الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 228الرجوع إلى "الرسالة"

اكتشاف جديد لسر التحنيط

Share

هل اكتشف العلم الحديث أخيراً سر التحنيط عند الفراعنة؟  هذه مسألة تعنى بها الأوساط العلمية في أوربا وأمريكا منذ حين  عناية خاصة، وتبذل الجهود من آن لآخر للوقوف على سر ذلك  المحلول العجيب الذي كانت تنقع فيه الجثث المحنطة فيكفي لحفظها  من العطب والتحلل آماداً طويلة، بل آلافا مؤلفة من السنين كما  تشهد به موميات الفراعنة التي تحتفظ بها مصر وكثير من المتاحف  العالمية. ولقد كان التحنيط على هذا النحو فناً من فنون المصريين  القدماء برعوا فيه إلى الغاية؛ ولكن تسربت منه على ما يظهر  في العصر القديم معلومات إلى بعض الأمم المعاصرة كالآشوريين والفرس؛ بيد أنه لم يبلغ في حضارة من الحضارات القديمة مثل  ما بلغه عند المصريين القدماء

وقد بذل العلم الحديث محاولاته لاكتشاف هذا السر مهتدياً  بما كتبه المؤرخ اليوناني الكبير هيرودوت عن التحنيط عند  الفراعنة حسبما شاهده ودرسه بنفسه لدى المحنطين المصريين وهم  الرهبان في ذلك العصر؛ ولكن رواية هيرودوت لم تلق قط على  حقيقة المواد التي كانت تستعمل ضوءاً كافياً، وكل ما هنالك أنه  يتحدث عن محلول   (النترول) . وفي أواخر القرن الماضي استطاع  بعض العلماء الألمان أخيراً أن يهتدي إلى مركب تحفظ به الجثث  المحنطة ولكن إلى أعوام قلائل

والآن تحمل إلينا الأخبار من إيطاليا أن المباحث التي كانت  تجرى منذ حين في جامعة تورينو قد انتهت بالوقوف على سر المحلول  الفرعوني للتحنيط، وأن الكيميائي الإيطالي السنيور سالفاتوري  بيروتا قد استطاع أن يهتدي إلى محلول تحفظ به جثث الحيوانات  المحنطة أعواماً طويلة دون أن يصيبها البلى، بل تبقى كأنها  حية تماماً. ويقول أساتذة المعهد الكيميائي بجامعة تورينو إن  بيروتا قد استطاع حقاً أن يقف على سر التحنيط بهذا الاكتشاف؛

على أنه يبقى أن تثبت التجارب العلمية ما إذا كان هذا المحلول الذي  اكتشفه العالم الإيطالي يكفي لحفظ الجثث آماداً طويلة، وهذه  هي عقدة المسألة كلها. وقد كان بيروتا طالباً في معهد تورينو  وتخرج فيه، ولكنه اضطر لفقره أن يلتحق بوظيفة صغيرة؛  إلا أنه شغف بالتجارب الكيميائية وأنشأ له معملاً صغيراً في منزله  وأجرى فيه تجاربه؛ ولما وقفت الجامعة على جهوده سارعت لمعاونته  ووضعت معملها الكبير تحت تصرفه حتى اهتدى بتجاربه العديدة  إلى اكتشافه المذكور

اشترك في نشرتنا البريدية