وهي بحوث يمكن تطبيقها على الأحياء المائية الأخرى مع بعض تغيير فى الطرائق يقضى به تكوينها المختلف ونوع حياتها الخاص.
أول ما يعنى به من يدير شأنا من الشؤون كمنجم أو بحيرة هو أن يعرف ما تحويه التربة من معادن فى طبقة مخصوصة، أو ما يعيش فى البحيرة من مخلوقات نافعة أو ضارة، لذا كان أول ما يهم خبير المصائد هو أن يستعرض المخلوقات التي تعيش فى مياهه فيعمل لها سجلا، وعلى أساس هذا السجل يستطيع أن يتعرف طرائق بحثه. وأن مؤلفا جليلا مثل (أسماك النيل) (لبولانجيه) أو (أسماك البحر الاحمر) لكلونتسنجر لهو محاولة موفقة فى هذا السبيل، فعلى خبير المصائد أن يجمع المعلومات من المصائد المصرية المختلفة عن أنواع الأسماك التي تدخل أسواقنا، بل والأنواع الأخرى التي لا يهتم بها صيادونا أو لا يعرفون طرق صيدها. وليس عمل قائمة بجميع اسماك المياه المصرية سهلا كما يتراءى لأول وهلة. فمنذ ظهر كتاب (وصف مصر) الذى قامت به البعثة الفرنسية الملحقة بحملة بونابرت إلى يومنا هذا لم تبلغ بعد قائمة أسماكنا حد التمام خصوصا فى البحرى الأحمر والأبيض، فثمة أسماك لا يعرف صيادو البحر الأبيض طرق صيدها (وأخصها الأسماك الرحل) . كما أن طرق الصيد فى البحر الاحمر لما تزل على حال من البساطة يتعسر معها الحصول على جزء كبير من الأسماك التي تعيش فى ذلك البحر.
فأمام أخصائي المصائد فى مصر سنوات طويلة يقضونها فى البحث المتواصل حتى تتم قائمة الأسماك المصرية مرتبة حسب الأنواع والفصائل والأجناس. كما ينبغي أن تدعم هذه القائمة بمتحف كامل يضم نماذج من جميع أسماكنا جيدة الحفظ جلية العرض.
كذلك يعنى الأخصائي بمعرفة مواطن الأسماك، فثمت اسماك تقطن الماء العذب وأخرى تقطن الماء الأجاج، وغيرها تعيش فى البحار، أو تنتقل بين الماء العذب وماء البحر. ومن الأسماك البحرية ما تعيش على القاع، وتفضل نوعا من القاع، رمليا أو صخريا أو طينيا، ومنها ما تغشى الصخور وفرجاتها، ومنها ما تعيش فى طبقات الماء العليا أو السفلى متنقلة بين مناطق البحر سريعة الحركة.
وفى مياه النيل يهمنا أن نعرف مواطن كل نوع من أسماكه، تلك التي تأوى إلى الحشائش أو تعيش على القاع الطيني. وتلك التى تقاوم التيار أو تقاوم كمية من الملوحة تسمح لها بالحياة إذا ما وصلت مع المصارف إلى بحيراتنا ذات الماء الأجاج.
