لا يزال الذين يغارون على مستقبل الأدب العربي بجامعة فؤاد يبدون الأسف على ما أشيع من نقل الدكتور عبد الوهاب عزام بك من عمادة كلية الآداب إلى عمادة المفوضية المصرية في المملكة السعودية بعد أن خلا في الجامعة مكانا الأستاذين طه حسين بك وأحمد أمين بك، ويقولون أن نقل الأستاذ العميد من السلك الأدبي إلى السلك السياسي خسارة لدراسة الأدب وقيادته لا تعوض.
ولكن الذين يعرفون أن آل عزام من أولي العزم، وأن عزمهم لا يكاد يعدو الإسلام والعروبة، يعتقدون أنهم في كل وجهة وفي كل عمل إنما يجاهدون في سبيل الدين والأدب، ويذكرون على سبيل المثال أن من رأى الدكتور عزام أن ينشأ في الجزيرة العربية معهد لدراستها من النواحي التاريخية والأدبية والجغرافية والجيولوجية تشرف عليه الحكومة السعودية ويتولى العمل فيه بعثة من جامعة فؤاد الأول أو لجنة من جامعة الدول العربية يكون من أعضائها الجغرافي والمهندس والأديب والطبيب والنباتي والمؤرخ، فيزورون معالمها، ويرودون مجاهلها، ويضعون في ذلك الكتب المطولة والخرائط المفصلة التي تتمم ما بدأ به الأقدمون،
وتصحح ما أخطأ فيه المستشرقون، وتعين المواضع التي ذكرت في القرآن الكريم ووردت في السيرة النبوية والقصص والأشعار والأمثال، وتصف حيوان الجزيرة ونباتها ومعادنها وأحجارها على الأساليب العلمية الحديثة؛ فإن الجزيرة مهد العرب ومنشأ تاريخهم ولغتهم، ولا يزال الأدب العربي خارج الجزيرة يحمل ذكرى هذا الإقليم العظيم في الألفاظ والأخيلة والصور. فليس مما يزكو بالدول العربية اليوم أن تظل واقفة في علمها بالجزيرة عند ما كتب الهمداني في القرن الرابع، أو تصبح عالة على ما يكتب الأوربيون في العصر الحاضر. فإذا كان نقل الدكتور عزام من الأدب إلى السياسة، ومن مصر إلى الحجاز، سبيلاً إلى تنفيذ هذا الرأي، وتحقيق هذا الغرض، فإن العوض يكون أجل والمكسب يكون أعظم.
اطلعت على ما كتبه الأستاذ نقولا الحداد في العدد ٧٤٨ من الرسالة الغراء عن الفضاء والعدم. وفيه يقول إن هذا الحيز الذي نسميه فضاء لا بد أن يكون مشغولاً بمادة حتماً. وأنا أقول أنه لا يجوز لنا أن نبني أقوالنا في علم الطبيعة على الحتم هذا، فأن أجازه حضرة الكاتب فيجوز لي ولأي شخص آخر أن يقول إن قوانين الجاذبية الأرضية التي صاغها إيزاك نيوتن ناقصة حتماً ولا يجوز الأخذ بها كقوانين ثابتة في علم الطبيعة، إذ ربما كان هناك مكان على سطح الأرض تسقط فيه الأثقال من أسفل إلى أعلى، وليس في وسع الأستاذ نقولا أو أي عالم من علماء الطبيعة أن يقول إن مكاناً كهذا لا وجود له في مكان ما على سطح الأرض ما دام في الأرض بقاع لم يردها رائد للتثبيت من أن سقوط الأجسام يجري فيها طبق العادة ووفقاً لقوانين نيوتن.
فإذا وجد ذلك المكان أنهدم وانهار أثبت وارسخ ما قام عليه بناء العلم من قوانين.
ونسى الأستاذ أو أغفل ما قاله أنيشتاين في نظريته النسبية وبما أجرى الكثير من علماء الطبيعة من تجارب علمية تنكر ما يسمى بالأثير.
أما أنيشتاين فقد قال إن السرعة النسبية بين جسمين ماديين قد يكون لها أثر محسوس في الظواهر المشاهدة، أما السرعة المطلقة لجسم في الأثير الراكد فلا أثر لها في المشاهدات ولا وسيلة لقياسها، وإذن فلا يجوز لنا أن نفترض وجود مكان مطلق إذا كانت كل الوسائل التي نملكها عاجزة عن قياس سرعتنا في هذا المكان. ولا معنى للقول بوجود أثير راكد إذا كنا لا نستطيع تحديد مقدار حركتنا في هذا الأثير ولا اتجاهها. وعليه يجب أن نعدل عن فرض وجود هذا الأثير المكاني وأن تقول بنسبية المكان.
وثبوت سرعة الضوء حسب (تجربة ميكلش ومورلي) مبدأ أساس في نظرية النسبية وهو قانون من قوانين الطبيعة وهو طبقاً لمبدأ النسبية مستقل عن الزمان وعن المكان وعن الحركة؛ وعلى ذلك فسرعة الضوء يجب أن تكون مستقلة عنها جميعاً.
