كان لمجلة " البيان " فى نفسى مكانة , وكان لها فى أفق الثقافة المصرية مكان . ولنت ما اشتر لت فيها احس من نفسى اغتباط من يؤدى واجبا , ولا أنكر ما شملتى من سرور يوم نشر الشيخ البرقوقى مقالي الأول بها
ولما احتجبت احت لها وحشة , واحست ف جوى بشىء ينقصنى , ثم طلبته فى مجلداتها الأولى , وإذ أتيت عليها وأخذت نفسى بترتيبها ووضعها فى مكان خاص من المكتبة خالجنى سرور الوفاء بالعهد . ولم يزل لها مكانها وما زلت أذكر بالخير عهدها
لم أكتب فى مجلة منذ احتجابها , وفى فترات متباعدة كتبت فى المحروسة ، واللواء ، والمقطم . وكنت طوال الوقت أتمنى على الله للبلاد مجلة تسد الفراغ وتأخذ بيد الثقافة
وما كت لأغمط المجلات الأخرى فضاها علا والأدب والتاريخ , ولكنى كنت داسم الاحساس بحاجة البلاد لمجلة تقوم على أساس من الروح المصرية , وإحياء الصالح من التقاليد الاسلامية , فتصل العهدبن وتنبه الجيل إلى تراث الأولين
ملكتالأمنية على شعورى حتى فكرت عام ١٩٢٦ مع صديق اسماعيل مظهر وصديق ثالث فى تنفيذ الفكرة برغم مشاغلى وما قد يكون بين عملي وبين ماااعتزم من فوارق ظاهرة . ووسل بنا الحرص على التوفيق بين الأمرين إلى أن تعتزم إصدارها كل ثلاثة اشهر , ولكن حتى هذه لم تتم !! فقد تعجل صديقنا الامر وأظهر مجلة " العصور " فجاءت ابعد ما نكون عن الاس التي قدرنا
لكن الله سبحانه وتعالى قدر للأمنية ان تتحقق - و حققت بالفعل قبل ان اتصل بالرسالة بمام ونيف , ولكنى حرصت هذا الخبزالسارحتى كانراس العام الهجري الحالى فاراد الله أن يجعل سرورى مضاعفا ، فأتلق الخبر فى خير عيد للمسلمين ، بل للأنسانية جميعا
فبينما اجتاز ميدان الأزهار إذ سمعت بائع الصحف ينادى بالرسالة , وإذا في مقبل على شرائها , فيطالمنىالعنوان , وإذا بين أبدى عدد ممتاز خص به العام الهجري , وشرف العدد بأكثر ذكريات التاريخ
طربتحقا - لأنى أعلم أن هذا التقليد الصالح أهمل منذ الحرب الأخيرة بعد ان كان سنة بحيبها أكثر الهيئات - وطربت لأنى أخذت أولادي وبيئتى بالاحتفال بالعام الهجري , فأدخر لهم اليومه خير المكافآت و " اللعب " إيقاظا لهم , و تقريبا للمعنى الى عقول الصغار
وإني أقرر اليوم انى إلى ذلك التاريخ لم أكن أعرف عن صاحب الرسالة شيئا ، ولم أكن رأيته , ولم يصلنى به وبأكثر النخبة الصالحة من معاونيهغير الآثار القلمية الرائعة امتع بها ذهني بين فرصة واخرى
فلما قرأت العدد التاريخى شعرت بما خفق له قلي طربا , وأحست بالفراغ يملأ وبالثغرة تسد
نما ننشد للبلاد مجلة تنشر مفاخرالسلف الكرام فلا ينقطع . ما بيننا وبينهم قنصل المنطق . إنما تمنينا مجلة تنشر الصالح قديما كان أو حديثا , تخرج لنا فى لغة سهلة راقية ما يأخذ بيد الأخلاق من عثرتها , ويكبح جماح الشهوة والغرور , ويزيل الغشاوة عن الأبصار , فييدو لشبابنا الاسلام كما هو , والأدب العربى كما هو , وهما أساس الثقافة لمصرالحاضرة ولا أساس غيرهما
ومااكدت أظفر بهذا الكنز حتى سارعت به الى أولادي اقرئهم ما يتفق وما يحيون من ذكرى , وأشرح لهم بعض ما يصعب على أذهانهم - ثم سارعت أكتب الى صاحب الرسالة مشجعا دون سابق تعارف , معتقدا أن السكوت بعد ذلك هرب من صفوف الجهاد , ووعدت في كتابي ان ائهز فرصة فراغ لاعود اللترسل اذا أتيح لى أن تشرف رسائلي بمثل هذا المكان الكريم
جاء فى الرد بعد قليل فاذا به آية على اختصاره , وإذا بى المس وفى كاتبه صدق الأيمان فى كل مسمى ومقصد
أتيح لى فى شهر سبتمبر ان ازور دار الرسالة فأسعد بلقاء صاحبها , وإذا بألس فى كل قول وفى كل حركة إيمانا صادقا وأدبا رائعا حذابا
استجبت ( للرسالة ) الغراء وكلها هدى ونور , وفى يقيني امها
فى البلاد ثالثة أعلام النهضة , فبجانب ( مصنع المحلة ) فى ميدان الاقتصاد , و ( مستشفى المواساة ) فى عالم البر والتعاون , تقوم ( الرسالة ) حمى الأدب العربى وتراث الاسلام
واذا كان الله تعالى أكرم البلاد بهذه المجلة , فقدأكرم المجلة بثوب الاخلاق الكريمة الذى اضفاه على صاحب الرسالة , ولن تنجح رسالة بغير خلق
فالى الأمام أيها الصديق , وإلى الأمام يا خير الصحف . إنما عيد الرسالة عيد للثقافة العالية , والدين القويم , والخلقالكريم

