قال فرنسيس بيكون: "لم أجد نفسى صالحة لشىء صلاحيتها لدرس الحقيقة، ذلك أنى منحت عقلا له من النشاط والمرونه ما يمكنه من إدراك وجوه الشبه بين الاشياء، وله من الثبات ما يعينه على تعرف وجوه الخلاف، ولأنى منحت رغبة فى البحث، وصبرا على الشك، وغراما بالتفكير، وبطأ فى الجزم، واستعدادا للنقد، وعناية بالترتيب، ولأنى ليس لى ولع بالجديد، ولا إعجاب بالقديم، وأكره كل أنواع الخداع، لذلك أرى أن لى طبيعة تألف الحقيقة، ولها بها اتصال".
وقال هكسلى: "إذا تكلمت عن الأغراض التى كانت نصب عينى من يوم أن بدأت حياتى العلمية فتلك باختصار هى أن أستزيد من المعلومات الطبيعية، وأن أطبق طرق البحث العلمى على كل قضايا الحياة جهد الطاقة وقد نما الاعتقاد عندي بأنه لا يخفف آلام النوع الإنسانى الا الاخلاص فى الفكر، والاخلاص فى العمل، ومواجهة العالم كما هو بعزم ثابت بعد أن تمزق عنه ثوب الرياء الذى خلعه عليه المراءون"
وقال فارادى: "يجب على الفيلسوف أن يصغى لكل رأى، ولكن لا يكون مصدر الحكم الا نفسه، لا يخدع بالظواهر ولا يميل إلى فرض فروض خاصة، ليس تابعا لمذهب معين، وليس له فى اعتقاده أستاذ، لا يحترم الأشخاص ولكن يحترم الحقائق. غرضه الأسمى الوصول الى الحق، فان هو أضاف الى ذلك الجد فى السعى كان خليقا أن يخترق حجب الظواهر، ويصل الى حقائق العالم"
وقال السير ميكائيل فوستر فى خطبة له فى المجمع البريطانى سنة 1899 "أن الصفات التى تلزم الباحث فى العلم ثلاث: (1) يجب أن تكون طبيعته متموجة تموج ما يبحث عنه، فالباحث وراء الحق يجب أن يكون مخلصا للحق، والباحث فى أحوال الطبيعة الصادقة يجب أن يكون صادقا.
(2) يجب أن يكون يقظ العقل، فأن الطبيعة انما تفهم بالإشارة أو تهمس فى الأذن بأوليات أسرارها، فعلى الباحث أن يكون مستعدا لفهم اشاراتها مهما دقت، ولسماع أصواتها مهما خفيت
(3) الشجاعة، وأعنى بها التحمل والصبر" وقال نيكون: "أن الحق يظهر من الخطأ بأسرع مما يظهر من الخلط والغموض" فاذا بدأنا نحدد الخطأ بدأ الخطأ يختفى كالذى يحكى عن الجنى اذا
بدا يتجسد سنحت الفرصة للقبض عليه
وصور "دارون" اشتباك العالم تصويرا دقيقا محكما وسمى ذلك "نسيج الحياة" فقال إن العالم كله سلسلة متصلة مشتبكة وأوضح ذلك بأن للقطط علاقة بمحصول البرسيم، وليس يقع طائر الا وقد يحدث من وقوعه أعمال واسعة النطاق. فالقطعة الصغيرة من الطين قد تعلق برجل الطائر ويرمى بها الى الأرض فتتصل بها بذرة "تنبت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة" وهناك دورة لا تنقطع للمادة، والقوة فقد تؤثر (ا) فى (ى) ولو لم تعلم (ى) بـ (ا) فهناك علاقة بين تقليل الأشجار ووباء الحشرات، وبين الطيور وانتثار البذور، وبين ضوء الشمس وصيد أنواع من السمك وهذه الأمثلة قد تظهر بادئ بدء كأنها ألغاز، ولكن اذا بينت الارتباطات المتسلسلة وضحت وضوح الشمس
وقال آخر: "غرض العلماء أن يروا العالم شفافا وأن يجعلوه "سينما" عقليا، صوره المعروضة أسباب متعاقبة تمر أمام أعيننا بدون انقطاع"
وقال كارل بيرش: "يجب على العالم أول كل شيء أن يزيل العوامل الشخصية من أحكامه، وأن يقدم على ما يقول برهانا تقبله عقول الناس كما يقبله عقله، وأن يعنى بتقسيم الحقائق وملاحظة تسلسلها وارتباط بعضها ببعض."

