وجهت مجلة عالم المدرسين الإنجليزية استفتاء عاماً إلى عظماء رجال الفكر في إنجلترا عن المدارس والتعليم وما إليها من شئون وحصرت الاستفتاء في تسعة أسئلة تسلمت إجابة (شو) عنها فكانت إجابة عجيبة صريحة لا تصدر إلا عن شيخ الأدباء الفتيّ الجبار الذي يزدري كل شيء في العالم ولا يعجب بأي شيء. سئل شو عما يقدر اليوم أكثر من حياته المدرسية أو الجامعية الماضية فأجاب في بساطة وسخرية: لا شيء. فقيل له: وماذا تأسف عليه من هذه الحياة؟ فقال إنه لا يأسف إلا على ذهابه إلى المدرسة أو الكلية؟!
وسئل عما إذا كان أحد من مدرسيه قد أثر فيه فوجهه إلى الخير أو الشر؟ فنفى أن يكون أحد منهم قد ترك أثره فيه وأنهم لم يكونوا يحبونه مطلقاً ولم يكونوا يفقهون من وسائل التربية السيكلوجية كثيراً ولا قليلاً
وسئل عن الكتب التي تركت طابعها في نفسه أكثر من غيرها في طور طفولته، فذكر أنه قرأ كل ما تيسر له من الكتب إلا كتب الأطفال التي كان يمقتها، ثم أورد الكتب التي ما يزال صداها يملأ ذاكرته فكانت ثلاثة هي رحلة الحاج لجون بنيان وألف ليلة وليلة وروبنسون كروزو
ونفى في سؤال رابع أن يكون لفئة المدرسين في هذا العصر طابع خاص يلفت إليهم النظر، ويميزهم من سواهم من سائر الناس. ثم أجاب عن شطر آخر من السؤال، فقال إن المدرس سجان برغمه للأطفال الشياطين يحبسهم سحابة النهار حتى لا يصيبوا أمهاتهم بالجنون.
وسئل عن الجمع بين الجنسين في التعليم إلى سن الرابعة عشرة ثم ما بين الرابعة عشرة والثامنة عشرة، هل هو مع الجمع أو هو ضده؟ فقال إنه لا يصلح للحكم في هذه المسألة على أنه لا يرى في الجمع أي بأس لاسيما للأبناء الذين ليس لهم أخوات والبنات اللاتي ليس لهن إخوة
وسئل عما يلاحظ في شباب هذا الجيل من الفظاظة والكسل وانعدام روح المجازفة، فاعترف بكل ذلك، لكنه فضل شباب هذاالجيل من هذه الوجهات على شباب عصره، بل فضلهم على نفسه هو حينما كان طفلاً وشاباً
وسئل عن هذه الفروع المملة من التعليم والتي لا تسيغها نفوس التلاميذ: هل ينبغي مع ذاك أن تكون جزءاً مما يفرض عليهم تعلمه؟ فقال: (حسن! وهل يسيغ أحد من التلاميذ جدول الضرب مع شدة لزومه؟) . ثم أوصى بوجوب إثارة الرغبة في نفس التلميذ ليحفظ الجدول وما شابهه وإفهامه أنه بدون هذا الجدول لا يستطيع أن يتصرف في النقود التي يعطيها له أبوه لينفقها وإلا يبعثرها هباء؛ وبهذا يقبل الطفل على كل
صعب مملول فيحفظه بدافع الرغبة لا بدافع الرهبة والخوف من العقاب
وسئل عما عسى أن تكسبه الأمة أو تخسره في حالتي تعميم المدرسة الابتدائية أو المدرسة الأولية كخطوة أولى لتعليم الطفل. ويظهر أن (شو) أميل إلى تعميم المدرسة الابتدائية لأن هناك (نهاية صغرى) من المعلومات التي يجب تلقينها للأطفال لا يمكن ولا يصح بأي حال أن ينقص منها شيء ماداموا سيحيون في جماعة إنسانية متمدينة
وبقي السؤال الرابع. . . وهو أعجب الأسئلة كلها لأنه يتعلق بالخط! وهل من المهم أن يكون فرعاً من فروع التعليم المدرسي قائماً بذاته؟ وقد حتم (شو) أن يكون الخط كذلك. غير أنه رأى أن تزود المدارس بصور من خط ميكائيل أنجلو ليضاهي التلاميذ خطوطهم بها. . . وهذا ما لم نفهمه من (شو) فخط أنجلو لا يصلح مطلقاً أن يكون خطا لأبناء هذا الجيل من الكاتبين بالحروف اللاتينية، وكان الأجدر به أن يحتم تدريس الخط كفرع من فروع التعليم المدرسي وحسب
