فى تأبين أريب
أقام نادى بلدية الاسكندرية يوم الاثنين الماضى حفلة رائعة تأبينا لفقيد الأدب المرحوم فليكس فارس ، اشترك فيها فريق من أدباء الإسكندرية بخطبهم وقصائدهم . وشادوا بما كان للفقيد الكريم من فضل على الأدب العربى . وكان من أوضح مظاهر هذه الحفلة تلك الرابطة القوية بين الأدباء فى الإسكندرية ، وذلك الشعور الفياض بالخسارة التى لحقت أندية الأدب ، فى الإسكندرية خاصة ، بفقد عضو عامل كالمرحوم الأستاذ فيلكس فارس .
هافلوك اليس والمشكلة الجنسية
مات منذ عدة أسابيع هافلوك إليس أعظم علماء الانجليز الذين عنوا بالمشكلة الجنسية .
وتعد حياة إليس مثالا من أمثلة التطور الفكرى النادرة ، فقد انصرف أول امره إلى الطب ونال شهادته كطبيب ، ولكنه مال بعد تخرجه إلى الأدب والشعر ، فكتب كثيرا من القصائد والقصص ، ثم اتجه إلى الفلسفة فأنتج فيها إنتاجا وافرا ، ثم انقطع بعد ذلك إلى
المشكلة الجنسية ، فسلخ خمسة عشر عاما من عمره وضع فيها كتابه الضخم عن دراساته فى الغريزة الجنسية ، وهو يحوى اثنى عشر مجلدا ، عالج فيها كل ما يتصل بالغريرة الجنسية . وكان من أطرف ما كتبه المقدمة التى قدم بها
لكتابه هذا ، والتى أوضح فيها غرضه من وضع هذا الكتاب ، وقد بدأها بقوله : (( لقد ووجهت منذ شبابى - كأى شاب - بالمشكلة الجنسية ، فلما أتيح لى أن أقضي ردحا من الزمن فى إحدى مدن استراليا ، اتسع أمامى الوقت للتفكير والتأمل ، وقد نما فى نتيجة لهذا التأمل إيمان قوى بأن جزءا رئيسيا من حياتى العملية يجب ان يكرس لجلاء الغامض من مشكلة الغريزة الجنسية )) .
وقد لاقى هافلوك إليس أول الأمر من العنت والاضطهاد لما يبديه من آراء في هذه المشكلة ما لاقى ، ولكنه لم ينئن عن مواصلة أبحاثه ودراساته ، فلم تمض سنوات من أوائل القرن العشرين حتى انقلب الاضطهاد اهتماما وعناية ، وإن كانت أعماله وآراؤه لم تقابل بالارتياح التام إلا بعد نهاية الحرب العظمى ، حيث وضع بجدارة فى مكانه الذى غادر العالم وهو متمتع به كعالم من أعظم علماء القرن العشرين والتاسع عشر على حد سواء .
أقدم شعر فى التاريخ
قد يظن القارئ أول وهلة أن أقدم شعر عرفته الإنسانية هو الشعر الهندى فى أثريه المعروفين الرامايانا والمهامهارنا ، و كذلك الشعر الهوميري ، لأن كليهما يعود تاريخه إلى ما لا يقل عن عشرة قرون قبل الميلاد .
ولكن الأستاذ جورج كونتنو أمين القسم الشرق بمتحف اللوفر ، بمجموعة الأشعار التى قدمها أخيرا مترجمة عن البابلية تحت اسم (( ملحمة جلجاميش )) (١)، يؤكد أن هذه المجموعة هى أقدم شعر عرفته الإنسانية ، لأن تاريخها
يرجع إلى ما قبل التاريخ المعروف . وهذه المجموعة عبارة عن ملحمة شعرية نقص نبأ حياة جلجاميش بطل القصة وكيف أنه مركب من جزء من الإنسان وجزأين من الآلهة ، على عكس خصمه انكيدو المركب من طبيعة حيوانية صرفة . وتفيض الملحمة بعد ذلك فى وصف بطولة جلجاميش وكيف أنه قاد انكيدو الركب من طبيعة حيوانية إلى أرض خصبة واكسبه صفات إنسانية ، ولكنهما بعد ذلك اختلفا وتخاصما ونشبت بينهما معركة تشبه فى كثير المبارزات الى وصفتها الإلياذه والمهامهارنا . ولكنهما خرجا أخيرا من هذه المعركة صديقين لا ينفصلان .
