الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد الثالث عشرالرجوع إلى "الرسالة"

عبقر،

Share

لأسرة المعلوف قدم سابقة فى الأدب، وعبقرية خالقة فى الشعر، ورحم الله فوزي المعلوف فقد ابتدأ الشعر من حيث انتهى غيره ولو لم يحتضر وهو فى ريق العمر لأرى الناس كيف يتحضر الشعر ويتجدد الأدب. وقد نبغ اليوم من هذه الأسرة الكريمة الشاعر الشاب شفيق المعلوف: فقد نظم ملحمة عنوانها  "عبقر"  ثم نشرها فى البرازيل. وسنكتفي اليوم باختيار شيء منها على ان نعود إلى الكلام عنها فى عدد قادم.  

قال من الفاتحة :   يا يقضة تنفض عن مقلتي ... إغفاءة طارت وحلما نأى  ان الضحى صعد أنفاسه ... على سراجي فغدا مطفأ  ومن تكن حالته حالتي ... لم يستعض بالسيئ الأسوأ  ما الفرق فى نومي وفي يقظتي ... وكل فى يقظاتي رؤى ؟

شيطان الشاعر:  على الربى استلقى شعاع الضحى ... يعبث فيه الأرج العاطر  فعانق الزهر وضمتهما ... غمامة علقها الناظر  غمامة بينا أراها إذا ... شيطان شعري تحتها سائر  كأنه لما بدا خفية ... أظهره فوق الثرى ساحر  في فمه من سقر قطعة ... منها يطير الشرر الثائر  ووجهه جمجمة راعني ... أنيابها والمحجر الغائر  كأنما محجرها كوة ... يطل منها الزمن الغابر  أقبل نحوي قائلا إنني ... طوع لما يقضي به الآمر  أتيت والليل طوى ذيله ... فعم صباحا أيها الشاعر  

قلت لشيطاني: أمن حالق ... أتيتني ام من شقوق الثرى؟  فقال إني جئت من بقعة ... خافية تدعونها عبقرا  تسوس فيها الجن عرافة ... ترى بزجر الطير ما لا يرى  الشعر ولاها شياطينه ... فسادت الهوجل والهوبرا  ساحرة مطلسم مسحها ... تطوي بها الأجيال والأعصرا  تقفوا السعالي أثرها كلما ... أججت المندل والعنبرا  جن من النور جلابيبها ... فى كل سعلاة ترى نيرا  تضطرب الأرض متى أقبلت ... قاذفة عزيفها المنكرا  فقم بنا صاح إلى عبقر ... نجوس ذاك المجهل الأوعرا  

وانطلق الشيطان فى الجو بي ... كأنه النيزك أو أسرع  مكنت من فقاره قبضتي ... مندفعا أصنع ما يصنع  حتى تهاوى بي إلى موضع ... ما راقني من قبله موضع  

غمائم زرق على متنها ... منازل جدرانها تسطع  تثور فى أبراجها ضجة ... بها يضيق الأفق الأوسع  فقال هذي عبقر ما ترى ... وضجة الجني الذى تسمع  عزت على الأنس فمن حولها ... أبالس الأبراج تستطلع  أنحاؤه الأربع مرصودة ... تحرسها الزعازع الأربع  ما أفلت الإنسي من زعزع ... الا تلقى صدره زعزع

الشهوة:  جنية تمعن فى وثبها ... كأن شيئا حولها راعها  حلتها كالضوء شفافة ... عن بشرة تزيد إشعاعها  كأنما الشمس التى كورت ... من حلقات النور أضلاعها  ألقت إلى الأرض بما أبدعت ... ليكبر العالم إبداعها  إن بسطت ذراعها أحجمت ... ملتاعة تود إرجاعها  ثم أراها وهي مأخوذة ... تطوي على ما لا أرى باعها  من عالم الأجساد مبلوة ... بنهمة تود إشباعها  لشهوة فى نفسها طاردت ... فى ظلمة الأدغال اتباعها  تعانق الأرواح حتى إذا ... خابت مضت تحمل أوجاعها  

اشترك في نشرتنا البريدية