أنا يا سيدي من المعجبين بما تكتب وما تنشر، وقد أزداد إعجابي بهذه الصور التي ترسمها ريشتك الساحرة على صفحات الرسالة الغراء , والتي تنقلها من صميم الحياة والواقع.
غير أن قصتك الأخيرة (خيانة امرأة) كانت من غير الواقع أو هكذا خيل إلي، فقد تحدثت فيها عن مأساة رجل أحب فتاة مثقفة وتزوجها، ثم ساوره الشك في إخلاصها له فراقبها، ويروي قصة اكتشافه لخيانتها بقوله ( ومرض رئيسي يوماً فتغفلت رفاقي في المكتب، وتسللت من الديوان، تسللت لأجد زوجتي في داري تجلس إلى رجل غريب على سريري في غرفة نومي، وأفزعني المنظر، فصرخت من أعماق قلبي (آه المرأة المتعلمة كالثعلب تمكر بصاحبها حتى يقع في شباكها ثم لا تلبث أن تذيقه وبال غفلته وحمقه. وخرجت من الدار وقد ضاقت الأرض عليُّ بما رحبت وضاقت علي نفسي. . .)
وجاء إليك ينشد الحل فعرضت مشكلته على قرائك. أريد أن أسألك أهذه القصة من واقع الحياة؟ وهل هناك رجل يرى
زوجته مع رجل غريب على فراشه. فلا تظهر آثار رجولته وغضبه إلا في خطاب يخاطب فيه نفسه بكلام يشبه الفلسفة؟ أهذا الرجل في الشرق أم في الغرب؟
إلى سيدي وأستاذي كمال الدسوقي كم كنت أتمنى أن يكون لي بيان الأدباء، وأسلوب الشعراء فإنظم لك من كلماتي تاجاً رقيقاً أضعه فوق رأسك المفكر!!
لقد كان لمقالاتكم القيمة أكبر الأثر في نفوسنا الغضة فأقبلنا على مسابقة الفلسفة بقلوب متعطشة بعد أن غرست في نفوسنا حب الفلسفة. وقيمة البحث والإطلاع.
وبالرغم من قيمتها العلمية الثمينة فقد كانت تحوي توجيهات كريمة وإرشادات نافعة، وحثاً إلى التعمق في البحث. وكم كان جميلاً حقاً أن توجهنا إلى المسابقة وتجعل لنا أسوة حسنة في فيلسوفنا العظيم لطفي السيد باشا إذ كان وزيراً للخارجية ولم تشغله مهام منصبة عن التعمق والتأليف. لقد كنت أنت نعم القدوة الحسنة؛ فإنك إلى جانب تأديتك تلك الرسالة النبيلة. وهي التعليم لا تألو جهداً في التعمق والبحث وتأليف تلك الدرر الثمينة في عالم الفلسفة! فجاء بحثك يا سيدي قيماً للغاية بعد أن نفحت
فيه من روحك الوثابة، ونفثت فيه عصارة عقلك الجبار وحيويتك المتدفقة.
ولن أطيل الكلام يا سيدي، فإنك فوق أن تمدح، وفوق أن يثنى عليك. وإذا كان النهار في حاجة إلى دليل كان فضلك وعلمك في حاجة إلى بيان.
فإليك أتقدم بتلك الهمسة من شكري وتقديري. ويكفيك فخراً يا سيدي أنك خلقت عقولاً ناضجة تسعى إلى المعرفة وأوجدت نفوساً متعطشة للبحث.
المنصورة
