للأستاذ محمود مصطفى أستاذ الأدب العربي بكلية اللغة العربية كتب في الأدب يفرض تدريسها على الطلاب. من هذه الكتب كتابه في (الأدب العربي وتاريخه، في عصري صدر الإسلام والدولة الأموية) ، وقد تصفحنا هذا الكتاب فعثرنا فيه على أخطاء نحب أن نلفت إليها أستاذنا الجليل ليتلافاها في الطبعة المقبلة، كما نحب أن نلفت إليها زملائنا الطلاب وجلهم بحمد الله من المشتركين بمجلة الرسالة الغراء.
يقول المؤلف في ص٣٥ (وقوله - يريد النبي صلى الله عليه وسلم - لأبي تميمة الجهيمي: (إياك والمخيلة) فقال يا رسول الله نحن قوم عرب فما المخيلة؟ فقال عليه السلام: سبل الإزار)
والصحيح أن النبي قال هذا لجابر بن سليم الجهيمي، لأن تميمة تابعي وليس بصاحبي حتى يخاطب.
ويقول المؤلف في ص١٢٧ مفسراً بيت حسان:
كلتاهما حلب العصير فعاطني بزجاجة أرخاهما للمِفصَل
(كلتاهما: كلا الماء والخمر. والمعنى في البيت أن الماء والخمر ناتجان عن عصر شيء؛ فالماء عن عصر السحاب، والخمر عن عصر العنب). . . وهذا التفسير خطأ (أولاً) لآن (كلتاهما) للمثنى المؤنث والماء مذكر والمعروف تغليب المذكر على المؤنث (ثانياً) لأنه قال (أرخاهما) للمفصل وأرخى أفعل تفضيل يقتضي المشاركة مع أن الماء لا إرخاء فيه أصلاً. (ثالثاً) لأنه قال كلتاهما حلب العصير والعصير إذا أطلق انصرف إلى عصير العنب. . . والصحيح: كلتاهما التي قتلت والتي لم تقتل في البيت الذي قبله وهو:
إن التي ناولتني فردتها فُتِلَت قتلْتَ فهاتها لم تقتل
وهكذا روى الأغاني وخزانة الأدب وشرح ابن هشام لبانت سعاد
ويقول المؤلف في ص١٧٥: (. . . فقد قيل: أن عمرو ابن العاص لما رأي مكتبة الإسكندرية أرسل بخبرها إلى عمر. فقال له: إن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه
غنى وإن كان فيها يخالفه فلا حاجة اليه، فتقدم بإعدامها: فأحرقها عمر) ، وهذا كلام يكذبه المؤرخون. . . ويعتمدون على أن إحراقها كان قبل الفتح. . .
ويقول المؤلف في ص١٧٨: (فقد ذكروا أن عبد الله بن المقفع اعترف بأنه دس على المسلمين أربعة آلاف حديث) . . . والصحيح أنه لم يكن محدثاً، ولم يقل أحد عنه ذلك، ولم يرو حديثاً واحداً لا صادقاً ولا كاذباً.
ويقول المؤلف في ص١٨٢: (عمران ابن حطان السدوسي شاعر فصيح من الشراة، وكان في آخر أيامه من القعدة. . . لأن عمره طال فضعف عن القتال، فكان يدعو بلسانه)
وهذا التعليل نقله المؤلف عن جورج زيدان وهو خطأ. . . ولم يكن عمران في آخر أيامه من القعدة كما ذكر. القعدة فرقة من الخوارج كانوا يرون التحكيم بين علي ومعاوية، ولكنهم قعدوا فلم يقاتلوا. . .
ويقول المؤلف في ص٣٠٨ مترجماً لجرير: (ولد باليمامة سنة ٤٢هـ في خلافة عثمان) ، وهذا خطأ، لأن عثمان توفي سنة ٣٥هـ
ويقول المؤلف في ص٣٠٩: (وما زال جرير بالبادية حتى قال الشعر. ثم قدم الشام على يزيد بن معاوية وهو ولي العهد، ومدحه بقصيدة منها:
وإني لعفُّ الفقر مشترَكُ الغنى
سريع إذا لم أرض داري انتقاليا. . . الخ
والصواب أن هذه القصيدة قالها جرير يرد بها على الفرزدق قصيدة على وزنها ورويها وهما معاً في النقائض، وليس فيها بيت واحد في مدح يزيد. . . والصواب أيضاً أن جريراً لم يقدم على يزيد بالشام إلا وهو خليقة. . .)
وبعد، فنحن نقدر الأستاذ محمود مصطفى ونجله، ونعتقد أنه من الأساتذة العاملين في كلية اللغة العربية، وما قصدنا بهذه التصحيحات إلا خدمة الأدب، وخدمة الكتاب، وخدمة الطلاب الذين سيمتحنون فيه آخر العام.
