أشكر للأخ الفاضل الدكتور محمد عوض حسن تقديره وجميل عطفه وتشجيعه وآسف جد الأسف لأنى لم أوفق الكتابة جولتى بحيث تصادف هوى فى نفسه فهو - كما خيل إلى - كان يريدها قصة تنقل عن يومياتى دون أن تغفل حتى أجور السفر وأماكن المبيت ومواقيت الارتحال والاقامة فى كل بلد حللته وما الى ذلك من التفاصيل التى لا شأن لها فى نظرى ولو فعلت ذلك لأخرجت دليلا هو الى كتب السياحة -أمثال بدكر- أقرب ولأغفلت غرضا أنا شديد التمسك به فى جولاتى كلها، وهو أن أثير الناحية العلمية والجغرافية كلما أتاحت لى مناسبات الرحلة ذلك.
ويأخذ الأستاذ على أنى تكلمت عن أماكن لم أطرقها وقصصت عن شعوب لم ألقها وضرب لنا مثلا، بلاد الكنغو وروديسيا وشعوب الشلوك. وأنا لم أكتب عن تلك البلاد إلا
بمناسبة ما شاهدته من غلاتها التى كانت توسق فى ميناء بيرا البرتغالية طيلة إقامتى بها وهى المنفذ الرئيسى لمنتجات بلاد روديسيا والكنغو. أما عن شعوب الشلوك فأنى لاقيتهم مرارا وحققت بعض ما أعلمه عن سيرتهم وبخاصة فى الملاكال من أعالى النيل الأبيض.
ويرى الأستاذ أن بعض النقص الذى نسبه الى الكتاب راجع الى اغفالى كتابة مذكرات يومية. مع أن هذا ما أفعله دائما ولم أتهاون فيه ليلة واحدة فى جميع جولاتى الافريقية والاسيوية والأوربية غير أنى لا أنشر من تلك المشاهدات إلا ما أراه ضروريا وما تسمح به ظروف النشر. ولو أراد الدكتور بصفة خاصة أن يطلع على يومياتى لوجدها طوع أمره
أما عن الهفوات التى أشار الاستاذ اليها فها أنا أبين ما عن لى فيها:
يقول الدكتور ان كلمة شيبا الانجليزىة هى سبأ العربية. وأظن ان هذا عين ما قلته فذكرته كلمة (شيبا) بين قوسين بعد ذكر كلمة سبأ العربية
وهو ينبهنى الى ان نهر النيل (لم يصبح أعظم أنهار الدنيا وهناك ما هو أطول منه وأوفر ماء (وأنا لم أتعرض لطول النهر ومائه. ولا أزال على رأيى فى ان النيل أعظم أنهار الدنيا على الأقل من وجهة نظرى كمصرى وحق لنا جميعا تمجيده والاشادة بذكره وعظمته. ومتى كانت عظمة الانهار يا صديقى مقصورة على أطوالها ومقادير مائها؟
ويقول الاستاذ ان غابات اثورى فى غرب جبال رونزورى فلا أستطيع أن أراها من فورت بورتال وأنا لم أقل فى كتابى انى رأيتها. هذا فضلا عن ان أهل البلاد كانوا يشيرون اليها من فورت بورتال، وهم يطلقون عليها هذا الاسم على رغم ما أعلمه أنا وأنت من أن أكثفها حقا ما كان على الجانب الغربى.
كذلك لم أقل قط يا سيدى الدكتور بأن للغوريلا ذنبا وذلك أمر يعرفه حتى صغار الطلبة- ولكنى ذكرتها فى مقام التشبيه اذ قلت ان الواحد من الزنوج يبدو كأنه الغوريلا أو القرد الكبير. فالذؤابة التى تتدلى من اعجاز القوم تشبه ذنب القرد ومظهرهم العام يحكى الغوريلا.
أما قطن الجزيرة فغلة شتوية وقد كنت هناك فى أواخر سبتمبر ولم يكن القوم قد بدأوا زراعته بعد. وهو يجنى فى أوائل الربيع كما قلت غير ان تحديد الشهور بالضبط أمر غير ميسور، فنحن هنا فى مصر مثلا لا نبدأ زراعة القطن فى شهر
واحد فى كل البلاد ولا فى كل السنين فقد يتراوح البدء بين شهر وشهرين.
وقبل أن أختتم كلمتى أكرر للأخ الفاضل عظيم شكرى وكبير اجلالى واحترامى.
