الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 32الرجوع إلى "الرسالة"

فلسفة سبنسر

Share

-٢-

تطور الحياة

يبدأ سبنسر كتابه عن تطور الحياة بتعريف الحياة نفسها بانها  التوفيق بين الكائن الحى وبيئته، ويتوقف كمالها على كمال هذا التوفيق.  فهذا حيوان يكتسى بالفراء ليتقى لذعة البرد، وذلك قد أعد لاختزان  الطعام لما عساه أن يصادفه من قحط وإجداب، وثالث يستطيع  أن يتلون بلون الأرض التى يدب فوقها حتى لا يبصره العدو فيفتك  به، الى آخر هذه الوسائل التى زودت بها الطبيعة الأحياء، أو  بعبارة أصح، التى قسرها الأحياء قسرا على أن تزودهم بها للذود  عن حياتهم، مما يعلم القراء جميعا. وبديهى أن هذه الملاءمة لم  تبلغ ولن تبلغ درجة الكمال ما دام الحيوان مخلوقا ناقصا يعتريه  الضعف والموت، ولكن مهما يكن من أمر فهو دائب لا ينى عن  السعى الحثيث فى زيادة هذه الملاءمة شيئا فشيئا، بان يكمل  هذا النقص تارة وذاك طورا، وينقح من أعضائه حتى تتمكن من  مجاوبة الطبيعة ومقاومتها، ومعنى ذلك أن الكائن الحى يشعر بالحاجة  أولا ثم ينطلق فى سعيه جيلا بعد جيل يستمد من الطبيعة عضوا

يسد له ما أحس من نقص، فهو مثلا يشعر بحاجته الى النظر  لكى يتبين ما يحيط به فى دقة ووضوح فيكون لنفسه على مر الدهر  عضوا للإبصار وهكذا قل فى سائر الأعضاء،

وليست الحياة إلا هذا التوفيق الذى لا تنقطع أسبابه، ولا تقتصر  هذه المحاولة على أفراد الحيوان، بل تعدوها الى الأنواع، إذ يسعى  كل نوع باعتباره كل الملاءمة بينه وبين البيئة. ويرى سبنسر توافقا عجيبا  بين تكاثر الحيوان وما يحيط به من الظروف الطبيعية، فهو يرى  أن الأصل فى التناسل هو تخلص الكائن الحي من زيادة فى حجمه  لا تتناسب مع جهازه الهضمى، أى أن كتلة الكائن الحي اذا اطردت  فى النمو، تصل الى حد لا تستطيع معه المعدة أن تسد حاجتها فى  الغذاء، وعندئذ يضطر الحيوان الى ان يقف نموه عند حد معين،  وكل زيادة تجىء بعد ذلك يتخلص منها بان يخرجها نسلا. وتطبيق  ذلك، أن الانسان، ذكرا كان أم أنثى، يأخذ جسمه فى النمو  الى حد محدود ثم يقف نموه إذا ما جاءت مرحلة التناسل، ولذا نرى  أن عدد النسل يتناسب تناسبا عكسيا مع درجة النمو، فكلما  كبر حجم الحيوان كان نسله أقل عددان فبينما تنسل الذبابة مثلا  عشرات الذباب لا يلد الفيل إلا واحدا. كذلك  يتناسب عدد النسل مع مقدرة الحيوان على مقابلة الاخطار.

فان كان ضعيفا عاجزا عن صد ما يتهدده من الكوارث  لجأ الى كثرة النسل ليعوض فناء أفراده الناشئ من ضعف  المقاومة والا تلاشى النوع. والعكس صحيح، أى اذا كان النوع  قادرا على الاحتفاظ ببقائه، وجبت قلة النسل، والا رجحت كثرة  العدد على كمية الطعام. ومعنى ذلك بعبارة أخرى أنه كلما ارتقى  النوع فى سلم الحياة، كان أقدر على الاحتفاظ بوجوده، وكان  بالتالى قليل النسل. وهذه القاعدة صحيحة الى حد كبير حتى فى  الأفراد، أى اذا ارتقى الفرد فى عقليته وذكائه كان أقل نسلا. ومما هو  جدير بالذكر أنه كلما ازدادت عند الفرد كمية الاستهلاك العقلى  أى التفكير - قل عدد النسل أو انعدم. ولعل أبلغ آية لذلك  عقم الفلاسفة. وقد يشير هذا الدليل الى ان الانسانية تسير فى  تطورها نحو مرحلة تزيد فيها القوة العقلية ويقل عدد النسل.

