كان راسخا في الأذهان إلى عهد قريب أن دراسة التاريخ بعيدة كل البعد عن دقة العلوم الطبيعية، ذات القوانين الثابتة المطردة، من حيث طريقة البحث، وانتزاع الأحكام الكلية من الأمثلة الحزبية، لأنه رواية لأعمال الإنسان وسلوكه فردا ومجتمعا، وعلى ذلك فهو لا يخضع لقانون دقيق، كما تخضع العلوم الرياضية مثلا، ما دامت أعمال الإنسان نفسها لا تطرد ولا تستقيم مع قانون خاص، وبناء على تلك العقيدة الراسخة، لم يحاول مؤرخ في العصور الماضية -فيما نعلم- أن يستنبط من شتيت الأخبار التي يرويها التاريخ قانونا عاما ينتظم الجماعة الإنسانية، كما أستنبط الرياضيون من مختلف المظاهر الكونية مجموعة القوانين اليقينية التي لا يجد الشك إليها سبيلا.
ولكن دراسة التاريخ أخذت تخطو في العصر الحديث خطوات نحو الدقة العلمية واستخلاص القوانين العامة من الجزئيات التي تزخر بها بطون المجلدات. ومن أدق ما قرأنا في هذا الموضوع، ما كتبه توماس بكل، المؤرخ المعروف، الذي حاول في كتابه (تاريخ المدنية في إنجلترا) أن يخضع النشاط الانساني، الذي يبدو في أحداث التاريخ المختلفة، إلى نواميس ثابتة دقيقة، كالعلوم الطبيعية سواء بسواء، وكأني به قد وضع المجموعة البشرية في مخبار وأخذ يضيف إليها من المواد ألوانا مختلفة، حتى انتهى به البحث إلى تلك النتائج القيمة التي دونها في كتابه المذكور.
وسنحاول في هذا البحث أن نحلل العوامل الأساسية، والقوانين العامة، التي أنتجت المدنية الإنسانية من أحضان الهمجية الاولى، لإنها لم تنشأ حيث نشأت اعتباطا وعن طريق الصدفة العمياء، ولكنها نتائج محتومة لمقدمات طبيعية.
ولكن ما هي هذه المدنية التي نحاول أن نتتبع أسباب نشأتها؟ أليس جديرا بنا أن نلم إلمامة سريعة بمعناها أولا، حتى يقوم البحث على دعامة قوية وأساس متين؟ نعم، ولكن دون ذلك البحوث المستفيضة وليس هذا المقال القصير مجالا لهذا البحث المتشعب الأطراف، والذي لا أحسب موضوعا بلغ فيه الخلاف بين الباحثين من الشدة والاتساع ما بلغه في هذا الموضوع، وأذكر أني قرأت ملاحظة طريفة أوردها الكاتب
(الإنجليزي هافلوك اليس) فى مقال كتبه عن المدنية، حيث يقول عن هذه الكلمة إنها لم ترد في دائرة المعارف التي وضعها جماعة الانسيكلوبيديين لكثرة ما يقوم حول تعريفها من خلاف.
ولكن مهما يكن من أمر ذلك الخلاف في مدلول المدنية، الذي منشؤه تباين وجهات النظر للحياة، فأن أحدا لا ينكر إنها تعتمد في تقدمها بوجه عام على تقدم العلوم والمعارف أكثر من أي شيء آخر، وأكاد أقول في شيء من اليقين إنها عبارة عن كمية المعارف التي وصل إليها الانسان، لا أكثر ولا أقل، على الرغم من تلك الدعوى التي لا يؤيدها منطق ولا تاريخ والتي يأخذ بها بعض المفكرين في كثير من النعرة الواهية، وهي أن المدنية رهينة بتقدم الأخلاق وحدها، ويكفي أن تلقي نظرة عجلى إلى تاريخ الإنسانية منذ فجرها حتى الآن، لتعلم أن الأخلاق في العصور الأولى هي هي الأخلاق في العصر الحاضر، لم تتقدم إلا بمقدار ضئيل جدا لا يكاد يذكر، فلا يزال الصدق محمودا والكذب مرذولا، ولا تزال الأمانة خيرا والخيانة شرا. . . وأما العلوم فهي تسير كل يوم، إن لم يكن كل ساعة سيرا حثيثا إلى الأمام.
