الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 977الرجوع إلى "الرسالة"

إلى أخي الأستاذ رجب البيومي

Share

السلام عليكم ورحمة الله وبعد، فإنني لم أرد أن ادخل بينك وبين  الأستاذ شاكر فيما شجر بينكما من خلاف، حتى ينتهي إلى  غايته كما ينتهي. . ذلك إنني كنت حريصاً على ان ادعك  ورأيك، وإلا أبدأ تعافي بك في زحمة الجدل. وان أظن أخونا  شاكر إن بيننا صحبة وثيقة هي التي تدفعك إلى رد تهجمه أو  تقحمه، حتى لقد أنذرنا معاً عداوة يوم القيامة:   (الإخلاء  يومئذ بعضهم لبعض عدو) ، لان مألوف الناس قد جرى  في هذا الزمن الصغير، على إن الحق وحده، أو الرأي وحده،  لا يكفي لان يدفع كاتباً فيكتب، دون هوى من صداقة أو علاقة!

ولو كانت معرفة بيننا سابقة، ولو استشرتني قبل أن تدخل  مع صاحبنا في جدل؛ حول ما أثاره من صخب، وما نفضه من  غبار، لأشرت عليك إلا تدخل، ولآثرت لك ما آثرته لنفسي  من إغفال وإغضاء. . ذلك إنني لم استثمر في هذا الضخب  الصاخب أثراً منصفاء نية ولا رغبة في تجلية حقيقية. ولو  استثمرت شيئاً من هذا ما تركت صاحبي دون أن أجيبه -  على الأقل من باب الأدب واللياقة - ولكنني اطلعت على  أشياء، ما كان يسرني والله أن اطلع عليها في نفس رجل ربطتني  به مودة أصفيتها له في نفسي، بعد ما كان بيننا من جدل قديم  يعرفه قراء الرسالة عام ١٩٣٨، وما أزال أرجو أن أكون مخطئاً  فيما أحسست به، وان تبقى لي عقيدتي في ضمائر الناس، وفي الخير  الذي تحتويه فطرتهم.

ولو كانت الحقائق هي المقصودة، لما احتاج الكاتب الفاضل  إلى استطاع مثل هذا الأسلوب الصاخب المقرقع؛ ولما لجأ منذ  مقاله الأول في   (المسلمون)  إلى الشتم والسب والاتهام بسوء النية  وسوء الخلق والنفاق والافتراء والسفاهة والرهونة. . إلى آخر  ما خاضه - ويغفر الله له فيه - فدون هذا وتعالج أمور النقد  العلمي، وبغير هذا الأسلوب يمكن تمحيص الحقائق.

إنه لا معاوية، ولا يزيد، ولا أحد من ملوك بني أمية قد  اغتصب مال آبي أو جدي، أو قدم إلى شخصي مساءة ولا إلى  أحد من عشيرتي الأقربين أو الأبعدين. . فإذا أنا سلكت في

بيان خطة معاوية في سياسة الحكم وسياسة المال، وخطة الملوك  من بعده (فيما عدا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه)  مسلكاً غير الذي سلكته ف بيان خطة أبي بكر وعمر وعلي  رضوان الله عليهم جميعاً - فليس أول ما يتبادر إلى الذهن  المستقيم، والنية السليمة، ان ما بي هو سب صحابة الرسول  - صلى الله عليه وآله وسلم - لا عن خطأ ولكن عن رغبة قاصدة  في إفساد الإسلام، وسوء نية في تدنيس المسلمين!!!

وكتاب العدالة الاجتماعية مطبوع متداول منذ أربع  سنوات، وطبعته الثالثة في المطبعة، والصخب حوله الآن  فقط، قد يشي بشيء لا إرضاء للصديق. وقد قراه الناس في  إنحاء العالم الاسلامي، فلم يستشر من موضوعه ولا من  سياقة، إن النية السيئة المبيتة لهذا الإسلام وأهله هي التي تعمر  سطوره!

إنما أحس الألوف الذين قرءوه - أو على الأقل المئات الذين  ابدوا رأيهم فيه - ان كل ما كان يعنيني هو إن أبرئ الإسلام  من تهمة يلصقها به أعداؤه، وشبهة تحيك في نفوس اصدثائه اذ يحسبون أن سياسة بني أمية في الحكم وسياستهم في المال،  تحسب على الإسلام، والإسلام برئ من هذا الاتهام.

روى سعيد بن جمهان عن سفينة - مولى رسول الله صلى  الله عليه وآله وسلم - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:  الخلفة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك. ثم قال سفينة:  امسك خلافة أبى بكر وعمر وعثمان وعلي. . فوجدناها ثلاثين  سنة. . قال سعيد: قلت له: إن بني أمية يزعمون ان الخلافة  فيهم. قال: كذبوا بني الزرقاء! بل هم ملوك من شر الملوك -  رواه أصحاب السنن بسند حسن.

وأحسب لقد كان بنفسي - وأنا اعرض النظام الاجتماعي  في الإسلام - أن أقول شيئاً كالذي قاله مولى رسول الله صلى الله  عليه وآله وسلم - لا عداء شخصياً لبني امية، ولكن تبرئة للإسلام

من أن تحسب عليه سياسة لا يعرفها، لا في الحكم ولا في المال.  والإسلام منها بريء، فيجب أن يعرف الناس براءته، وأن  يعرض عليهم في صورته التي عرفتها الخلافة السمحة، وان ينفي  عنه ما لحقه في عهود الظلام والاستبداد.

وما كان لي بعد هذا، وأنا مالك زمام اعصابي، مطمئن إلى  الحق الذي أحاوله، أن القي بالاً إلى صخب مفتعل، وتشنج  مصطنع. . وما كان لي إلا أن ادعوا الله لصديقنا شاكر بالشفاء  والعافية، والراحة مما يعاني، والله لطيف بعباده الأشقياء.

أما أنا فما احب أن يكون لي مع قوم خرجوا على خليفة  رسول الله، وقتلوا ابن بنت رسول الله، ورموا وحرقوا بيت الله،  وساءوا في سياسة الحكم وفي سياسة المال على غير هدي الله. .  أدب ارفع من أدب مولى رسول الله، الذي أدبه ورباه!!!

اشترك في نشرتنا البريدية