وعلى الرغم من ان الطبيعة ساهرة على هذا التوفيق بين نسبة  التناسل وحاجة النوع. فقد يظهر إنها أخطأت الحساب ومالت نحو  الأكثار من السكان، بغض النظر عن كمية الغذاء، وحق لملتوس

أن يجهر بدعوته الى ضبط النسل لما لاحظه من زيادة السكان على مواد الغذاء.

تطور المجتمع

ليست دراسة الاجتماع باليسيرة الممهدة، بل يعترض سبيلها  من العقبات والصعاب ما لا يستطيع التغلب عليها الا الافذاذ الفحول،  فقد حدث مرة ان ارتحل رجل فرنسى الى انجلترا يقضى بأرضها  بعض الوقت ترويحا للنفس وحبا للاستطلاع فلم يكد ينقضى على  اقامته بها أسابيع ثلاثة حتى اعتزم ان يصدر كتابا عن انجلترا،  اذ خيل اليه انه قد درس شعبها فأتقن الدراسة، فلما انقضت  شهور ثلاثة، هم بوضع كتابه، ولكنه أدرك أنه لم يتقن الدراسة  بعد بحيث يستطيع أن يخرج الكتاب الذى يريد، وآثر الروية  والأناة، فلما انقضت سنوات ثلاث، اتسع شعوره بالعجز  والقصور، وأيقن أنه لا يعلم من موضوعه شيئا. . . وهذا صحيح،  فقد يخيل للإنسان للوهلة الأولى ان دراسة المجتمع سهلة ميسورة،  ولكنه كلما ازداد علما بدقائقه، ازداد يقينا بجهله وعجزه.

فما بالك بالجهود التى بذلها سبنسر، وهو لا يريد أن يدرس شعبا  بعينه فحسب، بل يقصد الى دراسة المجتمع الانسانى باسره وكيف  تطور كيانه م حالة الى حالة؟ فهو يرى أن المجتمع كائن عضوى له  أعضاء للتغذية وله دورة دموية، وفيه تعاون بين الاعضاء، وله فوق ذلك  تناسل وافراز، شأنه فى كل ألوان الحياة شأن الأفراد سواء بسواء. . .  فهو ينمو، وكلما ازداد نموه اشتد تعقدا، وكلما تعقد ازدادت أجزاؤه  استقلالا. وحياة المجتمع باعتباره كلا طويلة جدا بالنسبة الى حياة  أجزائه التى يتألف منها. والمجتمع كالفرد يتعاوره التكوين  والانحلال وهما وجها التطور: فنمو الوحدة السياسية من الاسرة  الى الدولة ثم الى عصبة الأمم، ونمو الوحدة الاقتصادية من  الصناعة المنزلية الصغيرة الى نظام الشركات ثم الى الاحتكار، ونمو  وحدة السكان من القرية الى المدينة. . . كل هذه ظواهر للتجمع  والتكوين، ولكنك من جهة أخرى ترى تقسيم العمل وتعدد المهن  والصناعات، وتنوع الانتاج بين الريف والمدن، وبين أمة وأمة. . .  وهى دلائل تشير الى التنوع والتنافر. . وتستطيع كذلك أن تلمس  التطور بشطريه - تآلف الأجزاء فى وحدة، ثم تنافرها داخل تلك

الوحدة - فى كل جانب من جوانب المجتمع: فى الدين والحكومة والعلم والفن وغيرها.