يتضح من هذا أن المدنية في جوهرها عبارة عن المعارف الإنسانية، فإذا ما أردنا أن نبحث عن الأسباب التي أدت إلى نشأة المدنية، فلنبحث عن نشأة العلوم، ماداما صنوين متلازمين، أو بعبارة أدق لأنهما شيء واحد.
حاول أن تصور لنفسك الجماعة الإنسانية في فجر التاريخ، فترى إنسانا لا يملك من الأدوات التي يستعين بها في عمله الشاق شيئا، ترى إنسانا يعمل بيده كل شيء، لا يكاد يستيقظ من نومه حتى يمشي في مناكب الأرض سعيا وراء قوته من نبات وحيوان، ويظل هذا السعي حتى يغشاه الليل بظلمته، فيركن إلى كهف يأوي إليه مهدود الجسد، فيستغرق في النعاس حتى تشرق عليه الشمس كرة أخرى، فينهض من مخدعه ليعيد في يومه سعي أمسه.
فهذا الذي يستنفد نهاره في الحصول على قوته وسائر ما تقتضيه الحياة من شئون، ويقضي ليله في جوف الكهف نائما، لا يكون لديه من الفراغ ما يمكنه من التفكير في خلق السماوات والأرض، والتفكير أولى مراحل العلم، وإذن فالعلوم كامنة في ثنايا العدم، ولا يكتب لها الظهور إلى ضوء الوجود إلا إذا تبدلت الحياة غير الحياة والإنسان، فتتوفر لجماعة إنسانية بيئة
تساعدها على إنتاج محصول يزيد على طعام يومها، حتى يتكون فيض إنتاجي لا يلبث أن يتجمع عند أفراد قليلين، هم الأقوياء عادة، وبذلك يستطيع ذلك النفر القوي أن يتخلص من المجهود الذي كان يبذله لتحصيل ضرورات الحياة، وإذن فقد تمتع بالفراغ الذي لابد أن يستتبع التفكير في مظاهر الكون، وهذا التفكير هو النواة الأولى للعلوم والمعارف المختلفة.
يتضح مما سبق أن الشرط الأول لنشأة العلوم - وبالتالي المدنية - هو خصوبة التربة. الذي يؤدي إلى وفرة الإنتاج بما يزيد على حاجة الاستهلاك، وأمثلة ذلك كثيرة في التاريخ، فالمدنية المصرية القديمة لم تنبت في وادي النيل إلا لخصوبة تربته، كذلك الأمة العربية كانت قبل إسلامها أقرب إلى الهمجية منها إلى أي شيء آخر، فلما جاء الإسلام، ثم تبعه انتقال الأعراب إلى الوديان الخصبة كوادي النيل ووادي دجلة والفرات، حيث الخصب والنماء والثروة انقلب هؤلاء الأجلاف شعبا متحضرا بلغت مدنيته حدا قل أن شهد مثله التاريخ.
ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن المدنية الأوربية تختلف في أسباب نشأتها عن المدنيات القديمة، فبينا هذه تنشأ من خصوبة التربة، نرى الأولى نتيجة لاعتدال المناخ. ولما كانت المدنيات القديمة قد تأثرت بالعوامل الطبيعية وحدها، أعني إنها نتيجة لتفاعل المناخ والتربة من غير أن يتدخل الإنسان تقريبا، وخصب التربة محدود الغلة مهما أجيد استغلاله في حين أن الحضارة الأوربية لا يقف في سبيلها شيء لأنها أثر لتفاعل المناخ وذكاء الإنسان الذي لا يمكن أن نتصور له حدودا يقف عندها، لهذا فالمدنية الأوربية أقوى أساسا وأعمق جذورا وأبعد مدى من المدنيات القديمة جميعا.