فإذا عرفنا مواطن كل نوع من السمك وجب علينا أن ندرس توالده، فعندما تبلغ الأسماك طولا معلوما يختلف باختلاف الأنواع
ينضج جهازها التناسلى، فتمتلئ مبايض الأنثى بأجسام كروية تبدو للعين المجردة كما يظهر لك بفحص قطعة من البطارخ، وليست هذه إلا مبيضا ممتلئا ببويضات أنثى البورى الناضجة. وإذ تنضج الأنثى فهى بادئة بالمبيض، وذلك بأن تلقى بالآلاف من بويضاتها فى الماء، أما على قاع رملي أو طيني، أو بين الحصى أو الأعشاب المائية أو فى شقوق الصخور، أو فى أوكار محفورة فى الطين، أو بين طبقتين من الماء حيث تبقى البويضات عائمة بفعل ثقلها النوعي وكذا ينضج الذكر عند طول معلوم يقرب من طول الأنثى، ويغلب أن يكون أقل قليلا. وينتج جهازه التناسلى خليات سريعة الحركة لا تراها العين المجردة. ففى موسم التوالد تتآلف الذكور والأناث، فما تكاد تلقى الأنثى بويضاتها فى مكان من الأمكنة التي سلف ذكرها حتى يتقدم الذكر إلى ذلك المكان ليلقي بملايين من تلك الخليات السريعة الحركة بجانب البويضات التى لا حراك بها، وتسرع تلك الخلايا إلى الاندماج فى البويضات. وقد يجتمع للبويضة بضعة من تلك الخلايا، فلا ترضى منها بغير واحدة تتغلغل داخلها وتمتزج بها كل الامتزاج. وينفث هذا الاتصال فى البويضة حياة جديدة إذ تنقسم - وهي خلية واحدة- إلى ملايين من الخلايا تتطور حتى تصبح مخلوقا صغيرا لا يشبه والديه فهو محوط بغشاء رقيق هو غشاء البويضة الخارجي يذيبه ثم يخرج إلى الماء مزودا بكيس محى يكون غذاءه فى الأيام الأولى. فإذا ما نفذ ذلك الغذاء أصبح الجنين سمكا صغيرا يسعى وراء غذائه، وهو لا يزيد طولا على بضع ملليمترات. ولا يزال يكبر حتى يبلغ بدوره الطول الذى تنضج فيه أعضاؤه التناسلية ان ذكرا وإن أنثى.
على أن السمك وقد بلغ ذلك الطول لا يبيض طوال السنة، لأن عملية نضوج الجهاز التناسلي عملية دورية تبلغ تمامها فى وقت معين من السنة؛ يختلف باختلاف الأنواع؛ فمن أسماك تبيض فى الشتاء وأخرى فى الربيع أو الخريف أو الصيف. وقد يستمر مبيضها أياما أو شهورا. وكذا يتبع الذكر تطورا موازيا لتطور كل أنثى من نوعه.
وفهم أمثال هذه الحقائق -كمعرفة عمر الأسماك والطول الذى ينضج عنده جهازها التناسلى- من أهم القواعد التى يستند عليها التطبيق العملى. لأنه لما كان من الضرورى أن يسمح لأكبر عدد من الأسماك بالتوالد وجب أن نعرف وقت هذا التوالد لحماية النوع برد عادية الصياد عنه، وهذه الحماية لا تتناول الأبوين فحسب، بل يجب أن تتناول البويضات وأفراخها.
ولذا كان من المهم أيضا معرفة المناطق التي تغشاها الأسماك وقت التوالد فيمنع الصيد فيها. من ذلك مثلا أنواع البلطى التى تبيض وتفرخ بين الحشائش المائية (كالبردى) فيجب إبعاد الصيادين عن تلك المناطق أثناء موسم التوالد.
ومن أسماكنا كالبورى والطوبار ما يترك الماء العذب أو البحيرات الشاطئية ليخرج إلى البحر فيفرخ.
ولما كان مخرج هذه البحيرات إلى البحر بوغازا ضيقا، أصبح واجبا منع الصيد بتاتا فى البواغيز الموصلة بين البحيرة والبحر للسماح للبورى والطوبار بالخروج إلى البحر، ولأفراخه -وهى تقدر بالملايين- بالعودة إلى البحيرات.
كأننا بهذه المعلومات البيولوجية استطعنا أن نفى بالشرط الاول من شروط علم الحيوان التطبيقى . وهي حماية النوع بمساعدة الطبيعة فى مجهودها نحو بقائه
على أن هذه المعلومات يمكن الانتفاع بها على وجه آخر، إذ يمكن للأخصائي أن يقلد الطبيعة فى عملها بإعداد أمكنة خاصة لأفراخ الأسماك وتعهدها بالعناية، وذلك برد أعدائها عنها وتغذيتها تغذية تساعد على نموها العاجل، كذلك يستطيع نقل الأسماك من جهة تكثر فيها إلى جهة صالحة لنموها وتوالدها ولكنها فقيرة منها.
وفى البحار تتخذ هذه المسائل طابعها الخاص، ولكن الدراسة تقضى هنا أيضا بتعرف حياة الأسماك البحرية من سرعة نموها إلى أمكنة توالدها إلى هجرتها.
