جيفة للشاعر الفرنسى بودلير
أتذكرين ما رأينا في صباح ذلك النهار الجميل في منعطف سبيل!؟
جيفة مطروحة فوق الحصا صعد الساقان منها في الهواء
كفتاة سعرتها شهوة نضحت منها جراثيم البلاء
كانها مسترسلة للمجون في ذلك الرقاد!
ناضية ثيابها عن جوف طافح بريح الفساد!
تبسط الشمس عليها نورها لاذعا تنضجها قبل المساء
نثرت اوصالها ترجعها بعد تفكيك عُراها، للفضاء!
زهرة فتحها برد الندى هكذا تنظرها عين السماء
وهي اذ تنشق ما تبعثه تنشق السمَّ زعافا والوباء
وللذباب حول هذا الجوف النتن دويٌ وطنين ! والديدان تزحف في مساربه كالكتائب السوداء فاترة ، او كالموجة القائمة تتقلب على هذه المزق المتناثرة.
موجة نازلة صاعدة زفرة بين هبوط وارتقاء حيث يحيا الجسم تكراراً بها مبدعا منه جسوما من هباء! والاجواء كانت تردد موسيقاها الغريبة ، كخرير الماء الراكد ، وعويل الريح الكئيبة ، أو كترجيع الحبوب ترتل في المذراة الحانا متناسقة عجيبة ، والأشكال كلها قد عفت وامحت رسومها لا يستطيع الفنان ان يعيدها سيرتها الاولى الا إذا اكمل نسجها وتأليفها بالذكرى
كلبة ترمقنا نافخه شقيت فينا شقاء الضعفاء
ترصد الفرصة كي تنهشها وترى في لحمها البالي شفاء
وغداً! يا نجمتي! يا منيتي! يمسح الموت على هذا البهاء
عندما تغدين في جوف الثرى جيفة تنثرها أيدي الفناء
تحت أعشاب وأزهار نمت تخذت من جسمك الغض غذاء
حيث يمشي الدود في أحنائه آكلا باللثم منها ما يشاء!
خاطبي الدود! وقولي للبلى إنني أنقذت من حب عفاء
كنهىَ الساميِ الالهيِ الذي ابداً يبقى قريناً للبقاء
عالم النسيان للشاعر بول قدر
"السكر الأكبر"
"هل أنا يا خوس أويان؟ أسكر باالفضاء، وأطفئ لهيب روحي الليالي ألا فلتجر السماء في، ولأمتزج أنا فيها، فاتحا فمي لعالم الذى ترتعش كواكبه. لقد قضى (بيرون ولامرتين وهيغو وشيللى، وهم سكارى بالفضاء والسماوات الساطعة بالنجوم. لا يزال - هنالك - الفضاء، يجري حرا طليقا، حملني اليه دون أن تعصف بي النشوة، لا أزال ظمآنا ..." بول فدر
لا تلمني إن نسيت الموعدا أنا فى النسيان أحيا أبدا
لو سرى النسيان فى أوراحهم لرأوا مثلي حياة رغدا ...
كل شيء - غير نفسي - ثابت لم تزعزعه أعاصير الغير
أي خطب لشموس خلدت؟ غير سخر من عذابات البشر
ما الذى يجديك إن قلت لنا؟ إنها واقفة، أو سائره
فعذابي فى وجودي واحد وعلى الروح تدور الدائره
أيها الخافق! قد أضنيتني: ما الذيي يجديك نوح أو أسى؟
ناح من قبلك حتى صمتوا وتولوا كسحابات المسا
عابر تمحو له آثاره كلما خطط أمواج القدر
أنت تبغي أن تبقى أثرا فماض! لا يبقى على الرمل أثر
أيها العابر! ما ذنبك أن جاءك الشك وما ذنبي أنا؟
إن يكن كل يقين خادعا فاتبعني تعلن الشك هنا...
نبتغي الراحة فى أفيائه كيف نبغي راحة فى قلق؟
ربة تصبغ أثواب الدجى حيلة منها، بلون الشفق
عذلوا الذاهل عنإحساسه لو دروا فى أمره ما عذلوا
قل لهم! لو ذهلوا عن وعيهم لاستطابوا عيشهم إذ ذهلوا
أسلموني لشعوري المبهم أنا أحيا فيه بشعوري المبهم
أخبروا الليل بأن يغمرني فهنائي فى الظلام المظلم
في اعتزالي عالم أسكنه وصلت أجزاءه أخيلتي
كم إله! ماله فى يقظتي أثر، سامرني فى عزلتي؟
كلما أغمضت عيني انفتحت لعيون النفس أكوان الأمل
كم رجاء كان يناى فدنا... وحبيب كان يعصى فوصل...
كلما أطبقت جفني انبعثت ذكرياتي مثل أشباح الدجحى
عانق الشك يقيني ضاحكا والتقى اليأس صديقا بالرجا
الغابة المفجوعة للشاعر بودلير
"رسائل"
" الطبيعة هى معبد يضم دعائم حية يخرج منها فى بعض الاحيان كلمات مبهمة ، يمر فيه الانسان بغابات من الرموز تنظر اليه نظرات أنيسة . الطيوب والألوان والألحان تتجاوب كالاحذاء الطويلة التى تمتزج بعيدا فى وحدة عميقة مظلمة واسعة كالليل وكالضياء أزهار الشقاء "بودلير"
بدل النهر هواه إذ تولاه الضجر (1)
قال يا (سلمى) تعالى أنا لا أهوى الشجر
قد مشى الجهم لديه مثلما يمشي القمر
ليس للنهر اختيار فى الذى شاء القدر
هجر الطير مروعا عشه بين الغصون
صاح! هل تسمع فى الغاب سوى همس الكون؟
وشكاوى طرحتها الآن عشاق البشر
عطلت فيها نجاوى كل طير وزهر
وشجيرات تعرت بعد ذياك البهاء
فهي لا ترجو حياة بعد موت الأصدقاء
لا عصافير تغنى لا ازاهير تفوزح
كل ما يلقاك منها جسد من غير روح
ايها المقسم عهد الحب ب فى هذا المقام
احترم حزن ذويه وامض عنهم بسلام
بين أيدينا زهور قد مشى فيها الذبول
هل وقت عهد هواها؟ هل أتمت ما تقول؟
كل شيء فيه ذكرى حيثما هبت تروع
هي أولى من هوانا لو عرفنا بالخشوع
قل لمن تعطيك خدا تجتني منه القبل
أعلى زهر ذوي تغ رس أزهار الأمل؟
لحظة تاسى فتنسى بعدها ارماسها
وإذا الغابة تحيى فى الهوى أعراسها
وتناست كل صرف مثلما تنسى الطيور
دائرات الدهر تجري وهى نشوى بالسرور
حزنت يوما ولكن نسيت احزانها
هل بامكان الفتى ين سى الاسى نسيانها؟
إنما الانسان لو تع لم اشقى الكائنات
ليته كالغاب لا يح فظ تلك الذكريات
ليس ما فى الكون الا صورة من مظهري
ذكرتني بوجودي وروت عن معشري
في غروب الشمس لغز لرجاء يلتوي
في ذيول الزهر رمز لغرام ينطوي
كل شيء - فيه - يحيا كالضمير المنفصل
في - ما اعظم روحي - كل شيء يتصل
دير الزور

