الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 64الرجوع إلى "الرسالة"

رواية ابنة الشمس

Share

نالت هذه القصة التمثيلية جائزة وزارة المعارف العمومية  في مباراة سنة ١٩٣٢، ولقد قرأتها دون أن يكون لهذا الاعتبار تأثيراً  في نفسي فألفيتها قصة ممتعة طريفة، جديرة بما نالت من حظوة  واستحسان فلقد نجح المؤلف نجاحاً عظيماً في تصوير المجتمع  المصري في عهد الملك رعمسيس الثاني، كهانة وسحراً وطباً  وعرافة وسياسة، كما أنه قد نجح في تصوير بعض العواطف  الإنسانية تصويراً بارعاً كالشفقة والحب والشك والطمع والحسد  والاخلاص والخيانة وغيرها. كذلك أحسن المؤلف تصوير  أشخاصه ففنه في هذه الناحية قوي. ولقد استمر على فطنته ويقظته  في ما يتعلق بصفات أشخاصه حتى آخر القصة.

يبدى أني أرى في القصة بعض مآخذ ، لابد لي اذا توخيت  الإنصاف من مصارحة المؤلف الفاضل بها

وأول هذه المآخذ أن عقدة القصة مبهمة، فقد حاولت أن أنتخب من بين حوادثها حادثة أعتبرها الرئيسية فلم أوفق الى ذلك،  فهنا بنت أنات تحب بنطاؤر، وهناك نيفرت تحب سينا، وهذا رئيس الكهان يشترك مع والى مصر فى اثارة الشعب ضد الملك ، وهذا بعاكر قائد الطليعة يريد أن يكيد للملك. نعم إن هذه الحوادث  لا تعدم رابطاً يربطها، غير أنها روابط سطحية وليست روابط  البسط أو حل العقدة التي تتشعب منها القصة مما كاد يخلي  القصة من التطور ويفقد القارىء الانتظار، فكل منظر يكاد يكون

مستقلاً، هذا إلى أن المؤلف قد جعل خاتمة المأساة متوقفة على  نصيب رمسيس في الحرب، وهذا معروف للقارىء، فكأن القارىء  يعرف ما سيؤول اليه أمر العصاة ومدبري الثورة، وهذا ما  يقضي على استمتاعه قبل نهاية القصة، ولو أن المؤلف علق انتهاء  القصة على حادثة غير هذه لاحتفظ بروعتها حتى النهاية،

كذلك نجد في القصة عدة مواقف قوية، ولكن المؤلف أضعفها بفتور العبارة أحياناً وبسذاجة الحوار أحياناً أخرى، أو  بارسال الحوادث على غير ما يتفق مع الموقف وما ينتظره القارىء  في ذهنه. هذا الى أنه في بعض المواقف أورد حوادث ما كان يتصور  وقوعها بمثل هاتيك السهولة كرجوع بنطاؤر عن فلسفته بتلك  السرعة وانقياده الى بنت أنات كأنما كانا يتباحثان في موضوع  تافه، وكتصريح بنطاؤر بحبه الى صديقه نبشت دون تردد أو تحفظ. وكسرعة انتقال وردة من الألم الشديد الى الهدوء لدنو لقاء الأميرة. . الخ. ولقد كان المؤلف يحاول تغطية هذه العيوب  بحوار على لسان الأشخاص، ولكنه في رأيي كان يكشفها بذلك.

ولم يعجبني من المؤلف الجمع بين التأليف والتمثيل في كتابته  فكان يشير كثيراً الى ما ينبغي أن يحدث على المسرح وأظن ذلك  من عمل المدير الفني

ولقد قدم لكتابه بتحليل ضاف إذا قرأته عرفت القصة  كلها فلن تعجب بها إلا على المسرح

ولكن هذه المآخذ على تنوعها لاتذهب ببهاء القصة،  ولاتنقصها قدرها، ولاتضيع طرافتها، ورجائي الى المؤلف الفاضل  أن يسابر على التأليف للمسرح، فعنده استعداد عظيم وملكة  قوية تضمن له التبريز في هذا المضمار

اشترك في نشرتنا البريدية