في المغرب العربى اليوم وثبة ، يرمقها العالم كله باكبار وتجلة ، ويفسح من اجلها للمغرب الكبير مكانه ، ويحله من مجالسه العظمى المحل اللائق . وينصبه في مقامه المحمود
ونحن نظلم المغرب وابناءه ان زعمنا ان " العالم " هو الذي هيا للمغاربة هذه المقاعد التي يقتعدونها ؛ لان ابناء المغرب هم الذين حطموا بايديهم صنم " الاستعمار " المقيت ، واستعاضوا عنه بهيكل . . بنوه بإيديهم الصناع ، وطلوه بنجيع ابنائهم ، لا لانهم جاهليون يحبون ان يظل نداء الدم فصيحا صريحا ، ولكن لانهم متمدينون يحبون ، ان يذكروا دائما ان هذه الدماء هى ثمن ذلك الهيكل الذي سينتصب فوقه تمثال " المغرب الكبير " ليدلهم هذا على ان " الحرية الحمراء " فى كل امة لم يحمر اديمها الا لانها مهرت نجيعا قانيا ، واريقت على جوانبها دماء الاعداء والابناء قربانا
هذه هي الذكرى التى يريد المغرب العربي الكبير ان لا تغيب عنه ابدا ، ليحتفظ بحريته الذاتية الغالية ، وليحترم حرية الآخرين ، وليساعد بكل ما يملك من حول على تحرير المتخلفين عن ركب الاحرار فى أية نقطة من العالم .
وهذه هي الروح التى استقل بها المغربان الادنى والاقصى ، والتى يجاهد بها المغرب الأوسط ، ويتخذها ذريعته - الصادقة - الى الاستقلال والتحرر .
وهذه بالاخارة - هى الروح التى حلقت بقادة تونس ومراكش في اجواء الاماني وحملتهم على جناحى العزة والكرامة ، الى بعض ناطحات السحاب في " نيويورك " حيث تنعقد جلسات الجمعية العمومية للامم المتحدة التى افسحت لهم المجال بين الامم الحرة المستقلة كاملة السيادة . وهى عينها الروح التى رفعت قضية الجزائر المكافحة الى العمارة نفسها ، وجعلت احرار العالم يزمعون مناقشتها لتلحق " الجزائر " بقافلتهم ، ولتقيم مناقشتهم تلك الدليل على انهم اوفياء لمبادئ الامم المتحدة .
على ان هذه الروح لم تسيطر على السياسة وحدها . بل سيطرت على شؤون الثقافة والفكر كذلك ، وحملت جمعا آخر من رجالاتنا وقادة الراى فى مغربنا هذا الكبير إلى عاصمة بلاد الحكمة الحالمة : " دلهي " ، حيث تنعقد جلسات منظمة الامم المتحد للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو : U.N.E.S.C.O ليساهموا في اعمالها ، ويسجلوا وجودهم فى محفلها العالمى الواعى
اليس هذا بشيرا بان مغربنا الكبير دخل التاريخ الجديد ؟ ثم الا يفرض على ادبائنا وصحفنا الادبية ، واحرى " الفكر " عملا جديدا ؟ ان " الفكر " يشعر ان اقل ما يفرضه عليه هذا الطور المجيد من حياة المغرب العربى ، هو ان يسجله على صفحاته التي هى منه واليه .
