توفي أخيراً أحد (الخالدين) أعني عضواً من أعضاء الأكاديمية الفرنسية، وهو المؤرخ الكبير لينوتر Lenotre توفي في التاسعة والسبعين من عمره بعد حياة حالفة بالبحث والتأليف والكتابة؛ وكان حتى آخر لحظة يقوم بتحرير فصله التاريخي الممتع في جريدة (الطان) تحت عنوان (التاريخ الصغير) .
وظهر فصله الأسبوعي كالعادة بعد يوم وفاته. ولينوتر اسم مستعار للمؤرخ، واسمه الأصلي هو لوزان تيودور جوسلان. وكان لينوتر من أعلام تلك المدرسة التاريخية الحديثة التي عنيت بالتحقيق والاستقصاء في الدقائق والتفاصيل الشخصية والاجتماعية لأنها ترى فيها أهم ما يلقي الضياء على طبيعة الحوادث والأشخاص، ومن زملائه في تلم المدرسة فونك برنتانو عضو المجمع العلمي، وبيير دي نولهاك عضو الأكاديمية. واشتهر لينوتر بالأخص بكتاباته عن الثورة الفرنسية وعن الشعب الفرنسي والحياة الفرنسية في ذاك العصر، وله في ذلك عدة مؤلفات ورسائل قيمة.
منها (أسر ماري انتوانيت وموتها) (المقصلة ومنفذو الأحكام أيام الثورة) (الملك وثورة لافندي) (دي شاربت) وله مجموعة عنوانها (القصور القديمة والوثائق القديمة) . وكان لينوتر أيضاً صحفياً بارعاً جم الإنتاج يكتب في اشهر الصحف والمجلات. ولبث أعواماً طويلة يكتب مباحثه في (الطان) بعنوان (التاريخ الصغير) وقد انتخب عضواً بالأكاديمية في ديسمبر سنة ١٩٣٢.
واستقبلت الأكاديمية نبأ وفاته بالمراسيم المعتادة، وألقي مديرها العامل المسيو هنري بوردو خطاب التأبين للمؤرخ الرال؛ ومما قاله: (إن لينوتر قد تبوأ في عالم المباحث التاريخية مركزاً خاصاً، فهو يتعلق بالأشخاص، والنوادر، والحياة الخاصة، والتفاصيل المغرية أكثر ما يعني بالحوادث وملحقاتها؛ ولقد كان يتمتع بموهبة يحسده عليها كثير من القصصيين: هي موهبة الحياة)

