السلام عليكم: وبعد فقد جاء في بحثكم الممتع في العدد ٤٠٤ من الرسالة الغراء ما يلي: (في درة الغواص في أوهام الخواص: ويقولون: بعثت
إليه بغلام، وأرسلت إليه هدية، فيخطئون فيهما؛ لأن العرب تقول فيما يتصرف بنفسه: بعثته وأرسلته، كما قال تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا) وتقول فيما يُحمل: بعث به وأرسلت به، كما قال سبحانه إخباراً عن بلقيس:(وإني مرسلة إليهم بهدية) فعقبتم على ذلك في الحاشية بقولكم: (قلت: هل يرى الحريري الريح والصيحة والحاصب مما يتصرف بنفسه؟ ففي الكتاب: (إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً) ، (إنا أرسلنا عليهم حاصباً) ، (إنا أرسلنا عليهم صيحة) . . .)
قلت: الإرسال في هذه الآيات الكريمة بمعنى التسليط ، لا بمعنى التوجيه، فليس يقال في مفعوله: (إنه مما يتصرف بنفسه، أولا يتصرف) ، حتى يتفرغ عليه دخول الباء عليه أو عدم دخولها؛ إذ يمتنع أن يقال: سَلَّط عليه بكذا
ومن أمثلة الإرسال بمعنى التسليط قول الأساس: أرسل كلبه وصقره على الصيد، أرسل الله عليهم العذاب
وإكمالاً للبحث نورد ما جاء في (التاج) قال: (والإرسال التسليط، وبه فُسِّر قوله تعالى: (إنا أرسلنا للشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً) ، أي سُلّطوا عليهم وقيضوا لهم بكفرهم. والإرسال أيضاً التوجيه، وبه فسر إرسال الله عز وجل أنبياءه عليهم السلام) هذا ما عنَّ لي أعرضه على الأستاذ المحقق
