الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 536الرجوع إلى "الرسالة"

أوراق متساقطة من (قصة الأدب)

Share

قرأت في كتاب  (قصة الأدب)  للأستاذين أحمد أمين  وزكي نجيب محمود ما يأتي:

(. . . ولئن كان المصريون الأولون ينقشون آثارهم على  جلاميد الصخر، فقد كانت بابل تكتب آثارها على ألواح من  الطفل وهي أيسر حملاً وأخف ثقلاً)

فإن كان ذلك حقاً فمن العجيب ألا نجد للبابليين أدباً  أو شبه أدب

والجواب، كما ذكره الأستاذان: (أنه لم يحدث ذلك لأن  القراءة الشعبية لم يكن لها وجود، ولم يكن يعرف القراءة  والكتابة إلا نفر قليل من القساوسة والنساخ، وكانت الكتابة  مقصورة على موضوعات الدين وأعمال الملوك)

وهل اقتصرت الكتابة حقيقة على موضوعات الدين وأعمال  الملوك؟ فأين ذهبت ملحمة كلكاميش إذن؟

أنا ما كنت أعرف عن هذه الملحمة شيئاً إلى أن قرأت عنها  في مجلة (الثقافة) في العدد الثالث والثلاثين، السنة الأولى،  تحت عنوان: (أقدم شعر في التاريخ)  ما يأتي بنصه:

( قد يظن القارئ أول وهلة أن أقدم شعر عرفته الإنسانية  هو الشعر الهندي في أثرية المعروفين (الرامايانا) و (المهابهارتا)   وكذلك الشعر الهوميري لأن كليهما يعود تاريخه إلى ما لا يقل

عن عشرة قرون قبل الميلاد، ولكن الأستاذ جورج  كونتنو أمين القسم الشرقي بمتحف اللوفر، بمجموعة  الأشعار التي قدمها أخيراً مترجمة عن البابلية تحت اسم    (ملحمة جلجاميش) (١) يؤكد أن هذه المجموعة هي أقدم

شعر عرفته الإنسانية لأن تاريخها يرجع إلى ما قبل التاريخ المعروف)

(( وهذه المجموعة عبارة عن ملحمة شعرية تقص نبأ حياة  جلجاميش بطل القصة، وكيف أنه مركب من جزء من الإنسان  وجزأين من الآلهة على عكس خصمه انكيدو المركب من طبيعة  حيوانية صرفه. وتفيض الملحمة بعد ذلك في وصف بطولة  جلجاميش، وكيف أنه قاد أنكيدو المركب من طبيعة حيوانية  إلى أرض خصبة وأكسبه صفات إنسانية، ولكنهما  بعد ذلك اختلفا وتخاصما ونشبت بينهما معركة تشبه في كثير  المبارزات التي وصفتها الإلياذة والمهابهارتا. ولكنهما خرجا أخيراً  من هذه المعركة صديقين لا ينفصلان)

(( وهكذا تمضي القصة في سرد أنباء جلجاميش سليل الآلهة  وأنكيدو ممثل الحيوانية حتى يموت أنكيدو، ويحزن عليه  جلجاميش، ويصرف وقتاً باحثاً عنه، ومتحريا عن حقيقة  الموت دون جدوى))

(( وقد صدرت هذه الملحمة بالفرنسية منذ أسابيع قلائل  مقدمة ببحث طريف عن تاريخ العصر الذي تصفه بقلم المسيو  كونتنو مترجمها) لقد قرأت كل هذا في مجلة (الثقافة) ، وكلنا يعرف

أنها للأستاذ أحمد أمين. . . فهل سها الأستاذ عن مثل هذه الملحمة  عندما جاء مع الأستاذ زكي نجيب محمود يصنف الأدب القديم؟  وهل يسهو اثنان؟!

وهل اكتفى الأدب البابلي بهذه الملحمة؟ إن كان ذلك حقاً  فأين ذهبت (أسطورة تميوز وعشتار) (١) و(ترنيمة عشتار)(٢) ؟

ولا أحسب المراجع قد أعوزت الأستاذين، فإن كان ذلك  فهناك كتب عدة أحسب أن أجدرها بالذكر: (الأساطير  البابلية والآشورية للأستاذ دي. أي. مكنري) (٣) وملحمة    (كلكاميش) الآنفة الذكر

(بغداد)

اشترك في نشرتنا البريدية