فقد كان الدين أول الأمر عبادة طائفة من الآلهة والأرواح،  فأخذت هذه تتجمع وتأتلف حتى تركزت فى إله واحد. . ثم عاد  التوحيد فتفرع الى جملة من الأديان وطائفة من العقائد، ولم يتحور  الدين فى شكله فقط، بل تبدل موقعه من النفوس كذلك. فقد  كان الجمهور الذى تدور حوله رحى الحياة بأسرها، ذلك  لأنه ألقى فى روع الانسان الأول ان هذه الحياة الدنيا غرور  ولهو، ويجب أن يربأ بنفسه أن تنغمس فى حمأتها أو تتلوث بأدرانها  ولتكن الآخرة وحدها محطا لآماله ومعقدا لأمانيه فهى خير من  الأولى وأبقى، ولكن ما لبثت وجهة النظر أن تطورت، وتوجه  الانسان بشطر من عنايته نحو هذه الحياة التى يعيش فيها. واخذت  تلك العناية تزداد شيئا فشيئا كلما اتسع نطاق العمل الصناعى.

أما نظام المجتمع فلعل أبلغ ما طرأ عليه من تغيير، هو  الانتقال التدريجي من النظام الحربي الذى ساد أوربا إبان  العصور الوسطى الى النظام الاقتصادى الصناعى، ويعتقد سبنسر أن  تقسيم الحكومات الى ملكية وأرستقراطية وديموقراطية وما الى  ذلك، ان هو الا عرض تافه لا يمس الجوهر والصميم، وأما الحد  الفاصل الذى يميز دولة من دولة، فهو أساس بنائها الاجتماعى.  هل يقوم علت النزعة الحربية أم يصطبغ بصبغة الصناعة، وبعبارة  أخرى تنقسم نظم الاجتماع نوعين: جماعة تعيش من أجل النزال  والقتال، كما كانت الحال فى نظام الاقطاع، وجماعة لا تجد فى  الحياة هدفا تتجه صوبه وتحيا به ومن أجله سوى العمل، فتلك  تحارب من أجل الحياة، وهذه تعمل من أجل الحياة.

وللدولة الحربية صفات تلازمها، منها ان السلطة تتركز فى  قبضة الحكومة وحدها، ويغلب أن تكون حكومة ملكية  لا تدخر وسعا للتفريق بين الشعب الواحد الى  طبقات بعضها فوق بعض، فتكون الحرب والفروسية  صناعة الأشراف، وللسوقة الصناعة وفلاحة الأرض. . . كذلك  تعظم فى الدولة الحربية سيطرة الرجل فى الأسرة، ذلك لأن الرجال  هم عماد الحروب، وأين منزلة الرجل فى حومة الوغى من منزلة المرأة  قابعة فى عقر دارها؟! ويمقت سبنسر هذا الضرب من الاجتماع  الذى تدور حياته حول قطب الحرب، لأن مصلحة الفرد تذوب

وتتلاشى فى صالح المجموع، ولأن الدولة لا تقوم الا على  القتل والسرقة، ونحن إن كنا نصم الانسان الأول بالوحشية لأنه  كان يلتهم لحوم البشر، فما أجدرنا أن نزدرى هذه الدول التى تأكل  شعوبا بأسرها فى وجبة واحدة! ويعتقد سبنسر ان رقى الانسانية  مرهون بإلغاء الحروب، وهو لا يرى سبيلا لتحقيق هذا المثل الأعلى  سوى أن تقطع الأمم شوطا بعيدا فى الصناعة لأنها تعمل على  المساواة والسلام، وهى تقسم السلطة بين أعضاء المجتمع جميعا ولا  تركزها فى أيدى الحكومة وحدها، وفضلا عن ذلك فهى تشحذ  العقول وتدفعها الى الابتكار، وهو المعول الهدام الذى يكفل لنا  تحطيم التقاليد الوراثية التى تقوى من شوكة الحكومة. . . وستصبح  الوطنية فى ظل الصناعة حبا للوطن لا كراهية الأوطان الأخرى،  ثم إذا اطرد نموها، فستؤدى حتما الى ازالة الحواجز الجمركية التى  تفصل الدول بعضها عن بعض، وعندئذ تورق دوحة السلام  وتمتد فروعها حتى يتفيأ ظلها أبناء الانسانية جميعا. . . واذا ما خفقت  راية السلام وأمحت الحروب، زالت دولة الرجل، ولا يعود  له فى أسرته سلطة الحجاج التى ينعم بها، ويرتفع قدر المرأة حتى تقف  معه كتفا الى كتف، لتشابه ما يؤديان من عمل، وعندئذ فقط  يتحقق تحرير المرأة الذى تنشده.

