عزيزي الأستاذ الزيات يسرني أن أنقل إليكم ما لمسته في أجواء الأدب عندنا من ارتياحها إلى مقالكم البليغ الشائق عن (رأي الرافعي في الأستاذين طه والعقاد) ، وتشوقها إلى الاستزادة في تسجيل هذه الأحاديث الطريفة التي يتناقلها كبار الأدباء في مجالسهم الودية الخالصة حيث تتجرد النفوس من ملابسات الخصومة، وتبرأ من نزوات الضغينة، وتتخفف من أحقادها الطارئة وبدواتها العارضة. . .
وفي الحق أنك كنت ظريفاً لبقاً في حديثك مع الرافعي فقد استطعت - في شيء من مكر الصحفي - أن تستدرج الرجل وتستخرج من فمه - في غفلة من غرائزه النائمة - هذا الحكم السديد الرشيد في أدب الأستاذ العقاد. وهنا أحب أن أوجه سؤالاً إلى الأستاذ الكبير العقاد أظنه يتردد على لسان كل قارئ عربي مثقف.
قد رأيت يا سيدي الأستاذ أن الرافعي قد استطاع أن ينسى الماضي بأحقاده وضغائنه فاعترف لصديقه الزيات أن كتابه (على السفود) لم يكن وحياً من الله وإنما كان رجساً من عمل الشيطان. ولم يقف اعترافه عند هذا الحد بل عمد إلى تحليل مذاهبك الأدبية بنزاهة عجيبة.
فهل لنا أن نأمل منك أن تحدثنا بفصل تنشره في الرسالة عن رأيك الصحيح الصريح في أدب الأستاذ الرافعي فتنصف هذا الأدب من أن يتهجم عليه أولئك الذين ارتجلوا حرفة الأدب ارتجالاً وانتحلوها انتحالاً. . . إن جمهرة القراء عندنا لتستشرف نفوسها جميعاً إلى علالة منك تبل بها الصدى؛ وحديثك الصحيح الصريح في أدب الرافعي هي العلالة التي يرتقبونها من زمان بعيد فهل يتحقق هذا الرجاء؟ وهل تصدق هذه الأمنية؟ إنا لمنتظرون. . . (حمص)