لقد كان حديثنا حتى الآن عن السمك نفسه تلك الوحدة الحية التى ليست سوى جزء من كل. وهذا الكل هو الوسط الذى يعيش فيه الأسماك ولها به صلات وثيقة، لذا كانت دراسة هذا الوسط تعادل فى الأهمية دراسة السمك نفسه، هذا الوسط متجانس ظاهرا. ولكن كم من العوامل تجعل من هذا التجانس الظاهر اختلافات عديدة، ومن الطبيعي أن يتأثر المخلوق المائي بتلك العوامل، لقد كانت جميع المخلوقات فى ظلام التاريخ الجيولوجى تعيش فى الماء مرنة التكوين سهلة التأثر بالعوامل المحيطة، وقد احتفظت المخلوقات التي لا تزال تعيش فى الوسط المائي بتلك المرونة التكوينية التى كانت الأصل فى تعدد الأنواع، ودراسة الوسط المائى دراسة تفصيلية تلقى ضوءا جديدا على عوامل التطور.
على أن لهذه الدراسة أهميتها العملية، فالوسط المائى يشطر أعمال الأخصائى شطرين- بيولوجيا المياه البحرية، وبيولوجيا المياه العذبة، وقد يتصل الشطران إذ يختلط وسط بآخر كما يحدث
ذلك فى بحيراتنا الساحلية، أو يختلط بحران من تكوين وطبيعة مختلفين كما حدث ذلك بحفر قناة السويس.
ما منشأ اختلافات المياه العديدة والماء وسط متجانس؟ أولها وأهمها وجود المواد الذائبة فيه، وينشأ عن وجود هذه المواد ظواهر كيميائية طبيعية أهمها (الأسموز) ومن أظهر المواد الذائبة فى البحار كلورو الصوديوم. والمخلوق المائي يعيش فى حالة توازن كيميائي طبيعي مع الوسط المحيط به، ولقوة الأسموز اليد الطولى فى هذا التوازن، فإذا نقلنا سمكة من اسماك الماء العذب إلى البحر اختل هذا التوازن، وعجزت السمكة عن مقاومة هذا الاختلال طويلا ثم ماتت. وكذا العكس.
على أن هناك غير قليل من الأسماك دخلت من البحر إلى البحيرات الساحلية، وتعودت مياها اقل ملوحة من مياه البحر، بل قد تصل فى عذوبتها إلى ما يدنيها من مياه الأنهار. بل هناك أسماك تتحمل الحياة فى الماء العذب والبحر على السواء. على أن تلك الأسماك البحرية التي تعودت الحياة فى الماء العذب أو الأجاج تدفعها فطرتها إلى العودة إلى البحر لتفرخ. وإذا أمتنع عليها الوصول إلى البحر أصابها العقم، وتلك حالة ثعابين السمك (الأنقليس) والبورى والطوبار من أسماكنا المصرية.
ويعرف سكان المنزلة والبرلس وأدكو تلك الظاهرة حق المعرفة. إذ تخرج آلاف البورى والطوبار إلى البحر فى مواسم معينة يطلقون عليها (الخرجيات) .
وقد اكتشف الأستاذ (يوهانس شميدت) اكتشافا يعد من أغرب ما وصل إليه الكشف العلمي فى البحار، وهو أن ثعابين السمك التى تعيش فى الأنهار والبحيرات الأوربية تخرج إلى عرض الاقيانوس الاطلنطيقى لتفرخ قرب جزر (الأنتيل) عند منطقة تسمى بحر سارجاس.
وتهاجر ثعابين السمك الأمريكية شرقا لتلتقى بثعابين السمك الأوربية فى منطقة بحر سارجاس.
فإذا انتهى موسم الأفراخ اتجهت أفراخ الثعابين الأوربية شرقا وأفراخ الثعابين الأمريكية غربا حتى يصل كل منها إلى قارته. فيدخل الأنهار فى شكل أسماك مستديرة زجاجية بيضاء اللون. وهي ما تسمى بالحنكليس. وتعرف مصر هذه الظاهرة، أي خروج ثعابيننا إلى البحر وعودة آلاف الحنكليس إلى البحيرات الشاطئية ودخولها نهر النيل.
وتلك ظواهر نراها رأى العين فى مصر، ولو أننا لا نزال فى شك مما إذا كانت الثعابين المصرية تفرخ وسط الأطلانطق أو
فى البحر الابيض المتوسط
لقد أوردنا تلك الأمثلة لنبين إلى أى حد وصلت مرونة تلك الأسماك فى تقبلها تغير قوة الاسموز.
