فى قفار الفلاة كان مسيرى والشمس ترسل نارا لفحات كأنها من سعير زادت أوارى أوارا ليس فيها سوى رمال كثيب من فوقهن رمال لا غدير ولا جناب رطيب تحنو عليه الظلال
متعباً يائساً أويت لكهف مالت عليه الصخور وتراميت بين جهد وخوف تضيق منه الصدور غير أنى أبصرت طيرا جميلا ما راعه أن رآنى لونه كالسماء، أحلى هديلا من مطربات الأغانى
قلت يا طير: إن قلبى وجيع فغننى واشف قلبى أنا فى هذا القفار مضيع فكن عزائى وطبى فدنا عند ذاك منى وغنى والسحر فى نغماته وأتى فوق راحتى مطمئنا يفتر عن بسماته
وغدا طائرى أنيس حياتى فى وحشة الصحراء وألفت البقاء وسط فلاتى حتى نسيت شقائى فكأن الرمال أضحت غياضا تجرى بها الأنهار وكأن الصخور صارت رياضا تزينها الأزهار
غير أنى. أواه! أبصرت يوما طيرى على غير عهدى فتوددت فى خشوع فأومأ على عبوس وصد وتوسلت ضارعا بودادى وما تضمن قلبى وجرى الدمع من دماء فؤادى ولست أعرف ذنبى
بم ناديت حسب نفسى شقاء وما ترى من بكائى إننى لا أعيش إلا رجاء فلا تضيع رجائى فلوى رأسه الجميل مجيبا فى قسوة وجفاء قال: ما تبتغى؟ كفانا نحيبا أف لهذا البكاء!
أنا طير ولى جناح فدعنى أطير نحو السماء والتمس صاحبا شبيهك، أنى سئمت طول البقاء قال هذا وطار عنى يغنى بين ثنايا السحاب تاركا مهجتى لنيران حزنى تلقى صنوف العذاب

