سَمِعْتُ مِنْ سُنْبُلَةِ القَمْحِ
أُنْشُودَةً تَبْكِي عَلَى السَّفْحِ
لاَ دَمْعُهَا دَمْعِي! وَلا نَوْحي
مِمَّا أذَابَتْ فِيهِ حُزْنَ الحُقُولْ
وَأَتْرَعَتْهُ مِنْ شُجُونِ الأَصِيلْ
فَغَابَ فِي أَوْتَارِها وَانْطَوَى
حَفِيفَ أحْلاَمِ بَوادِي الهَوَى
اسْتَلَّ نَارَ الشَّوْقِ مِنْ جُرْحى ... وَبَعْثَر الآهَاتِ فَوْقَ السُّهُولْ!
فَقُلْتُ: يَا مَخْضُوبَةَ الرَّأْسِ
بِذَائِبٍ مِنْ وَجْنَةِ الشَّمْسِ
يا خَمْرَةً مَخْبُولَةَ الكَأْسِ
دَارَتْ عَلَى الدُنْيَا بِعَذْبِ الرَّحِيقِْ
وَخَلَّفَتْ عَاصِرَهَا فِي الطَّرِيقْ!
عَلاَمَ تْبكيِنَ؟ أَلِلْبَاِئسِ. . .
غَارِسِكِ المُسْتَضْعَفِ التّاعِسِ؟
أَمْ قَدْ نَقَلْتِ الشَّجْوَ عَنْ نْفسِي ... وَشَجْوَهَا كالبَحْرِ طَامٍ عَمِيقْ!
قَالَتْ ولَمْ تَسْمَعْ صَدَىَ شِعْرِي:
إِنِي هُنَا عَرَافَّة الزَّهْرِ
أبْحَثُ في الكُثْبَان عَنْ سِرِّ
أَشْتَقْتُ بِهِ الفَلاحَ كَفُّ الغُيُوبْ
وَهَا أَنَا يَطْوِى حَيَاتِي المَشِيبْ
وَلَمْ أَزَلْ أَبْحَثُ عَنْ حِكْمَتِه!
عَلامَ بَاري الخُلْد في جَنَّتِهْ
يأتِي لَهَا عُريَانَ فِي الفَجْرِ ... وَيَرْتَدِي ألاكْفَانَ عِنْدَ المَغِيبْ