وهكذا تمضى القصة فى سرد أنباء جلجاميش سليل الآلهة وانكيدو ممثل الحيوانية ، حتى يموت انكيدو ويحزن عليه جلجاميش ويصرف وقتا باحثا عنه ومتحريا عن حقيقة الموت دون جدوى .
وقد صدرت هذه الملحمة بالفرنسية منذ أسابيع قلائل مقدمة يبحث طريف عن تاريخ العصر الذى نصفه بقلم المسيو كونتنو مترجمها .
طراز حديث للمكاتب
ثم أخيرا بناء أحدث مكتبة فى العالم فى ليسستر بإنجلترا ، وقد راعى القائمون ببنائها أن تسهل لروادها الاتصال بالكتب مباشرة دون الحاجة إلى الفهارس ، بأن حملوا الرفوف التى توضع فيها الكتب فى ممرات واسعة يستطيع أن يسير فيها المطالعون كل فى القسم الذي يود أن يبحث فيه ، وجعلت اماكن المطالعة فى مواجهة هذه الرفوف ، وأنشئت فيها قاعة للمحاضرات تسع مالى مستمع ، وصنع لها نظام خاص يحمل منها جامعة صغيرة لمختلف أنواع الدراسات .
وقد جهزت هذه المكتبة بعشرة آلاف مجلد للاستعارة ، وحوت حوالى أربعة آلاف مجلد من الكتب النادرة المطالعة الداخلية .
ويرى القارئ صورة للمنظر الخارجى لهذه المكتبة يتبين منه مدى الاناقة التى روعيت فى إنشائها .
فى عالم الرياضة
بالرغم من الأصوات التى تتجاوب فى العالم عن توقع حدوث حرب عالمية ، فان العمل يجرى بنشاط فى هاستجنور عاصمة فنلندا ، استعدادا للدورة الأولمبية لعام ١٩٤٠ ، وذلك بعد أن رفضت الاتحادات الرياضية إرسال مندوبيها لليابان احتجاجا على غزوها للصين .
ومن أطرف ما يروي أن رجلين من بولندا شرعا فى عام سنة ١٩٣٧ فى السير على اقدامهما من بولندا إلى طوكيو حيث تقرر أن تقام دورة عام ١٩٤٠ ، فلما عدل عن إقامتها
فى اليابان وصدر قرار اللجنة الأولمبية باقامتها فى فنلندا كانا قد وصلا إلى أفغانستان ، فشرعا فى العودة ثانيا بعد أن قطعا كل هذه المسافة .
وتعتبر الألعاب الأولمبية من أقدم التقاليد الرياضية الباقية ، فقد كانت تقام فى بلاد اليونان في أولمبيا ، وظلت كذلك خلال اثنى عشر قرنا ، حتى منعها أحد الحكام المسيحيين (( تبودسيوس )) حوالى عام ٣٨٩ م .
وظلت ممنوعة حتى أعيدت إقامتها عام ١٨٩٦ . وظلت منذ ذلك التاريخ إلى اليوم تقام كل أربع سنوات فى بلد من بلدان العالم ؛ فأقيمت على التوالى فى باريس ، وسانت لويس ، وستو كهلم ، وانتورب ، وامستردام ، ولوس انجيلوس ، وبرلين ، وقد كانت الدورة الأخيرة فى برلين أعظم مهرجان رياضى شهده العالم إلى اليوم .

