ليس هذا الكتاب كما يتبادر الى الذهن كتاب طب وضع للأطباء، بل هو كتاب من كتب الثقافة العامة، وضع لكل شابة وشاب، ألفه الدكتور الخالدي، الأستاذ في فن التوليد والأمراض النسائية في جماعة بيروت الأمريكية، ويقع في مائتي صفحة كبيرة، متقن الطبع، جميل السبك، متين الورق
وقبل أن أحدث القارئ عن مباحث هذا الكتاب النافع، أشير الى ناحية فيه قد عظم إعجابي بها: ذلك أن الدكتور المؤلف قد بلغ حداً فائقاً من المهارة في تقديم المسائل العلمية والفنية الى عامة القراء، مما جعل كتابه في متناول كل قاريء، يفهمه في غير عسر، بل يقبل عليه في شغف ولذة، هذا الى ما احتوى عليه من صور دقيقة واضحة، تبين أجزاء البحث، ومنها عدد يتعلق بناحية الجمال والعاطفة دون أن يبعد عن المقصد الذي يسعى إليه المؤلف، إذ كان محوره بيان الأمومة السعيدة والطفولة السعيدة
وينبغي أيضاً أن أشير الى الأسلوب الذي نهجه الدكتور، فهو أسلوب من حدد موضوعه ورسم جزيئاته في نفسه، وتبين غايته منه، فاستطاع أن يكون سهل الأداء قريب المأخذ، بعيد المرمى، مما يتفق مع طبيعة هذا الكتاب وموضوعه الدقيق
والكتاب بعد ذلك مزيج من العلم والعاطفة، فموضوعه الإرشاد في ضوء القواعد والأصول، وغايته إسعاد الأم والأبناء، مع الشعور دائماً (بأن المحيط الذي سيخدمه هذا الكتاب هو محيطنا الشرقي الذي يقدس الشرق والحياء الجنسي، فلا تخجل من قراءته العذراء، ولا يجد القارئ طي صفحاته إلا كل ما يخص على اتخاذ المثل العليا في الحياة غاية لسعادة الأمومة والحياة)
فتتح المؤلف كتابه، بتلك الأسطورة الهندية الشهيرة في خلق المرأة، ثم قدم لبحثه في كلمة أشار فيها الى تسلط الأوهام
اوالخرافات على كثير من العقول فيما يتعلق بأمر الحمل والولادة بسبب الجهل، مؤدياً قوله ببعض الحوادث التي صادفته وبعض الإحصاءات التي اطلع عليها
بعد ذلك أورد كلمة في الانقسام الخلوي وتكوين الجنين، ثم شرح في دقة وسهولة الأعضاء التناسلية في المرأة، وما يطرأ عليها في سن البلوغ، وتكلم عن الاشتراكات إبان الحمل، وعن الولادة والنفاس والطفل الوليد، وما يجب اتخاذه من وسائل العناية أثناء الحمل والولادة وعقب ذلك، وأختتم موضوعه الخطير بفصل ممتع في الغريزة الجنسية، وبيان بعض الأمراض، وبعض المسائل التي تشغل بال الإنسان في شبابه، ثم بكلمة رقيقة حصيفة الى المتزوجين ومن هم على أهبة الزواج
وإني لأشكر الدكتور المؤلف، معترفاً له بجميله هذا، فلقد استمتعت بقراءة هذا الكتاب واحببته حباً عظيماً، يدعوني الى أن أتقدم الى القراء بخالص النصح عسى ألا تفوتهم قراءة هذا الأثر النافع الجميل

