الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 902الرجوع إلى "الرسالة"

أنقد هذا أم حقد؟

Share

رجعت إلى قراءة ما كتبه صاحب الرسالة في النقد ومنه قوله (كاد الأدباء الناشئون في مصر ينصرفون عن الإنشاء إلى النقد. وأريد بالنقد هنا معناه العامي أو مدلوله الأعم، فإن النقد المنطقي بمعناه الأخص إنما هو ملكة فنية أصلية، وتربية أدبية طويلة، وثقافة علمية شاملة)  إلى أن قال   (وهذا الذي تقرأه في الصحف العربية من حين إلى حين لا يدخل في هذا الباب إلا كما يدخل المجنون في نطاق الجد، أو العبث في سياق المنطق، كالرجل يقعد به العجز عن اللحاق بالقادرين فيقف نفسه موقف القائد الحصيف يلمز هذا ويتندر على ذاك. . .  . . .)

لهذا عجبت عندما رأيت الرسالة تجيز نشر الكلمة التي وقعها المعداوي والتي شاء له فيها أدبه الرفيع أن يقول (إن أم كلثوم غنت لشوقي العظيم المشهور فلم نضف إليه مجداً فوق مجده؛ وغنت

إصطفى عبد الرحمن الشاعر المغمور فلم تستطع أن تنتشله من مهاوي الخمول أو زوايا العدم، ولو غنت له ألف مرة لبقي كما كان) إلي أن قال لافض فوه (ولكنها تنسى شعر علي محمود طه مثلا لتصدح بشعر مصطفى عبد الرحمن! ماذا أقول في هذا الذوق الهابط. . . سواء أكان منسوبا إليها أم كان منسوبا إلى مستشارها الفني أحمد رامي. . .؟

وأحب أن يعرف الناس أن أم كلثوم أديبة صاحبة ذوق سليم تختار لنفسها ما تتغنى به دون الرجوع إلى أحد.

وقصة قصيدتي التي غنتها هي أنني تقدمت بها إلى محطة الإذاعة فلما استمع إليها صديقي الأستاذ محمد عبد الوهاب طلب في إلحاح أن أتصل بالأستاذ محمد بك فتحي مدير الإذاعة وقتئذ ليغنيها هو، فلما اتصلت بفتحي بك قال إنها لدى الآنسة أم كلثوم إذ أن الأستاذ علي بك خليل المراقب العام للإذاعة أعجب بها فقدمها إليها فطلبت من فتحي بك أن تتعرف إلي فأعتذر بلباقة لأن الإذاعة أرسلت مع قصيدتي قصيدة أخرى في نفس الموضوع لشاعر كبير لتختار هي

ما يحلو لها وكان أن اختارت قصيدتي:

أيقظي يا طير نعسان الورود   تنهل قداح من خمر الندى

وترى في بسمة الفجر الجديد   مولداً باليمن والسعد بدا

أشرقت آمال مصر في سناه

ومشت للمجد في نور اليقين

حقق الفاروق للنيل مناه

في ظلال اليمن والعز المكين

وبنى للشعب أسباب الحياة

ورعى الآمال فياض اليمين

فهل قرأ المعداوي هذه القصيدة ليرى فيها هذا الرأي أم سمع أن أم كلثوم غنت لمصطفى عبد الرحمن فغص حلقه. ثم هل عرف أن الرسالة عرفتني قبل أن تعرفه ونشرت لي قبل أن تنشر له.

أما رامي فهو الذي نقل شعر الغناء المصري من (أرخى الناموسية وأحبكها وشبكها بمتين دبوس وأعض وابوس) إلى

كيف مرت على هواك القلوب   فتحيرت من يكون الحبيب

وأخيراً أحب أن أهمس في أذن المعداوي ببيت لشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي.

ملئوا صدور الصحف حقدا   والحقد قد سموه نقدا

   رحم الله الزهاوي              وهدى المعداوي

اشترك في نشرتنا البريدية