الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 461الرجوع إلى "الرسالة"

آفة أدبية فأين أطباؤها؟

Share

أحسن الأستاذ الفاضل طه الراوي في إزالة ذلك الوهم الشائع  من نسبة موشَّحة مشهورة إلى ابن المعتز؛ في حين أنها من آثار

أحد شعراء الأندلسيين. . . ومثل هذا الوهم كثير الورود في  الأدب العربي، ولقد تغاضى عنه الرواة، واستساغه الأدباء  على مختلف العصور، حتى اصبح آفة لا مخلص للأدب منها؛  وهي آفة تفرّد بها أدبنا العربي دون آداب الأمم جميعاً؛ ولم تمنعها

شهرة بعض شعرائنا وجريان قولهم على الألسنة من أن تحرمهم  ثمار بعض هذه الآثار التي كفلت لأسمائهم الخلود. فهذا أبو تمام يصف الخمر في إحدى مدائحه بقوله: يخفي الزجاجةَ لونُها فكأنها ... في الكف قائمة بغير إناء ولها نسيم كالرياض تنفستْ ... في أوجُه الأرواح بالأنداء .  . . ثم نجد البيتين بنصهما في قصيدة للبحتري؛ فما ندري أنلوم الشاعر على تجرِّيه أم نلوم جامع ديوانه قَّلة تحرِّية. . .  والأبيات المشهورة التي أولها: قالوا: هجرتَ الشعر قلت: ضرورة

... باب البواعث والدواعي مغْلقُ .  . . ينسبها أدبائنا الأفاضل جامعو   (المنتخب)  إلى أبى المظفر محمد بن أحمد الأبيوردي؛ في حين يُوردها البستاني في دائرة  معارفه منسوبةً إلى أبى اسحق الغّزي الأشهبي. وقد مات أول  الرجلين عام ٥٥٧هـ والثاني عام ٥٢٤؛ وكلاهما عاش في خراسان، مما قد يشير إلى مصدر هذا الالتباس في آثارهما. وأعجب من هذا أن قصيدة واحدة يدعيها أكثر من أربعين  شاعراً، وهي النونية التي مطلعها: صاح في العاشقين يا   (لكنانهْ)  ... رشأٌ في الجفون منه كنانه

هذه أمثلة لدينا عشرات منها، وقد يتجمع لدى بعض  الأدباء منها مئات ومئات؛ أفليس من الواجب تطهير الأدب  من كل هذا، حتى تستقيم طرائفه، وتتضح معالمه، وتزول عنه  آخر سمة من سمات الفوضى والاضطراب؟ نحن أحوج ما نكون إلى هيئة أدبية تشرف على هذا العمل،  لأنه مما لا يجتزأ فيه بجهود الأفراد، أو يكتفي في مثله بإشارات الأدباء وتلميحات المتأدبين.

(جرجا)

اشترك في نشرتنا البريدية