الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 36الرجوع إلى "الرسالة"

مطالعات وأشتات, قماش جديد:

Share

سمعنا بلبن الإنسان وتذوقناه كلنا، وسمعنا بلبن الأبقار  والجاموس وشربناه لا شك جميعا، وبلبن الماعز ولبن الجمال، ولا  ريب أن منا عددا غير قليل أسعدته المصادفات بتذوقهما واستمرائهما،  حتى لبن الحمير يدخل فى دائرة ما عرفنا أو سمعنا فى الحياة،  ومن الناس من يحدثك عن فوائده وأسراره بأحاديث حارة  لا تتشكك بعدها فى صفاته وآثاره. وغير هذه الحيوانات  عدد كثير تهيئ اللبن لصغارها طعاما سائغا تستحضره من  غذائها إذ يجري فى دمها فتستخلصه منه مجموعة من الغدد أسميت  بالثدي. أما لبن الحمام، وهو طائر يبيض، فلم يسمع به  الكثير، ولكنه مع ذلك حقيقة، فهو إفراز كاللبن تفرزه  الحمامة قبيل أفراخ بيضها، وتستمر فى إفرازه أياما بعد  إفراخه، وتطعم به صغارها وهن ضعاف عراة، وهذا اللبن  ثخين يضرب لونه إلى البياض، ويحتوي الدهن الذى تحتويه  الألبان، وكذلك يحتوي زلالها، فيبلغ مقدار دهنه ما بين ٢٥  إلى ٢٩ فى المائة، ويبلغ زلاله ما بين ١٣ إلى ٥.١٤ فى المائة  وهذان يبلغان فى لبن البقر نحوا من ٣.٧ فى المائة و ٣.٥ فى  المائة على التوالي.

فلبن الحمام إن خالف ألبان الأبقار فهو يشبه لبن الأرنب  فى مقدار دهنه وزلاله، غير أنه لبن يعوزه سكر الألبان  وكل سكر غيره.

والحمام لا يحضر لبنه فى ثديه، فليس له ثدي، وإنما  يفرزه فى حويصلته  ومن الغريب أن الذكر يفرز اللبن كما تفرزه الأنثى،  وهذه ظاهرة لا ينفرد بها الحمام، فقد عرفت من الحيوانات

الثديية أنواع تتعادل ثدي إناثها وذكروها حجما، ويشتركان  كليهما فى تغذية الوليد الرضيع. حتى الوطواط يظن إن ذكره  يساعد أنثاه فى الإرضاع أحيانا.

والرجل ذو ثديين هما فيك وفى منضمران، ولكن قد  عرف من البشر رجال تضخمت ثديها حتى كانت كالنساء  وقطر اللبن منها وسال. والفسلجيون لا يعدون هذه الظاهرة  فلتات من الطبيعة وإنما هى لديهم شارة إلى أن الحيوانات فى  أبان نشوئها كان يشترك جنساها بالسوية فى تغذية الرضيع  وإنجاده كما اشتركا فى إيجاده. ثم تلا هذا أن تخصصت  الأنثى بذلك فى الأكثرية العظمى من المملكة الحيوانية.  وقد حدث فى بعض الأسماك أن قام الذكر بذلك بالحضانة  وأعفيت الأنثى.

من المعروف المألوف الآن أن الذرة الواحدة من ذرات  الأجسام تحتوي على نواة يدور حولها عدد يزيد وينقص  من وحدات كهربائية تسمى بالكهارب، هى نفس الوحدات  التي يتركب منها تيار الكهرباء. ومن المعلوم كذلك أن  الأبحاث فى ذرات العناصر من بعض وسائلها إصابة الذرة  بمقذوفات من تلك الكهارب يحضرها الباحث من الكهرباء  نفسها ويسلطها على الذرة المبحوثة فيتطاير عنها من كهاربها  ما يتطاير ثم يمتحن ما ينتج عن ذلك من إشعاع.