ولكن إذا كانت المدنية في أول أمرها -كما بينا- تابعة لخصب التربة، حتى يتوفر من المحصول الزائد ما يتجمع فيكفي فئة من الناس مؤونة العمل، وبذلك تبدأ الطبقة العلمية في الظهور، فلماذا اقتصرت المدنيات على المنطقة المدارية، حيث ظهرت في مصر والشرق الأدنى والهند وبيرو ومكسيكو، وكل هذه تكاد تكون على خط عرض واحد، نقول لماذا لم تنشأ المدنية في المنطقة الاستوائية، مع أنها وفيرة الإنتاج النباتي الذي يحقق شرط الفراغ الضروري للتفكير، فالعلم، فالمدنية؟ الجواب على ذلك سهل ميسور، وهو أن الجهات الحارة لا تساعد الإنسان على التفكير والنشاط، بل من شأنها أن تقعده وتعجزه عن ضروب النشاط جميعا، ومن جهة أخرى، فأن الوفرة النباتية الطبيعية،
التي ليست ثمرة العمل الإنساني، تؤدي إلى التواكل وتعمل على خمود الذهن، لأن الحاجة أم الاختراع. وليس هناك حاجة تشحذ القوى العقلية لاكتشاف أي اختراع. إذن فأنسب مكان تظهر فيه المدنية في أول عهدها، هو ذلك الذي يضطر الإنسان إلى العمل لتحصيل القوت، والذي يكون من خصبه ما يستطيع به أن يمد الإنسان بغلة تربى على حاجة الاستهلاك.
ولكن قد يعود القارئ فيعترض بقوله إن هذا المناخ المعتدل الذي يبعث الإنسان على النشاط الذهني، وتلك الخصوبة التي توفر للإنسان محصولا زائدا، قد يتوفران في كثير من بقاع أوروبا مثلا، فلماذا لم تظهر المدنية في تلك الربوع في بادئ أمرها؟ هنا يتقدم (بكل) في كتابه الذي ذكرناه في أول هذا المقال، بتعليل دقيق يدعو إلى الإعجاب وإطالة النظر فهو يرى أنه لابد للمدنية في مهدها من كثرة عدد السكان بحيث يكون التفاوت عظيما بين الطبقات، حتى تستطيع الطبقة الحاكمة أن تتمتع بكامل السلطان المطلق على أفراد الشعب، فلا ينازعونها في الاستيلاء على ثمرة مجهود غيرها، وزيادة السكان بما فيها من تفاوت الطبقات، ميسورة في الجهات الدافئة دون الشمالية الباردة وإليك البيان:
لا ريب في أن الإنسان يدور مع الطعام وجودا وعدما فبينما تراه يتكاتف ويزدحم في البقاع الخصيبة، ترى الصحراوات خرابا لا يكاد يعمرها أحد، وهكذا يتوقف عدد السكان كثرة وقلة، على درجة خصوبة الأرض، ذلك لأنه كلما كثر الطعام كان الحصول عليه ميسورا لكل إنسان، ومادامت غائلة الجوع مأمونة الجانب، فزيادة النسل تطرد إطراداً لا يحول دونه شيء، والعكس صحيح. أي كلما قل الطعام وعز مناله على الفقراء، تناقص السكان حتى يتكافأ عددهم مع ما تنتجه الأرض من محصول.
ولسنا بحاجة إلى ذكر ضرورة الطعام للكائن الحي لأدائه وظيفتين هامتين لا مندوحة عنهما لحفظ الحياة: فهو الذي يحفظ حرارة الجسم كما أنه يعوض ما يفنى من الأنسجة أثر القيام بالعمل، ولكنا نريد أن نرتب على ذلك نتيجة لها خطرها في موضوع بحثنا، فمن الحقائق المعروفة أن حرارة الجسم تتولد من اتحاد أكسجين الهواء الذي نتنفسه مع كربون الطعام الذي نأكله، فيولد هذا الاتحاد الحرارة اللازمة لحفظ كيان الإنسان، فلكي يحتفظ الجسم بحرارته، يجب أن يناسب بين أكسجين الهواء وكربون الطعام، أي يجب أن
يحصل من الطعام على مقدار يكون ما فيه من كربون متناسبا مع الأكسجين الذي يصل إليه عن طريق التنفس.
