الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد الحادى والعشرونالرجوع إلى "الرسالة"

بين الشرق والغرب ، لسكرتير لجنة الدعاية

Share

قرأت لزميل نقدا ممضا مريض الحجة ينصب على الجامعة في  غير روية ولا أناة. فما التقيت به حتى أخذت في لومه والعتب عليه  مستكثرا منه أن يطعن في معهد يظله ويحتويه. فبرم بموقفي من  نقده، واستشاط حماسة وانطلق يقول: إن القلم الذي لا يستطيع أن  ينجو بالحقيقة من ضيق العواطف، ويكفل لها ساحة رحبة النطاق،  واسعة الأفق، لهو قلم كليل قصير الأجل لا ينتظر له خلود. . واليوم  الذي ترى فيه الجامعة طلابها وقد ملأتهم الجرأة في سبيل الحق.  وسكن في قلوبهم استقلال الرأي، لهو اليوم الذي يؤمن فيه الناس  بأن الجامعة قد أدت رسالتها على اكمل وجه وأتم صورة. .  وانطلق الزميل في بسط فكرته تحت تأثير عاطفة قوية وميل جامح. .!

فقلت له ان الجامعة موطن علمك ومعين ثقافتك. فمن حقها  عليك ان تتولى الذود عنها إن حاق بها اعتداء أو أصابها ضر. فان  قعدت عن حمايتها فلا أقل من أن تحجم عن الاشتراك في هدمها.  وتتورع عن المساهمة في طعنها والحط من شأنها. ولو صح استقصاؤك  لما فيها من سوءات لما جاز لك ان تعلنه على هذه الصورة القبيحة  المزرية التي تخفيها تحت ستار حرية الفكر، واستقلال الرأي. .  وما إلى ذلك من ألفاظ لها قداستها التي خفيت عنك حدودها.  وتوارت عن بصيرتك معالمها. وقداسة الحقيقة يا صاحبي لم تطلب  إليك استقصاء السوءات والتغافل عن الحسنات.

ولكن الزميل كان في ثورة حماسه لا يملك إلا الإيمان بفكرته  وتسفيه ما يذهب إليه خصومه، فطال بيننا الجدال على غير جدوى.

وفي الأسبوع نفسه قدر لي أن أستمع إلى مؤرخ إنجليزي عالمي  يحاضر في مواقف مرت بوطنه فيلتمس له الأعذار في (حرق  جان دارك) ونفي نابليون. .!!

هذه هي الهوة التي تفصل بين منطق الكثيرين من علماء الغرب  الأفذاذ. وذهنية أكثر الناشئين من شباب الشرق المغبون_هوة  تعيش فيها آمال عرجاء. وتحيا في ظلامها مطامح جرباء، هناك قد  (يخلقون المناسبات) ليملأها دفاعا عن وطنهم. وذودا عن  حرمته. وإشادة بمفاخره. بل ربما لا (يتورع) العالم عن أن  يتخذ العلم أداة يسخرها لخدمة مأربه القومي وقضاء شهوته  الوطنية.!!

وهنا يخلق بعض (شباننا) المناسبات ليتناولوا فيها أنفسهم

ووطنهم ومعاهد علمهم بالطعن والتجريح.!!

وهذا الفرق (فيما أرى) من أعظم العناصر التي تميز بين  عظمة الغرب الفتية. . وحالة الشرق المريضة.

لهذا ينبغي أن يطرب المصريون لهذه الثورة القومية الوديعة  التي يقوم بها شباب عيد الوطن الاقتصادي. لأنها تعالج النقص  الذي تنطوي عليه نفوسنا.

اشترك في نشرتنا البريدية