ولما كانت الصناعة تستقى ماء حياتها من العلوم، فلا ريب فى  أن تقدمها وانتشارها ينتجان تربية التفكير العلمى وصحة الاستنتاج  للأسباب والمسببات، ولن يلجأ الإنسان بعدئذ الى قوى الطبيعة  الخارقة والأبالسة والشياطين يعلل بها أحداث الحياة. . . وفوق  هذا كله سينقلب التاريخ رأسا على عقب، فستزدهر صحائفه  بذكر الرجال العاملين بدلا من الملوك المحاربين، وسيفسح فى مجاله  للمخترعات والأفكار. . . سيزداد الشعب سلطانا وقوة، وتتقلص  سطوة الحكومة وتنكمش، وسيبطل ذلك الوهم العتيق البالى الذى  يفرض على الفرد أن يحيا من أجل دولته، وأن يضحى بنفسه فى  سبيلها، وسيعلم الناس حقا ان الدولة إنما وجدت وأنشئت لصالح  الفرد، وان كان هذا هكذا فلا يجوز أن تضحى الحياة من أجل  العمل، بل يجب أن يكون العمل أداة تستغلها الحياة فى تحقيق  السعادة والهناء.

تطور الاخلاق

على أى أساس نشيد مبادئ الأخلاق؟ وبأى مقياس نزن الخير

والشر؟ أما سبنسر وأتباعه فلا يترددون لحظة فى اخضاع الأخلاق، كأى  شىء آخر، الى قوانين التطور وانتخاب الطبيعة، وبعبارة أخرى  يريدون أن نلقى بزمام الانسان فى يد الطبيعة نفسها تختار من أخلاقه  ما تشاء. وقد ناهضهم طائفة كبيرة من العلماء والكتاب، يربأون  بأخلاقنا التى تواضع المجتمع عليها أجيالا متعاقبة، أن توضع بين  مطرقة الطبيعة وسندان التطور، يفعلان بها كيف شاء لهما الهوى  وفى  ذلك يقول هكسلى: إن علم الحياة لا يصلح دليلا خلقيا بأية حال  من الاحوال، اذ كيف نترك مصيرنا فى كف الطبيعة العمياء، وهى كما قال عنها تنسون الشاعر الانجليزى "ملطخة بالدماء نابا ومخلبا" ! نعم كيف نذر الطبيعة تصب فى قوالبها ما يطيب لها من أخلاق وهى كثيرا ما تمجد الوحشية والمكر والخداع وتمقت  الرحمة والعدل والحب؟!

ولكن تحدث بهذا المنطق لغير سبنسر! لابد أن تخضع مبادئ  الأخلاق للانتخاب الطبيعى وتنازع البقاء، وليبق من أخلاقنا ما  يصمد لهذه التجربة القاسية، وليفن منها ما تذروه هذه الريح  العاصفة. . . الأخلاق - كأى شىء آخر - تعود على الانسان  بالخير أو بالشر بمقدار ما تساوق أغراض الحياة "والخلق السامى  هو ذلك الذى يسير مع الحياة ويشاطرها فى ما ترمى اليه" فلنقبل  من الأخلاق ما يلائم الحياة، ولنرفض منها ما يعترض سبيلها ومجراها،  أو بعبارة أخرى يجب أن تكون الأخلاق بحيث تعاون الفرد على  البقاء فى مضطرب الأهواء المختلفة المتنازعة التى تصدر من أعضاء  المجتمع. ولما كانت هذه الملاءمة بين الفرد والمجتمع تختلف باختلاف  الزمان والمكان، كانت بالتالى فكرة الخير تختلف عند الشعوب  أوسع اختلاف. ويرى سبنسر أن الطبيعة قد زودتنا بمقياس دقيق  نميز به الطيب من الخبيث، وهو مقياس السرور والألم، فاذا صادف  سلوكنا من أنفسنا ارتياحا ورضى، كان ذلك دليلا على ملاءمته  للحياة الكاملة، لان ذلك الاطمئنان الباطنى علامة على أن الطبيعة  قد اختارت ذلك السلوك ليكون سبيلا الى حفظ الحياة. فأنت  تستطيع اذن أن تفرق بين الخير والشر، بما يبعثه العمل المعين من سرور  أو الم لأنهما دليل ساقته الطبيعة نفسها للتفريق بين هذا وذاك.