ولما كان الإنسان في الجهات الباردة يتنفس أكسجينا أكثر من زميله في الجهات الدافئة: أولا، لأن الهواء أكثف في الجهات الباردة فيكون مقدار الأكسجين في الشهقة الواحدة أكبر مما لو كان الهواء مخلخلا خفيفا. وثانيا، لأن الإنسان يتنفس في الجهات الباردة مرات أكثر عددا في كل فترة زمانية. فهذا التنفس السريع من الهواء يضاعف كمية الأكسجين التي تصل إلى الجسم في الجهات الباردة. والنتيجة اللازمة لذلك أن الإنسان في هذه الجهات يجب أن يمد جسمه بمقدار من الكربون في طعامه أكبر جدا مما يتطلبه زميله ساكن الجهات الحارة.
إذن فأهل الشمال بحاجة إلى لحوم الحيوانات المختلفة لما تحتوي عليه من الكربون الذي يتطلبونه في طعامهم، مع أن أهل الجنوب يكادون يقتصرون على النباتات وحدها. ومن الحقائق العجيبة التي تلفت النظر، أن كمية الحيوان أقل جداً من كمية النبات: ومعنى هذا أن أهل الشمال لا بد أن يبذلوا أضعاف المجهود الذي يبذله أهل الجهات الدافئة للحصول على طعامهم، ولا مندوحة من التعرض في سبيل ذلك إلى أشق الأخطار وأعنف الصعاب، حتى أن بعض الكتاب يعلل بذلك روح المخاطرة التي تميز الأخلاق الأوربية. وإذن فالنتيجة الطبيعية لقلة الطعام في الجهات الباردة دون الجهات الحارة، زيادة السكان في الثانية أعظم من الأولى. وزيادة السكان معناها كثرة الأيدي العاملة، وكلما كثرت هذه الأيدي قلت أجورها تبعا لقانون العرض والطلب. وقلة أجور الطبقة العاملة معناها أن تتجمع الثروة في أيد قليلة -هي الفئة القوية لأن توزيع الثروة توزيع للقوة- وهكذا تزداد هذه الطائفة ثراء على حساب أجور العمال. ثم يتسع هذا الفرق ويزيد حتى يتكون في الأمة طبقتان اجتماعيتان، بينهما فارق شاسع فسيح: طبقة الملوك والأشراف، والطبقة الفقيرة العاملة. وبديهي أن هذا الفرق الاجتماعي يكون في الجهات الدافئة أكثر منه في الجهات الباردة حيث السكان قليلون بسبب قلة الطعام، فتزداد أجورهم نوعا، وبذلك تقل الثروة التي تتجمع في أيدي الفئة القوية، وتضيق مسافة الخلف بين الطبقتين، ولعل هذا هو السبب في تمكن النزعة الاستبدادية في بلاد الشرق، ونماء الديمقراطية في ربوع الغرب. ويظهر مما سبق أن العاملين اللذين اشترطهما (بكل) لقيام المدنية يتوفران
فى الجهات الدافئة قبل الباردة.
يحسن أن ألخص هذا التفصيل في سلسلة منطقية يسهل استيعابها حتى لا تتشعب أطراف الموضوع، فيفقد القارئ الرابطة التي تصل بعضها ببعض:
زيادة السكان تتبع كثرة الطعام
ولما كان الطعام الضروري للحياة أكثر في الجهات الحارة منه في الجهات الباردة فقد ازداد عدد السكان في الجهات الحارة بنسبة أكبر من الجهات الباردة ولكن ازدياد السكان يؤدي إلى قلة الأجور.
