الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 86الرجوع إلى "الرسالة"

حول رواية نهر الجنون

Share

.  . . . قرأت في العدد   (٨٤)  من الرسالة الغراء مقالاً للأستاذ      (جورج وغريس)   تحت عنوان   (سياحة في نهر الجنون) . . . ذكر فيه خلاصة موجزة للقصة التمثيلية   (نهر الجنون)  للأستاذ  توفق الحكيم، وذكر كيف أن المرحوم جبران خليل جبران نشر  شبيه هذه القصة في كتابه الجنون. وتساءل الأستاذ     (جورج  وغريس)  : هل هناك اقتباس؟ وأشارت الرسالة في نهاية  المقال إلى أن مصدر الكاتبين قد يكون واحداً. . .

وقد نشر نفس القصة لكاتب التركي المرحوم   (عمر سيف  الدين)  سنة   (١٣٢٦)  رومية أي منذ خمس وعشرين سنة تقريباً  في كتابه المعبد الخفي   (كيزلي معبد)  تحت عنوان   (الماء الذي شربه  الجميع، أسطورة صينية)  صفحة   (١٢٧)  والقصة تتلخص فيما يلي:

كان   (لينغ - يو)  ملكاً عادلاً حكيماً، توفر في أيامه الهناء  للرعية، فجاءه في أحد الأيام ساحر وأعلمه أن أمطار غزيرة  ستهطل مدى أيام، وكل من يشرب ماء خالطته قطرة من هذه  الأمطار يصبح مجنوناً لا محالة. فأمر الملك بملء صهاريج القصر  وكل ما فيه من أوان ماء نقياً عذباً لينجو من شرب الماء المسبب  للجنون. . . وبعد أيام بدأت الأمطار بالتهطال ودام انهمارها أياماً

وأسابيع. . فخالط ماؤها ماء الينابيع والآبار فجن السكان كلهم،  وانتشروا في الأزقة والساحات يصيحون ويصرخون. وتجمع  قسم كبير منهم حول قصر الملك وأخذوا يسخرون منه ومن  صحبه الذين ظلموا عقلاء حتى تلك الساعة بفضل الماء المخزون في  صهاريج القصر. فكان إذا بدا واحد من سكان القصر في  إحدى الشرفات صاحوا بصوت واحد قائلين:   (مجنون! انظروا  المجنون!)  وأصبحت الحالة لا تطاق، فلم ير الملك بداً من أن  يشرب هو أيضاً من ماء الجنون، فتناول منه قدحاً وهو يقول:    (لا لزوم لبضعة عقول صحيحة بين هؤلاء المجانين. . . .!)

ومرت الأيام والسنون. . وتأصل هذا النظام الجنوني وأطلقوا  عليه   (نظاماً اجتماعياً) ، وزُج كل من عاوده عقله من هؤلاء  المجانين في أمكنة أطلق عليها   (مستشفيات المجاذيب) . . ومنذ  ذلك الحين لا ينفك العلماء من ترديد هذا القول:   (الصين منبع  الحكمة والعقل. . .)

فللقصة التي نشرها المرحوم جبران والأستاذ الحكيم ليست  سوى أسطورة صينية تنقلتها أكثر اللغات

دمشق

اشترك في نشرتنا البريدية