كما يهم الباحث معرفة الأكسجين الذائب فى مياه ما، لأنه يتوقف عليه تنفس الأسماك. الا أن احتياج نوع من السمك إلى كمية من الأكسجين لا يوازي احتياج نوع آخر. فقد يموت نوع إذا هبط مقدار الأكسجين الذائب إلى ٤ جرامات فى اللتر مثلا، بينما يقاوم نوع آخر حتى يبلغ الأكسجين جرام ونصف فى اللتر. ثم تبدو عليه علامات الضيق حتى يموت.
ولكل هذا أثره فى مواطن الأسماك، أسماك لا تعيش الا فى مجاري المياه الجبلية حيث المياه جارية تذيب فى تدفقها كمية كبيرة من الأكسجين. وافضل مثل على هذا سمك (الترونا) المعروف فى البلاد ذات المجاري السريعة الجبلية كسويسرة واسكتلندا وكندا الخ. . وأسماك تعيش فى الأودية كسمك الكارب والتانش فى أوربا وجميع أسماك مياهنا العذبة.
كذلك يهم الباحث معرفة درجة حرارة المياه وحركاتها كالتيارات والمد والجزر لأن كل واحدة من هذه المسائل أهميتها فى دراسة الأسماك. فهذا النوع يفرخ إذ تصل حرارة المياه التي يعيش فيها إلى درجة معينة، وذاك النوع يغشى المياه الهادئة كى يفرخ فى مأمن من التيار الخ. .
وقد سبق الكلام عن أهمية دراسة القاع لمعرفة الأنواع التى تغشاه، ودراسة القاع تدخل ضمن علم الصخور وهو فرع من الجيولوجيا.
ودراسة غذاء الأسماك يتطرق بنا إلى دراسات بيولوجية أخرى. فعلينا أن نعرف نوع الغذاء، فمن أسماك تتغذى على أسماك اصغر منها، أو حيوانات صدفية أو ذوات القشور أو ديدان. إلى أسماك لا تتغذى الا بالنباتات المائية.
وعلى أخصائى الأسماك أن يتعرف جميع الأنواع التى تكون ذلك الغذاء، وحياة هذه الأنواع، ومما لا شك فيه أن لنوع الغذاء أثرا واضحا فى شكل الأسماك. فتلك الأنواع التي تحتاج فى غذائها إلى المطاردة السريعة يتخذ جسمها الشكل المغزلي، وهو أوفق الأشكال للحركة السريعة. كما نرى فى التونة والبلاميطة. وتلك الأنواع التي تجد غذائها على القاع يتطور شكلها تبعا لحياتها الهادئة، فهى مفرطحة كما نرى ذلك فى سمك موسى وأشباهه.
ولا يستطيع خبير المصائد أن يقرر صلاحية بحيرة أو بركة
لتربية نوع خاص من السمك قبل أن يقرر نوع الغذاء الذى يقتات منه، بل وأفضل تغذية تعجل فى نموه وتكسب لحمه صفات شهية.
رغبنا فى هذا المقال أن نمر سراعا على شتى المسائل التى تتناولها بحوث مصائد الأسماك. وهي متعددة الوجوه لا يستطيع فرد واحد أن يضطلع بها، بل هى فى حاجة إلى فرقة من أخصائيين ذوى ثقافة علمية قويمة تشمل علوما مختلفة منها التاريخ الطبيعي بأنواعه "علم الحيوان والنبات والجيولوجيا" وعلوم الكيمياء والطبيعة، وعلم الأرصاد الجوية ومبادئ الإحصاء.
على أننا لم نأت على آخر ما يتعين على أخصائى بحوث المصائد أن يعرفه. إذ أن هذه العلوم تتبع فى تطبيقها العملي الظروف الخاصة بكل إقليم.
ولنضرب مثالا لذلك نظام الرى فى مصر، من رى الحياض وما إليه من تيارات وقنوات. وري الدلتا بترعه ومصارفه واتصاله بالبحيرات الشاطئية. وأثر الخزانات والقناطر، تلك مظاهر مائية تكاد تكون خاصة ببلادنا. وهي لهذا تفتح أمام خبير المصائد فتحا جديدا فى التطبيق العلمى. إذ من العبث أن يطبق الإنسان بلا تبصر طرائق بلاد على بلاد أخرى، وإنما عليه أن يجد لكل حالة ما يلائمها معتمدا على دراسة مثبتة، وتجربة متعددة الوجوه، وفهم للظواهر الخاصة بالبلاد.

