الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد الخامسالرجوع إلى "الرسالة"

ضحى الاسلام

Share

ما كان لى أن اقف مع الذين يتحدثون عن الأستاذ  المحقق (احمد أمين) ولا أن أساهم فى الكلام عن علمه ومؤلفاته،  لأن ذلك شأن لا يضطلع به إلا كبار أهل العلم والفضل  ليكون لكلامهم من القيمة ما يكافئ مكانة هذا العالم الكبير،  ولكنى وأنا أطلب العلم والأدب وأدرسهما منذ ربع قرن  (وما زلت مجدا فى سبيلى) أجد لزاما علي وقد قرأت كتابه  الممتع (ضحى الإسلام) أن أبين فى كلمة صغيرة لأخوانى  طلاب الأدب والعلم ومن يعنون بدراستهما مقدار ما أخذت  من هذا الكتاب ومدى انتفاعى به.

أخذت هذا الكتاب يوم صدوره اخذ المشوق اللهفان،  لأنى كنت ارتقب صدوره بعد أن بزغ (فجره) من زمن  غير قليل، ولم البث أن عكفت على قراءته عكوفا لم أدع معه  النفس أن تتطلع إلى شىء غيره من متاع الحياة حتى انتهيت منه.

وفي الحق أنى لا أستطيع أن أصف وصفا دقيقا مقدار  ما استمتعت به من هذا الكتاب، ولا أن أصور تصويرا  صادقا مبلغ ما فيه من علم وبحث، ولكنى لو أردت أن أصف  أمرى بعد أن فرغت من قراءته فى عبارة صغيرة لقلت: " أنى  على كثير ما قرأت من كتب العلم والأدب لم أفد من كتاب  مثل ما أفدت من هذا الكتاب" فقد كشف عن الحياة  العقلية الإسلامية فى القرن الثاني للهجرة مما لم يكن معروفا مثله  لأحد؛ فظهرت أشياء لم تكن تعرف من قبل، ووضحت أمور  كانت غامضة أو مبهمة، وصححت مسائل كان الناس يعلمون  سبا غير الذى حققه ببحوثه العميقة عالمنا الجليل.

ولقد شهدت فى هذا الكتاب الممتع كيف سارت حياة  الإسلام فى الحقبة التى أرخت فيه، وتنورت على هدى تحقيقه  ما أثر فى هذه الحياة من مختلف النواحى وما تأثرت به هذه  النواحي، حتى لكنت أحسب وأنا أدرس هذا الكتاب أن  الحياة العقلية الإسلامية قد صورت تصويرا صادقا على لوحة  السينما بحيث لا يخفى منها شىء، ولا يحتجب منها وجه.

وأنى لأقرر فى صراحة أني بعد أن قرأت كتابى (فجر  الإسلام وضحاه) قد تغير رأيى فى كثير من أمور ديننا  الحنيف كنت فهمتها من بعض كتب العلم، وأصبحت بذلك

مضطرا إلى أن أعود إلى هذه الكتب لأقرأها ثانية حتى أفهم  ما فيها على حقيقته.

هذا بعض ما أخذته من كتاب (ضحى الإسلام) بقدر  (قريحتى وفهمى) أنشره وأؤذن بصوت الحق أن هذا الكتاب  الفريد تجب دراسته على الأديب والعالم والدينى والمؤرخ وجوباً.

جزى الله عالمنا الجليل لقاء ما ناله من تعب، وتحقيق فى  سبيل العلم خير الجزاء، وأعانه على إتمام ما انتدب له من خدمة  العلم أنه سميع الدعاء.

المنصورة

اشترك في نشرتنا البريدية