نعلم مما تقدم أن الأخلاق يختلف لونها باختلاف البيئة الطبيعية  أو الاجتماعية، لأن الأولى صدى الثانية وانعكاسها، ولما كان نظام  المجتمع فى العصور الوسطى أخذ يتطور فى كثير من أسسه وقواعده،

كان حتما أن ينشأ عن هذا التحوير انقلاب فى فكرة الأخلاق.  فقد كانت أكاليل المجد والفخار لا تعرف موضعا غير هامة الفرسان  المقاتلين، فأما هؤلاء الذين يقضون نهارهم فى الزراعة والصناعة  فعبيد أرقاء حقب عليهم الذلة والهوان، ولكن وجهة النظر أخذت  تتطور منذ حلت الصناعة ورسخت قدمها، لانها تعتمد كما قدمنا  على القوة العقلية، فأضحى العمل أشرف ما يمارسه الانسان. لأنه  عماد المجتمع وسنده. . . ولما كان هذا العمل لا ينمو ولا يستقيم الا تحت  ظل العدالة، وهذه بدورها لا تورق أو تزدهر الا فى جو من الحرية؛  كانت هذه الحرية أول واجب فى عنق الدولة، وقد عرف سبنسر  العدالة بان: "كل إنسان حر فى أن يفعل ما يشاء، على شريطة ألا  يتعارض ذلك مع حرية إنسان آخر له ماله من حقوق" . ولا يستقيم  هذا النص مع نزعة الحرب، لانها تعبد سلطان القوة وتفرض  الطاعة العمياء، ولكنه شرط أساسى لنجاح الصناعة لأنها تعتمد  على السلام والحرية فى الرأى والابتكار.

تلك هى حقوق الإنسان الأساسية عند سبنسر. حق الحياة  وحق الحرية، فأما شكل الحكومة فلا يقيم له وزنا، فلتكن ملكية  مطلقة أو دستورية أو ما شئت من نظم، فما لنا ولها ما دمنا نتمتع  بالحرية والحياة؟ وفى  هذا يسخر سبنسر من النساء اللائى يلححن  فى طلب الحقوق السياسية، لأنها فى رأيه وهم باطل لا يسمن  ولا يغنى من جوع، فضلا عن أنه يتوجس من المرأة خيفة  ان هى وثبت الى مقاعد النيابة والحكم، اذ يخشى ان تدفعها غريزة  الإيثار الى تقوية الضعيف الذى يجب أن يرك للطبيعة تسحقه،  فلا تذر من الاحياء غير الاقوياء، نعم يجب أن تتحكم الأنانية وان  تظل أساسا لأعمالنا بحيث لا تلين لعاطفة الايثار، فهى أسبق منه  الى الوجود، وهي أصلح للحياة والبقاء. . . . وهل الإيثار الا  أثرة فى لبه وصميمه! أليست الأبوة حبا صريحا للنفس؟ والوطنية  ما هى؟ ألا تراها أثرة مجسمة؟ فأنت لا تنتصر لهذه البقعة من  الأرض الا لانك تعيش بين أرجائها!

وخلاصة الرأى عند سبنسر أن المثل الأعلى للأخلاق هو  مزيج متزن بين الاثرة والايثار- الايثار الذى يشبع الأنانية  ويغذوها.

اشترك في نشرتنا البريدية