وقوة تلك القذائف تتوقف على الضغط الذى يدفعها فى  طريقها، ويسمى هذا الضغط فى لغة الكهربائيين (بالفلتجة)  ويقاس (بالفلت) . وضغط الكهرباء فى أكثر منازل القاهرة  يبلغ مائة (فلت) أو يزيد قليلا. وهو ضغط كاف لحاجات  البيت، ولكنه غير كاف لتمزيق الذرة.

وقد كان وصل العلم من عهد قريب إلى توليد كهرباء  استاتيكية ضغطها ٨٠٠٠٠٠ فلت، ولكن جاءت الأخبار من  المعهد الصناعي بماساشوست بأمريكا بان الدكتور

(فان دي جراف) وهو أحد الفيزيائيين فيه قد توصل  إلى تدبير جهاز يتولد به تيار متواصل من الكهرباء ضغطه  ١٠٠٠٠٠٠٠ فلت. ويتركب المولد من قطبين كبيرين متماثلين  هما فى الواقع كرتان عظيمتان لماعتان من الألمنيوم قطرهما

١٥ قدما تحملهما اسطوانتان جوفاوان عازلتان قطرهما ٦ أقدام  وارتفاعهما ٢٥ قدما. ويحمل الاسطوانتين عربتان ثقيلتان  تسيران منفصلتين على قضيبين حديديين تبلغ مسافة ما بينهما  ١٤ قدمان وبذلك يمكن التقريب بين القطبين والتبعيد بينهما.  وهما يسكنان الآن بيتا وسيعا كانت تسكنه المناطيد. ويشغل  الجهاز بادارة أحزمة مغلقة عديدة من الورق تصعد وتهبط  فى دورانها داخل الاسطوانة على حذاء طولها، تتصل عند قاع  الاسطوانة بالمحركات التي تديرها، وتتصل من أعلى ببكرات  مثبتة فى وسط الكرة، فإذا بلغت أجزاء الحزام الدوار  بكرته وهو متكهرب مس عندها فرشة فأعطاها حمولته  من الكهرباء فأوصلتها إلى الكرة المعدنية وهى على ضغط ٢٠٠٠  فلت. ولكن لا تلبث أن تأتي الأحزمة بحمولات غيرها  فعل الساقية المصرية فتزيد شحنة الكرة زيادة كبرى. وذلك  بينما الكرة الأخرى فى القطب الآخر جادة فى جمع شحنة  مثل هذه فى الكبر ولكنها تخالفها فى النوع، فان كانت

إحداهما سالبة كانت الأخرى موجبة. فإذا بلغ اختزان  الكهرباء فى كل منهما ضغط قدره ٥٠٠٠٠٠٠ فلت أخذ  القطبان فى التفريغ الكهربائي تحت ضغط ١٠٠٠٠٠٠٠ فلت  ولما كان التفريغ تحت هذا الضغط الهائل لا يؤمن جانبه  على المشتغلين بالجهاز من البحاث فقد أنزلوهم منه  آمن منزل: ذلك جوفه فى الكرة المعدنية نفسها،  وسيكون بها نور وآلات وأجهزة، أي ستكون  معملا فيه كل ما يطلبه الرجال للعمل، وستشحن  أجسامهم بالكهرباء والجهاز دائر إلى أقصى  القطبين، ولكنهم معزولون عن الأرض فلن  يصيبهم أذى.

ويصنعونه من القطن والكتان. وخلط  القطن بالكتان فى النسيج أمر معروف، فهم  يجمعون خيوط هذا إلى خيوط ذلك، أو يسدون  بهذا ويلحمون بذلك. ولكن الطريقة الجديدة تتضمن إحالة  القطن إلى مادة كالفالوذج، وإحالة الكتان إلى مادة فالوذجية  مثلها، ثم خلط الاثنين بنسب تتفاوت لأغراض تتفارق،  ثم ضغط المخلوط فى ثقوب رفيعة يخرج منها وقد جف خيوطا  بين القطن والكتان تغزل ثم تنسج منها الأثواب. وسنرى  فى القريب بشائر هذا الأثواب تباع فى الأسواق بأثمان  يقولون عنها إنها أغلى من القطن بقليل ولكنها أرخص من  الكتان بكثير.

اشترك في نشرتنا البريدية