الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد الثالثالرجوع إلى "الرسالة"

بين السوامر والصحف

Share

الرسالة وقرؤها : خرجت الرسالة الى قرائها على الحال التى سمحت بها صعوبة البدء وأثالة العمل. فاستقبلوها استقبالا ما وقع فى الظن ولا تعلق به الأمل . ولا يزال البريد يحمل الينا كل يوم رسائل الاصدقاء والقراء تفيض بحسن الظن, وجمال العطف , وكرم التعضيد, ومحض النصيحة . ومن هذه الرسائل الكريمة ما يستحق النشر لدقة ملاحظته، أو رقة أدبه. أو سداد رأيه: ولكن دورانه على الثناء والتقريظ يجعل فى نشره اتهاما لخلق الرسالة.

وقلما نجد انبل عاطفة من رجل يعنى بعملك لذاته, ثم يحمل نفسه ووقته جهدا لكتابة اليك صفحات فى تأييده وقدره, ثم لايريد بعد ذلك ان يبوح لك باسمه !!

فالى هؤلاء تتقدم الرسالة بموفور الشكر على ما يرجون لها من خير، وما ينيطون بها من ثقة، وتسأل الله  أن يؤكد لها أسباب التوفيق حتى  تتحقق الظنون وتصدق الأمانى.

آراء القراء: من الكرام الكاتبين من يطلب الى الرسالة المزيد فى التعمق والافاضة، ومن يرغب فى شيء من الفكاهة والبساطة، ورأى الأولين ان تقصر على أدب الخاصة، ورأى الآخرين أن تستدرج ذوق العامة،  والرسالة ترجو ان توفق بين الرأيين، بأن تتخذ طريقها بين بين، ثم تنشر الحين بعد الحين اعدادا خاصة بما  تجمع لديها من البحوث المستفيضة والدراسات العميقة والقصص الضافية.

لأشاغيل طرآنة: للاستاذ محمد بك مسعود أثر جميل على الثقافة العامة منذ طويل.

وعهد القراء بأسلوبه سائغ المورد مأنوس اللفظ فيما نشر من صحف وألف من كتب. ولكنه منذ توفر على محاكاة الاستاذ وحيد فى تحقيق اللغة. ومباراة شيخ العروبة فى  تمحيص التاريخ، بدت على أسلوبه الصحيح أعراض الغرابة التى تلازم اللغويين، والاعتداد الذى يساور العلماء.

ولا نحب أن نعرض لهذه الروح المنبثة فى المنظارة (الطرطوشية) وأمثالها. فانها بين عالمين جليلين لا يجهلان أن المن يفسد العلم. وأن شهوة التغلب تظلم الحقيقة، أنما نرغب الى الاستاذ مسعود أن يوافقنا على أن حياة اللغة فى أحياء اللفظ الذى لا نظير له فى مألوف الكلام، أما استبدال صيغة مهجورة بصيغة مشهورة  كاستعمال أشاغيل بدل شواغل، وطرآنية بدل طارئة، وصروحة مكان صراحة، وقدور فى موضع قدرة، ومشيوخاء بدلا من  شيوخ، فاحياء شر من الموت، وبيان أغمض من العى!! التجديد والتقليد:

صديقنا الهراوي على تجديده ينكر التجديد، ويزعم إن كلمتى قديم وجديد ينقصهما التحديد، وكنت أحب أن اكون فى بجانبه حين قرأ فى الاهزام (نفثات شاعر) لصديقه  وزميله الاستاذ نسيم، اذن لاخذت اعترافه بأن فى الشعر جديدا وقديما، وان الحطيئة قد يسمى عبد المطلب وقد يسمى نسيما:  والا فالى من كان ينسب هذا الشعر لو لم ينشر تحته اسم صاحبه؟ وما زعزعتنى الحادثات كشامخ  رسا بهضاب فوقه واكام وللدهر مرنان رددت سهامها     وقابلتها من جعبتى بسهام فقدت صديقى اللذين تبوآ         من الشعر أعلى ذروة وسنام واصبحت فى جيل نيابى ودهم    وساء ثوابى بينهم ومقامى وليس لهم غيرى اذا جد جدهم    وخطب الرزايا حولهم مترام ولو شئت كانت لى زعامة شعرهم  وكنت لمن يأتم خير امام شوارد تزرى بالحطيئة هاجيا      وتعي جريرا فى مديح هشام له الحمد ثم الحمد ما ذر شارق    وما در غيم بارق برهام وما ذرعت بطحاء مكة اينق       تحن بارزام لها وبغام وما شدت الا كوار فوق متونها    وقيدت بشزر محصد وزمام

