انظر إلى الكواكبِ يسبحن في الغياهبِ
من ذاهب في شوطه ولاحقٍ بالذاهب
إلى الطوالع الوضا ء الزُهر والغوارب
إلى الجمال آخذاً إلى الشعاع السائب
والليل ساجٍ قد خلا من العَصوف الصاخب
يعبرن عُرضَ بحره من جانبٍ لجانب
غَرقى إلى الجيد، إلى الثدى، إلى الترائب
أرسلن شَعراً من أشعةٍ على المناكب
وقد خللن ما على الر رءوس من عصائب
ما إن رأت عين امرئ أبهى من الكواكب
يلمعن مثل الماس أو كَوَمضة الحُباحب
يمشين أسراباً كأتـ رابٍ من الكواعب
يذهبن من مشارق الـ أرض إلى المغارب
والليلُ ضاربٌ روا قه على الجوانب
كلّ الجمال في النجو م اللُمّع الثواقب
العاريات للخلا عات من الجلابب
الغامزات بالعيو ن النُجل والحواجب
ما إن لهن غير نشـ ر النور من مآرب
يضحكن من شيبي ومن آماليَ الكواذب
أشدو بما لهنَّ من حسنٍ ومن مناقب
كأنهن الحور يُط لِلْنَ من المَراقب
أمن بنات الليل هُنّ أم من الربائب؟
أم من طيور الخُلد ير ففنَ على المشارب
عصائب يقعنَ أسـ رابا على عصائب
والماء في المَجَرَّة الـ بيضاء غير ناضب
وربما اختلفن في الـ ميول والمذاهب
خاطبتهن لو سمع نَ القولَ من مُخاطِب
يا لهفتي على ضيا ع للشهاب الثاقب
قد خر من عين الدجى ليلا كدمعٍ ساكب (1)
وخيم الليل ونا م القطبُ في المضارب
ماذا الذي قد خلّف ال قطبَ عن الصواحب
ما أجهل الليل، وقد خيّم، بالعواقب
فليس يدري ما يلا قيه من المصائب
لقد رماه الفجر في الصـ در بسهم صائب
وكان لمّا ناله بالسهم غير كاذب
وكشر الليلُ عن ال أنياب كالمغاضب
وجرد الصبح علي هـ السيفَ كالمحارب
وظلّ يفري جلدَه فَرْىَ حَنيقٍ غاضب
جرّ الغَرورُ الليلَ مخ ذولا إلى المعاطب
ملاقياً جزاءه من ثائرٍ معُاقِب
والليل لا يقوى على ردّ الصباح الواثب
يفر كالمغلوب من وجه القويّ الغالب
وهو جريح، دمهُ يجري على الجوانب
ما أنتصر الليلُ بما جَمَّعَ من كتائب
بل إنه اختفى عن الـ عين كملحٍ ذائب
إِن عبس الليلُ فليـ س الذنب للكواكب
فهنّ يبتسمنَ حتـ ى للعدوّ الناصب
هو الذي جنى فَكُنـ نَ عرضة النوائب
وظلت الشعرى تنا جي الصبحَ كالمعاتب
بين الصباح مُسفِرا والليل ذي الغياهب
ثأرٌ سيبقى فتقَهُ دهرَاً بغير رائب
غمَّ النجومَ ما تقا سيه من المصائب
والصبحُ لما راعها ما كان بالمداعب
كأنه بازٌ جرى يسطو على أرانب
أو قَسْوَرٌ حُمارِسٌ سطا على ثعالب
يريد أن يفترس ال أنجمَ بالمخالب
فغرنَ جمعاء من ال خشية في المذانب
إني لأقرأ الأسى في الأوجه الشواحب
أجفلن لا يحملنَ غي ر الخوف في الحقائب
تؤذي العذارى في الحيا ة قِلّةُ التجارب
تالله ما هذى الوجو هـ الغرُّ للنوائب
والعندليب هبّ يَشْ دو بانتصار الغالب
والديك صاح يْعلن السرورَ للصواحب
كأنما قد فرحا بنكبة الكواكب
يا كوكب الصبح لك الصـ بح من الأقارب
ما كان ينبغي له صفعُك كالمعاقِب
لا تيأسَنَّ وأنتظر ليلَ الغد المقُارِب
تكن كما قد كنتَ في ال عين من الرغائب
يا أيها الصبح الجمي ل يا ملاذَ الراعب (1)
لقد قسوتَ حين أخ نيتَ على الكواكب
رميتَ شملهنّ بالت شتيت والمصاعب
ما ضرّ لو حميتهنّ مثل أمٍّ حادب
كنّ ينبنَ عنك في الْـ لَيل الطويل اللازب
وكن زينةَ السما ء في عيون الراقب
ما أجمل الشمسَ بدت مُرخيةَ الذوائب
قد طلعت في موكب من أفخم المواكب
تنثر من ضيائها تبراً على الجوانب
على البحار والجبا ل الشُمّ والسباسب
يا شمس أنت للورى من أكبر المواهب
حبيبةٌ أنتِ إلى الشبان والأشايب
أكْبِرْ بما تُهدِينَ من نورِ ومن كهارب!
بغداد

