كيخاتو بن أبا قا خان بن هلاكو خامس ملوك المغول المسمين ايلخانية كان كما يقول مؤلف (حبيب السيرَ) أسخى بنى هلاكو: كان يفيض جودا فى موائده، ولا يقف به حد فى الاسراف واللهو .
وقد اختار لوزاراته صدر الدين الزنجانى المعروف بصدر جهان : ولم يكن الوزير مخالفا مولاه فى التبذير . فخلت الخزائن واشتدت الحاجة الى المال، وضاق بالملك الأمر، فبدا للوزير أن يأخذ عن أهل الصين سُنَّة كانت معروفة عندهم فى ذلك العصر: هى التعامل بأوراق تغنى غناء الحجرين الكريمين أو المعدنين النفيسين: الذهب والفضة. وليس الفرق بين الورَق والورِق ذا خطر.
أمر الوزير بطبع أوراق للتعامل سميت (جاو) وأنشأ فى كل ناحية دارا لطبع الأوراق سميت (جاو خانة) وشرع قانونا يحتم على الناس الاقلال من تداول الذهب والفضة جهد الطاقة
وكانت الأوراق كما وصفها رشيد الدين الشيرازى فى تاريخه المعروف بتاريخ (وصّاف) والمؤرخون المعاصرون على هذا الشكل:
ورقة مستطيلة عليها كلمات صينية، وفوقها باللغة العربية كلمة الاسلام: (لا اله الا الله محمد رسول الله) اتباعا للمألوف فى المسكوكات الاسلامية. وتحت هذا اسم الكاتب ودائرة كتب فيها قيمة الورقة. وكانت القيمة تختلف من نصف درهم الى عشرة دنانير. ومما كتب على هذه الأوراق هذه الكلمات الهائلة: (أصدر ملك العالم هذه الجاو المباركة سنة ٦٩٣هـ، فمن غيرها أو محاها يقتل هو وزوجه وأولاده ويصادر ماله)
وأرسلت الى المدن منشورات تبين فوائد التعامل بهذه الأوراق، وتبشر الناس أن الفقر والبؤس سيزولان لا محالة ان دام التعامل بها. ومما جاء فى هذه المنشورات هذا البيت:
جاو أكردر جهان روان كردد رونق ملك جاودان كردد وترجمته: (اذا راجت فى العالم الجاو دام رونق الملك أبدا)
ومما جاء فى قانون هذه الأوراق أن الورقة التى تمزق أو تبلى ترد الى الجاوخانه ويعطى صاحبها ورقة أخرى تنقص عنها عشر القيمة.
ثار الناس على هذه الأوراق، فيروى أنه جُعل موعد تداولها فى مدينة تبريز شهر ذى القعدة ٦٩٣هـ، فلما جاء الموعد أقفلت الحوانيت ثلاثة أيام ووقفت الأعمال وأبى الناس أن يقبلوا الجاو المباركة.
وكان أعظم رجال الدولة نصيبا من سخط الناس وبغضهم عز الدين المظفر الذى وكل اليه اخراج الأوراق والقيام عليها.
ومما قيل فيه: تو عز دينى وظل جهانى جهانر اهستئ تو نيست درخور أزان كبر ومسلمان ويهودى بس أز توحيد حق واللهه أكبر همى خوانندأز روى تضرع بنزد حضرت داراى داور خدايا بر مراد خويش هركَز مبادا درجهان يكدم مظفر وترجمتها:
" أنت عز الدين وظل العالم ، ولكن بقاءك شر على العالم ، ومن أجل ذلك ترى المسلمين واليهود والمجوس بعد توحيد الله وتكبيره يتضرعون الى الحكم العدل: ربنا لا تجعله ساعة واحدة مظفرا بمراده "
انتشرت الثورة فى مدن كثيرة حتى ذهب كبراء المغول الى السلطان كيخانو فكلموه فى أمر هذه الأوراق البغيضة حتى رضى بالغائها.