وبعد فان الشاعر الذى يجعل للشعر جبلا وجملا ويتخيل الهضاب والآكام والجعاب والسهام والارزام والبغام، ويذكر بطحاء مكة واكوار النوق وهو فى رياض الجزيرة وعلى ضفاف النيل، ويزعم انه موئل قومه وليس من الزعامة فى كثير ولا قليل؛ لا يسوغ فى العدل الأدبى أن يقيد على حساب هذا الجيل:  إن تعدد الاساليب فى العصر الواحد أثر طبيعى لأختلاف

العوامل المؤثرة فى كل شاعر؛ ولكن الاسلوب الذى لا ينسجم  مع أمور الحياة؛ ولا يتصل بشعور الاحياء، لا يدخل فى هذه  الاساليب، ولا يدل وجوده على شاعر ولا أديب الشبان والشيب:

كتب الاستاذ ابراهيم المصرى فصلا قيما فى البلاغ عن "أدباء" الشباب "أدباء الجيل الماضى" نعى فيه على هؤلاء استئثارهم بالمجد واحتكارهم للشهرة وانكارهم فى سبيل ذلك جهود الشباب. وخشى ان يكون ذلك الائتمار المضمر بالأدب الشاب تخوفا من انهزام أدب انتشر لخلو الميدان، واشتهر بطول الاعلان، فلا يخلد بطبعه للتنافس والنقد. وقال ان شيوخ الكتاب فى الغرب لاخلاصهم لرساتهم الادبية وثقتهم بملكاتهم الفنية، يسددون  خطى النبوغ الناشئ، ويرفعون ذكر الشباب الموهوب، ويمهدون السبيل لخلافة الجيل الحاضر، ثم يهيب بالعزائم الفتية ان تعلن الحرب المشروعة على هؤلاء القادة الذىن كسبوا هذه العناوين من غير جهد، ونالوا هذه النياشين من غير حرب. والرسالة تقر الاستاذ المصرى على رايه وترى من الجناية على  الأدب ان تطغى اثرة الكهول على هذا الطموح. وان تكون  الهيمنة على الصحافة وسيلة الى لكبت هذا الروح، وتعلن انها بطبيعتها  ومبدئها ستكون ملتقى الوئام بين الجيلين، وسفير السلام بين الفريقين العراق ومجمع اللغة العربية

ينام صديقانا الحصرى والزهاوى ملء الجفون فى قصريهما المتقابلين على طريق الاعظمية ولا يعلمان انهما اقضا مضجع وزارة المعارف المصرية ليلة: فقد روت الصحف المحلية أن  الاستاذين الكبيرين جميل صدقى الزهاوى وساطع بك  الحصرى رفضا ترشيحهما لعضوية المراسلة للمجمع وجرى فى خلال ذلك ذكر لجنة التأليف والترجمة، فظنت السياسة  أن هذا الترشيح كان اقتراحا من لجنة التأليف والترجمة التابعة للمجمع، واذن يكون هذا الرفض تسفيها للوزارة من جهة، ودليلا على اعراض البلاد العربية عن المجمع من جهة أخرى

فأخذ الوزارة من مقال السياسة المقيم المقعد، واصدرت بلاغا رسميا تكذب فيه أن يكون منها عرض، ومن الاديبين  رفض. ووجه الوفاق بين المعارف والسياسة أن لجنة التأليف والترجمة هذه ليست تابعة للمعارف المصرية وانما هى لجنة من  لجان المعارف العراقية، تنظر فى تأليف الكتب العربية ونفس المؤلفات الغربية. أما كيف دخل فى اختصاصها ترشيح الاعضاء، فذلك أمر تسأل عنه وزارة (الزوراء)

اشترك في نشرتنا البريدية