الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 451الرجوع إلى "الثقافة"

أنباء واراء

Share

شئ عن نفسك !

قدم أعرابي إلى عتبة بن أبي سفيان بظلامة له ، وكان رث الهيئة ، وكأنه هان في عين عتبة فقال له : إني اراك اعرابيا جافيا ، والله ما احسبك تدري كم تصلي في كل يوم وليلة ؟ فقال له الأعرابي : أرأيت إن أنبأنك ذلك اتجعل لي عليك مسألة ؟ قال : نعم . قال الأعرابي :

إن الصلاة أربع وأربع ثم ثلاث بعدهن اربع

ثم صلاة الفجر لا تضيع

فقال عتبة : صدقت ، فاسأل ! فقال : كم فقار ظهرك؟ فقال : لا أدرى ! فقال : أفتحكم بين الناس وأنت تجهل  هذا من نفسك !

وأنت - أرشدك الله - لو كنت مكان عتبة فهل يسعك أن تجيب إلا بمثل ما اجاب به بالنفي ، إلا إن كنت ذا علم بالطب وتجربة . وأما أنا فوالله لأخبرتك بشىء عن نفسك وقمت عليه فيه عجب وطرافة .

علو كنت رجلا عاديا قد بلغت الرابعة والخمسين من عمرك كنت قد انفقت ثمانية عشر عاما وسبعة أشهر نوما ! وخمسة عشر عاما وخمسة أشهر عملا وكذا ! وثمانية أعوام بين لهو وعبادة ؟ وخمسة أعوام قد قضيتها في أكلك وشربك ! وخمسة اعوام اخرى تضرب فيها في الأرض سعيا على قدميك ! وعامين في لبسك ثوبك وفي خلعه !

فهذا على الجملة . وأما انت في اليوم الواحد فيضرب فليك ١٠٣،٣٨٩ ضربة ويجري دمك في مسالكه ١٦٨ مليون ميل ! وانت تنفس ٢٣,٠٤٠ مرة ! ومقدار حجم الهواء جميعا

الذي يملأ فراغ صدرك فيها ٤٣٨ قدما مكعبة ! وتأكل في المتوسط ثلاثة أرطال وربع رطل من الطعام ! وتشرب رطلين وتسعة أعشار رطل من السائل . وتكون قد كلمت ٤.٨٠٠ كلمة ! وحركت ليومك ٧٥٠ عضلة رئيسية ! ونما ظفرك بمقدار ٠.٠٠٠٠٤٦ من البوصة ! وكذلك شعرك بمقدار ٠.٠١٧١٤ من البوصة ! ولقد أكددت من عقلك ٧.٠٠٠.٠٠٠ خلية !

وانت بعد ذلك الجرم الصغير من العالم الكبير

الفقر!

أتى رجل إلى علي بن سليمان فقال له : بالذي أسبغ عليك هذه النعم من غير شفيع كان لك إليه إلا تفضلا منه عليك - إلا انصفنى من خصمي وأخذت الحق منه ، فإنه ظلوم عشوم لا يستحي من كبير ولا يلتفت إلى صغير ! فقال له على : أعلمني من هو ؟ فإن ينصفك وإلا أخذت الذي فيه عيناه ؟ من هو ؟ فقال : الفقر

فأطرق على إلى الأرض عليا ينكت الأرض بأصبعه ثم رفع رأسه فأمر له بعشرة آلاف دينار . فأخذها ومضى . فلما سار خارجا قال : ردوه فلما مثل بين يديه قال : ياذا الرجل . سألتك بالله مني أتاك خصمك متعسفا إلا أتيت إلينا متطلعا !

اشترك في نشرتنا البريدية