ثم يؤدي هذا بدوره إلى ازدياد الثروة عند الطبقة القوية. إذن فالطبقة غير المنتجة تظهر في الجهات الحارة قبل ظهورها في الجهات الباردة. ولما كانت نشأة العلوم -أي المدنية- رهينة بوجود هذه الطبقة غير المنتجة التي تستطيع أن تتفرغ للتفكير
فالنتيجة المنطقية لكل هذه المقدمات هي أن المدنية تنشأ في الجهات الدافئة قبل نشأتها في الجهات الباردة، ولكنها إذا ما نشأت في هذه الجهات الأخيرة، كانت أقوى أساسا لما ذكرناه من أنها في تلك الجهات نتيجة لتأثير المناخ في الإنسان، في حين أنها في الجهات الدافئة نتيجة لتأثير المناخ في التربة، ولذلك نراها تسير نحو الجهات الباردة كلما ارتقت وازدادت قدمها رسوخا، ولو أنا تصفحنا التاريخ على عجل للاحظنا لأول وهلة أنها نشأت في مصر ( وهي منطقة دافئة ) ثم أخذت تسير نحو الجهات الباردة شيئا فشيئا، فقد انتقلت إلى الشرق الأدنى، ثم إلى اليونان، ثم إلى إيطاليا، ثم إلى أواسط أوروبا، وهي الآن رابضة في شمال غربي أوروبا، ويتنبأ بعض الكتاب بأنها ربما استقرت في اسكندناوه في مستقبل أيامها، وهناك من الدلائل ما يؤيد ذلك.
لقد شرحنا فيما سبق القواعد العامة التي تتحكم في قيام المدنيات، ورأينا إنها نتيجة منطقية لمقدمات طبيعية، وإنها لا تخبط خبط عشواء في سيرها. ويجمل بنا الآن أن نطبق تلك القواعد الشاملة على نشأة المدنية المصرية زيادة في الإيضاح
ذكرنا أن بواعث المدنية هى : (١) اعتدال الحرارة لأن الحرارة الشديدة تشل قوة التفكير (٢) خصب التربة وهذان الشرطان متوفران فى وادى النيل، فهو فى المنطقة البقية على صفحة (٢٣)
بقية المنشور على صفحة ١٦
المعتدلة الدافئة، وتربته غنية بما يحمله هذا النهر المقدس من طينة كأنها النضار
(٣) ولكنا اشترطنا أن تجود الأرض بأكثر من حاجة الاستهلاك، وهذا متوفر في مصر. فقد كان البلح والذرة هما النبات الرئيسي الذي تجود به أرض مصر جود الكريم، وبذلك يصبح تحصيل القوت ميسورا، وإذن فزيادة السكان نتيجة محتومة، إلى آخر ما يتبع ذلك من نتائج. وبعبارة واضحة، لعلها لا تدهش القارئ بعد التحليل الذي بسطناه، إن نبات الذرة في مصر هو السبب الأساسي الذي دفع المدنية المصرية إلى الظهور. ومما يؤيد هذه النتيجة أن المدنية المصرية نشأت أولاً في الوجه القبلي لأنه أصلح لإنبات الذرة، حتى يقال أن زراعته انتقلت منه إلى الوجه البحري في وقت متأخر، ولا يزال صعيد مصر يزخر بآثار تلك المدنية العظيمة التي تنهض دليلا على ذلك.
ومما يؤيد زيادة السكان، التي نتجت عن وفرة الطعام،
أيتها الذكرى جزيت من دمي أنت وإن نكأت جرحي بلسمي ما أنت؟ هل أنت كتاب دارس يهمس بين دفتيه هامس؟ أم طائف يهزج قيد مسمعي إذا خلوت بالبكا كان معي أم واعظ بالزفرات ينطق أم شبح بناظري معلق أم أنت في ليل الضمير ناعبه أم ثاكل بين الضلوع نادبه أغريت بي طيف الحبيب، مرحبا بمن أباح مهجتي وعذبا يزورني مع الكرى وفي السهد يا زائرا بالقلب والجفن انعقد أحببته لغرة مثل الضحى وطلعة لو شامها الصبح امحى ومقلة أهابها بين المقل ومبسم من مشرع الخلد نهل كأنه الوردة في ريعانها أو نعمة البائس في إبانها يشفي غليل المستهام إن ألم وربما داوى الشقي بالألم
